د. كمال عبدالملك*

شريط الاخبار:

د. كمال عبدالملك*

* باحث زائر في جامعة هارفارد

أرشيف الكاتب

  • قليلون في تاريخ الأدب العالمي نالوا ما ناله شكسبير من مجد، وأقلّ منهم تركوا وراءهم هذا القدر من الغموض، فعلى الرغم من عشرات المسرحيات ومئات القصائد، لم يخلّف لنا أثراً يكشف عن عالمه الداخلي أو ينير منابع حزنه ودهشته. لكن ما نعرفه هو أنّه
  • يمثّل كلٌّ من ولفريد ثسيجر (1910-2003) وريتشارد برتون (1821-1890) نموذجاً للمستكشف الغربي الذي شدّ الرحال إلى جزيرة العرب، لا بدافع الفضول وحده، بل بشغفٍ يلامس حافة الهوس، ورغبة في سبر عالمٍ كان في نظر الأوروبيين مغلقاً وساحراً. ومع أنّ
  • إلى جانب المسكّنات والطعام والتكنولوجيا، يحذّر أحد الأطباء النفسيين الأميركيين من احتمال أن يتحوّل الانتقام - أو حتى التفكير فيه - إلى نوعٍ جديدٍ من الإدمان. يَعرِف الطبيب النفسي جيمس كيميل هذا الخطر جيداً، فقد كاد في يومٍ من أيام مراهقته،
  • الرعب والبهجة 01 نوفمبر 2025
    حين وصلنا إلى الولايات المتحدة عام 1992، لبداية عملي أستاذاً في جامعة براون، فوجئتُ باقتراب احتفالٍ لم أعهده من قبل: الهالوين، ذاك العيد الأميركي الغريب، الذي تتجاور فيه الضحكة مع الرعب، والطفولة مع الأشباح. كان يبدو لي في البداية احتفالاً
  • أقامت مكتبة هوغتون في جامعة هارفارد معرضاً بعنوان «شرطة الأزياء: ضبط مظهر المرأة عبر العصور»، عُرضت فيه شواهد تاريخية تُظهر كيف كان اللباس عبر الزمن أكثر من مجرد قطعة قماش، بل وسيلة تعبر عن الانتماء والالتزام بالقيم الاجتماعية. فمنذ القرون
  • لا نصر في الحرب 17 أكتوبر 2025
    لم تكن الحرب العالمية الأولى مجرّد صراع بين امبراطوريات تتقاسم الأرض والهيمنة، بل كانت زلزالاً بشرياً مدمّراً حطّم أوهام المجد، وجرّد الإنسان من إنسانيته. هناك، بين الخنادق الموحلة، وسماء تُمطر ناراً وغازاً، انهار معنى البطولة القديمة،
  • ليست الأندلس قصة من الماضي أو أطلال حضارة اندثرت، بل تجربة إنسانية حيّة تُعلّمنا كيف يمكن للعقل أن يتفوّق على التعصب، وللحوار أن يكون طريقاً للسلام لا ميداناً للصراع. في قرطبة وغرناطة وإشبيلية، عاش الناس قروناً في تناغم قلّ نظيره، يجمع بين
  • مازلتُ أحتفظ في ذاكرتي بلقائي مع المستشرقة الألمانية Annemarie Schimmel آن-ماري شِمِّيل (1922–2003)، ذلك الاسم الذي ارتبط في وجداني بالعلم العميق والرؤية الرحبة للثقافات الإنسانية. جمعتني بها جامعة هارفارد قبل أعوام طويلة، حيث أتاحت لي
  • تخيّلوا مدرسة بلا دفاتر ولا امتحانات موحّدة، ويقف الذكاء الاصطناعي شريكاً في رحلة التعلّم. في هذا المشهد، لا يعود الطالب أسير التلقين والحفظ، بل يدخل مغامرة معرفية مصمّمة على مقاسه، يقوده فيها المعلّم كمدرّب ومرشد، ويحفّزه الذكاء الاصطناعي
  • مرايا متقابلة 19 سبتمبر 2025
    منذ أن خضتُ تجربة تدريس الأدب العربي والإنجليزي والمقارن، أدركت أنّ النصوص، مهما تباعدت لغاتها وأوطانها، تنبض بروح واحدة، فالمعلّقة التي دوّنها شاعر في الصحراء، والمسرحية التي صاغها شكسبير على خشبة مسرح «جلوب»، والرواية التي كتبها بروست في
  • يُمثّل كل من عبدالفتاح كيليطو، وهارولد بلوم (1930–2019) قمتين بارزتين في حقل النقد الأدبي، غير أنهما ينتميان إلى ثقافات ومناهج مختلفة، ما يضفي على قراءاتهما للنصوص المؤسِّسِة تنوعاً وتبايناً غنياً. كيليطو، الأكاديمي والناقد المغربي، يتعامل
  • كم من مرّة أسَرَتنا الوجوهُ المشرقة والابتسامات العذبة، فتوهمنا أنّ وراءها قلوباً صافية ونوايا بريئة، ثم جاءت الأيام لتفضح لنا هذا الوهم. صديق لي التقى شابة فاتنة، فخُيّل إليه أنّه وجد سعادته المنشودة، وتحدّثا في أمر الزواج، لكن سرعان ما
  • تشهد الأوساط الأكاديمية في الولايات المتحدة ودول غربية أخرى تصاعداً في المخاوف بشأن تراجع حرية الأكاديميين، في ظل تحولات سياسية واجتماعية تؤثر في استقلال الجامعات وحرية التعبير داخلها. وفي عددها الصادر بتاريخ 26-8-2025، نشرت مجلة «هارفارد
  • في تاريخ الحضارات، لم يكن الحذاء مجرد غطاء للقدم، بل كان رمزاً للهوية والمكانة والطقس اليومي. في الغرب كما في الشرق، ظلّت الأحذية تروي قصة الإنسان: من الصندل الذهبي الذي خطا به فرعون، إلى الخفّ المطرّز الذي حمل أقدام البدوي بين رمال
  • يأتون من عوالم شتى وقرون متباعدة وتقاليد سردية لا يربط بينها رابط، ومع ذلك لو اجتمع عنترة بن شداد، وبيوولف، وأوديسيوس في مجلس واحد، لكان الحوار أسطورة بحد ذاته. تخيلوا معي هذا المشهد: فارس عربي جاهلي، سيّاف وشاعر في آن، يمتلك لساناً حاداً
  • في مفترق الأسطورة والتاريخ تنهض من ذاكرة البشر صورتان متقدتان كاللهيب: جان دارك، عذراء أورليان التي انتشلت فرنسا من تحت ركام الهزيمة ورفعتها على أكتاف النصر، وذات الهمة، أميرة الصحراء وسيدة السيف التي امتطت صهوة المجد في سِيَر العرب، فخطّت
  • بيتك مرآة روحك 01 أغسطس 2025
    منذ أيام شكوتُ إلى صديقي أيمن، قلة النوم وطول السهاد، سألته بنبرة من يطلب النجدة لا النصيحة: «ما السبيل إلى نوم هادئ؟»، فأجابني بسؤاله: «قل لي أولاً، سريرك إلى أين يتجه؟ شرقاً أم غرباً؟». لم أُحر الجواب بعد، حتى عاجلني بهذا التحذير: «إياك
  • بين المطبخ والمكتبة تمتد علاقة خفية شهية وعميقة الجذور. كلاهما يحتوي على رفوف، وكما يُطهى الطعام على نار المواقد والأفران، يُصاغ الأدب على نار اللغة وسخونة التجربة. وكما يتدرج الطبق من النيّئ إلى المطبوخ، يتدرج النص من الخام العفوي إلى
  • في عصرٍ يزداد فيه هوس البشرية بالكمال المصقول، والسطوح اللامعة، والسيمترية البصرية، وفي زمنٍ تُلهِب فيه الشاشات رغبتنا بالمزيد: من الشباب، من السيطرة، من اللمعان، تنهض فلسفة يابانية هادئة، عميقة، تدعى وابي-سابي، لتقدّم رؤية معاكسة، بل
  • لقد أسرتني رواية «مرتفعات وذرينغ»، للكاتبة إيميلي برونتي، بسحرها الغامض، وأسرني فيها على وجه الخصوص «هيثكليف» بطبعه الناري، وروحه الجامحة القلقة. ثمة شيء آسر في رجل يأبى أن يخضع لقوانين العالم وتقاليده، فيرحل في صمت غضوب، ثم يعود متحوّلاً
  • يوليو هو الشهر السابع في السنة بحسب التقويم الجريجوري، ويُسمى تمّوز في بلاد الشام والعراق، لماذا تتجمّع فيه أعياد الاستقلال والانتفاضات الشعبية؟ مع مطلع يوليو من كل عام، تُرفرف الرايات وتتعالى الأناشيد في ساحات العالم، إذ تحتفل أمم شتى
  • في واحدة من القصص الساخرة في كتاب «أوراق بيتركن، 1880» تسكب السيدة بيتركن ملعقة من الملح في فنجان قهوتها بدلاً من السكر. وبدلاً من الاعتراف بالخطأ البسيط، تسعى إلى «إصلاح» فساد الطعم عن طريق استدعاء نخبة من «الخبراء» لإضافة محاليل وعقاقير
  • في حدث تاريخي نادر، كشفت جامعة هارفارد أن إحدى النسخ المحفوظة في مكتبتها القانونية ليست مجرّد «نسخة مألوفة» من Magna Carta ماجنا كارتا، (الميثاق الأعظم)، بل وثيقة أصلية تعود إلى عام 1300، صادرة عن الملك إدوارد الأول، وهي واحدة من سبع نسخ
  • في روايته «الإخوة كارامازوف»، يخطّ دوستويفسكي لوحة إنسانية تفيض توتّراً وجوديّاً، وتخترق أغوار النفس البشرية بمنتهى العُمق والجرأة. لا تُبنى الرواية على حبكة بوليسية فحسب - رغم تمحورها حول جريمة قتل الأب - بل تتجاوز ذلك لتغدو محاكمة كبرى
  • في الميثولوجيا اليونانية، تبرز أسطورة بيجماليون، النحات القبرصي الذي كره نساء عصره، فصنع تمثال امرأة من العاج، كاملة الجمال، مطيعة وصامتة. المفارقة أن بيجماليون وقع في حب تمثاله، فدعا الآلهة، فاستجابت له أفروديت، ونفخت فيه الروح. هكذا
  • بعيداً عن ضجيج المدينة وتسارع المرور، استقبلنا صديقنا الإماراتي سلطان الجروان، في مزرعته الخاصة. يدعوك المكان إلى أن تخلع عنك أثقال الحياة الحديثة، وأن تُصغي للطبيعة كما كانت، لا كما تُعرض في الشاشات أو تُختزل في الحدائق المسيجة. دعانا إلى
  • ما أبهى وقع عبارة «الفرج بعد الشدة» على الأرواح المتعبة، في زمن تكثر فيه المحن ويتعالى فيه أنين الحروب، ليست مجرد كلمات، بل رجاء يضيء القلب، وخيط نور يشق عتمة اليأس، يهمس لنا بأن كل ضيق إلى زوال. قبل أكثر من ألف عام، ألّف القاضي المحسن
  • إنّ استكشاف بدايات الشعر الأميركي أشبه ما يكون بالولوج إلى برّيّة شاسعة، إنها رحلة ليست بالسهلة، لأن كثيراً من معالمها لايزال مطموراً تحت ظلال كبار الشعراء الذين جاؤوا من بعد، والتيارات الحديثة التي غمرت القديم بجديدها. في جامعاتنا العربية
  • حين يرفض القلب أن يصمت أمام غياب الأحبة يُولد الرثاء. حين يعجز العقل عن مواكبة الفقدان، ينهض ليكتب الرثاء. الرثاء صرخة خفية تتسلل من نزيف الروح، حين يخطف الموت الأحبة. الرثاء ليس غرضاً شعرياً فحسب، بل لغة القلوب حين تنوح. هو نشيج اليتيم،
  • عودة زرياب 02 مايو 2025
    في تاريخ الأندلس، قلّة هم الذين يرنّ صدى أسمائهم بنغمة مميزة كأبي الحسن علي بن نافع، المعروف بزریاب (ت. 857م). واليوم أُعيد إحياء إرث زرياب في مشروع موسيقي جريء بعنوان «زرياب ونحن: رؤية جديدة للتراث العربي - الأندلسي». جمع هذا المشروع
  • في القرن الـ14 أرسلت الصين همسها البعيد إلى رحالة مسلم من طنجة، فاستفاق قلبه على نداء لا يُرد، وحمل عصا الترحال بفرح كما يحمل العاشق وعود اللقاء، ومضى نحو المشرق، لم تكن الصين في ناظري هذا الشاب الجوال بقعة على هامش الخرائط، بل كانت أسطورة
  • في فضاء التاريخ، يلتقي ماركو بولو وابن بطوطة، كما تلتقي الرياح الشرقية والغربية على صفحة بحر واحد. كلاهما شدّ رحاله إلى الصين، لكن سفينتيهما رَسَتا على شاطئين مختلفين من الفهم والتجربة الشخصية. ماركو بولو، تاجر فينيسي شاب دخل الصين في
  • بينما كنت أتجول في متجر للأجبان، كانت روائح الأجبان المعتّقة وخبز الفرن الطازج تمتزجان في الهواء، ناولني البائع شريحة صغيرة من جبنة التشيدر cheddar. ما إن رفعتها إلى شفتيّ حتى جعلتني الرائحة والطعم أتذكر طفولتي. لم يكن الأمر مجرد طعم أو
  • في مجلة «هارفارد غازيت» بتاريخ 20 مارس، قرأت مقالاً عن آدم رودمان، طالب في سنواته الأولى في كلية الطب، كان يبحث عن معلومة تنقذ مريضاً أرهق الأطباء. استغرقت رحلته ساعتين في دهاليز مكتبة جامعة هارفارد، لكنه اليوم لا يحتاج إلا لـ15 ثانية،