غياب «فاراك» لم ينهِ العنف في كولومبيا

سكان كابسيراس يصنعون علماً للسلام. من المصدر

بعد مرور عامين على توقيع الحكومة الكولومبية اتفاق سلام مع مقاتلي الحركة المسلحة الثورية الكولومبية المعروفة باسم «فارك»، لإنهاء أطول حرب في الأميركتين، والتي خلفت 220 ألف قتيل، ونحو ستة ملايين نازح، لايزال العديد من اللاعبين المسلحين في مواقعهم القديمة، ومن بين هؤلاء العسكريين، أو القوات شبه العسكرية، أو الشرطة، أو جيش التحرير الوطني، وهي جماعة متمردة - وكذلك أعداد متزايدة من الجماعات المنشقة من «فارك»، إضافة إلى ذلك عصابات المخدرات، التي استغلت الفراغ الناشئ عن عدم وجود «فارك».

وفي باحة إحدى المدارس بمنطقة كابسيراس على ضفاف نهر سان خوان، تجمع قادة القرية والمعلمون وغيرهم في حفل، بمناسبة ما يأملون أنه سيكون نقطة تحول في حياتهم، حيث صنعوا راية سلام كبيرة، وظل كل فرد منهم يلمسها، كما لو أنها إشارة إلى تأسيس «منطقة إنسانية» محمية، بل مقدسة.

وعلى الرغم من تعهد الحكومة و«فارك»، في اتفاق السلام، باستبدال المحاصيل غير القانونية، مثل المخدرات، بأخرى قانونية، والقضاء على مساحات شاسعة من أوراق الكوكا، يظل السلام أملاً بعيداً بالنسبة لسكان كابسيراس والقرى المحيطة بها. فبعد سنوات من العنف، تعلم الناس عدم الحديث عن الجرائم التي يرونها أمامهم، والكثير من هذه الجرائم لا يتم الإبلاغ عنها. ويقول جون هيلبير موسكيرا (31 عاماً)، وهو صياد، إنه شاهد العديد من الجثث في أطراف القرية، عندما ذهب لجلب الوقود لسيارته، وإنه عثر على علم أسود وأحمر كان عالقاً بين الجثث، ويقول: هناك مجموعة شبه عسكرية جديدة في المنطقة، «ربما أرادوا إرسال رسالة إلى السكان، ربما كانوا يريدون تحذيرنا من شيء ما؟ أنا لا أعرف».

وأثارت عمليات القتل موجات صادمة في المجتمع الكولومبي من أصل إفريقي، وفرَّ معظم السكان من كلتا القريتين، تقول أربولا، وهي أم لأربعة أطفال: «تعاني أسرتي وقتاً عصيباً للغاية في الوقت الحالي». وتمضي قائلة: «ليس لديهم عمل، وليس لديهم المال، وفقدنا أخوين أحدهما كانت لديه ابنتان صغيرتان».

أما في منطقة فالي ديل كوكا، فإن الاتجار بالمخدرات ليس هو الشيء الوحيد الذي يقود العنف والتشريد بين المجتمعات المحلية، فهذه المنطقة غنية بالموارد، بما في ذلك الذهب والفحم والمياه العذبة والمحاصيل المتنوعة، حيث يشكل الاستحواذ على الأراضي، أيضاً، بؤرة صراع تنتهجه مجموعات المصالح القوية.

تويتر