18عملاً للإماراتي فريد الريس في مرسم مطر

«أحلامهم حاضرنا».. دبي بين البراجيل والأبراج

صورة

يجمع الفنان الإماراتي فريد الريس الحاضر بالماضي في لوحاته، فيلتمس المتلقي من خلال المعرض الذي افتتح اخيراً، في مرسم مطر بعنوان «أحلامهم حاضرنا»، الحنين الذي يغلف اعمال الشاب الإماراتي لزمن قد شكل فيه الآباء والأجداد القاعدة والأساس لما هي عليه دبي اليوم. هذا المزج بين الماضي والحاضر يوجده الفنان الإماراتي، من خلال حوار زمني اختار له دبي مكاناً عبر البراجيل والأبراج الشاهقة ليبين الوجوه المتعددة لإمارة، ما زال التراث في الأبنية القديمة يعانق الأبراج الحديثة البناء.

يغمس الريس لوحته بألوان التراث، فيمنحها اطلالة على البيئة المحلية، بدءاً من الألوان الترابية التي يستخدمها في الخلفيات الى جانب الأزرق الذي استخدمه في الخلفيات المائية، ليجسد المشاهد بطريقة تصويرية يفيض منها الكثير من المشاعر والأحاسيس النابعة من الانتماء للمكان، فينتقل الى مرحلة تتخطى التصوير، حيث يسقط الكثير من الإضافات على المشهد الواقعي. واللافت في أعمال الريس هو تجسيده للأماكن في مرحلة انتقالية وخطابية بين زمنين، فيبدو كأنه يبحث عن توثيق لتاريخ البلد من خلال الفن واللوحة. ويسعى الفنان الى التأكيد على أن ما وصلت اليه دبي بأبراجها الشاهقة ليس إلا امتداداً للبراجيل التي بنيت في القدم، فيجمع بين قمة برج خليفة وقاعدة البرجيل في احدى اللوحات، بينما تشكل في أخرى سفينة الصيادين الذين غاصوا لاستخراج اللؤلؤ مقابل آلة استخراج النفط.

يجمع الريس بين الأصالة والحداثة في المعرض الفردي الأول الذي يستمر حتى 11 من الشهر الجاري، مستخدماً الألوان المائية، التي تعد المادة الأصعب في الرسم، خصوصاً التصويري الذي يحتاج الى عناية في تركيب التفاصيل. بينما نجد لديه نزعة الى التماهي في التجريد اللوني من خلال المزج بين العناصر المختلفة في اللوحة، بأسلوب قد لا يرتبط بالواقع في بعض الأحيان، وينغمس بلغة الحنين عبر المباني المهجورة أو البساطة في الأبنية غير المرممة. كل هذه العناصر التي يجمعها في اللوحة تجعل تأثر الفنان الشاب بتجربة عمه عبدالقادر الريس واضحة وجلية للمتلقي الذي يحرص الريس على مخاطبته بلغة سردية مباشرة. لا تقتصر أعمال الريس على المشاهد التصويرية للبيئة والأبنية، حيث نجد للوحاته صدى اجتماعياً، فيحملها بعض الصرخات والتعابير المنطلقة من رفضه الكثير مما يحدث في واقعنا الاجتماعي والسياسي. يتخذ الأيدي البشرية وسيلة للتطرق الى هذه المشكلات، فلا يرسم وجوه الأشخاص، بل يرتكز التعبير لديه من خلال حركات اليد. وبالعودة الى تاريخ رسم اليد في الفن، فقد برزت اليد بشكل أساسي مع الفنان الألماني ألبريخت دورر (1471- 1528)، وفي مرحلة لاحقة مع الفنان الفرنسي ألبرت ديغا (1834- 1917)، فكانا أكثر الفنانين الذين عملوا بجد على الأيدي نظراً لصعوبة تجسيدها في الفن والدقة التي تتطلبها. ويعد نزوع الريس للتعبير من خلال الأيدي، تحدياً جديداً يضيفه الفنان الى نفسه، ليعبر من خلالها عن المكنونات البشرية، فهي الوسيلة التي تحكي الكثير عن الرفض أو الانكسار أو المساعدة، تماماً كما جسدت بلوحة «بأي ذنب قتلت»، التي تحكي تعذيب الطفولة أو حتى التي حملت بعض العذابات الانسانية ومنها «لأجلك سأبقى»، أو «واقع وحلم»، بينما أتت اليد المساعدة من خلال صيادي اللؤلؤ الذين ينشلون الغواص من تحت الماء. وقال الريس لـ«الإمارات اليوم» عن معرضه الذي قدم فيه 18 عملاً، «ركزت على اسم المعرض من خلال طبيعة الأعمال التي أرسمها، وذلك لأن البعض يرى ان الحياة الحالية التي نعيشها اليوم منفصلة عن الماضي الذي بناه أجدادنا، لذا حرصت على ابراز العلاقة الوطيدة بينهما». وأضاف «ما نراه اليوم كان أحلام الماضي، فالازدهار اليوم هو أحلامهم بالأمس». أما اهتمامه بالعمارة، فلفت الريس الى أن العنصر الغالب حول البيئة هو المباني، ولكن هذا لا ينفي استخدامه لعناصر البيئة من البحر والنخل والسفن، ولكن لأن المباني القديمة، مهمة، ولأن الازدهار الحالي قد يؤدي في مرحلة معينة الى اندثار بعض وجوه الماضي، لذا من واجب الفنان الإماراتي التوثيق.

اعتبر الريس ان الحنين الى الماضي ليس خفياً في لوحاته، ولكنه كفنان لا يأسره الماضي، بل يحمل اللون المزج بين الماضي والحاضر، مشيراً الى أنه لا يسعى الى المقارنة بقدر ما يقوم على الربط بين المرحلتين. وأردف قائلاً، «التراث ليس المادة الدسمة بالنسبة لي، ولكن من الضروري ان نصحح المعتقد على ان التراث استهلك في اللوحة، لأن مهمة الفنان ان يبرز جماليات جديدة، ويعرضها بألوانه الخاصة كيلا يكون العمل تصويرياً بحتاً». ورأى أن الفنان ابن بيئته ودائماً الفنان يبدأ بالموضوعات التي تنتمي الى بيئته المحلية، حتى يكون في مرحلة لاحقة أسلوبه الخاص. أما اليد في أعمال الريس، فلفت الى انها الوسيلة التي يعبر من خلالها، اذ يبتعد عن تجسيد الوجوه بسبب التعاليم الدينية، وقد لفتته اليد، لاسيما من خلال حركات أيادي الأطفال الذين يعبرون بصدق من خلالها، مشيراً الى ان الفنان يجب ان يعبر بصدق عن القضايا المحيطة دون تكلف، وأن يخاطب المتلقي بطريقة مباشرة. أما المعرض فقد استغرق التحضير له ثلاث سنوات، وقد توقف الريس خلال العامين الماضيين عن المشاركة في معارض جماعية كي يتمكن من تجميع اللوحات، لاسيما أن العمل الواحد يستغرق شهرين.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/03/12931_EY_01-03-2014_p245.jpg

 

تويتر