عام «البط الأعرج»

2018 يشهد أداء سيئاً لعدد من أكثر القادة «تواضعاً» في الذاكرة الحية

ترامب مثال سيئ للتخبط في الحكم. أ.ب

ترامب وإخفاقاته

يتصدر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قائمة أكثر قادة العالم فشلاً، حيث يحاول كل يوم إقناع الأميركيين بأن انتخابه كان جيداً لهم. سوق الأسهم التي كان فخوراً بها تختفي رويداً، العجز المالي هو الأعلى منذ عام 2012. وعلى الرغم من الحروب التجارية، فإن العجز التجاري بلغ أعلى مستوى له منذ 10 سنوات. ووصل معدل بقاء المسؤولين الرئاسيين في مناصبهم إلى مستويات كارثية: حيث تم استبدال 65٪ من مسؤولي ترامب من الفئة «أ»، منذ انتخابه وحتى 14 ديسمبر، وفقاً لمعهد بروكينجز، ولا يشمل ذلك أعضاء مجلس الوزراء (12 تم استبدالهم من ضمن 24 مسؤولاً في مجلس الوزراء، والـ13 الآن هو وزير الدفاع جيمس ماتيس، المستقيل من منصبه). ويواجه ترامب مشكلة في ملء الشواغر التي كانت مرغوبة في الماضي، كما أن المسؤولين الذين طردهم، والذين استقالوا من مناصبهم طواعية، كانوا أحياناً لا يتورعون في انتقاده – ولو حدث مثل هذا الوضع في شركة لكان قد أودى بأسهمها للحضيض.

الأضرار التي ألحقها ترامب بالدور الأميركي في العالم، بدأت تظهر للتوِّ في كل مكان تقريباً (مع بعض الاستثناءات مثل إسرائيل وكوريا الجنوبية)، فقد تراجعت وجهات النظر المواتية للولايات المتحدة، وأصبح الناس مقتنعين بأن الولايات المتحدة لا تهتم بمصالح الدول الأخرى، وأن التحالفات تتراخى، والنظام العالمي المتعدد الأطراف يئن تحت وطأتها.

ماي وصفقة «الخروج» اليائسة

تجاهد حكومة تيريزا ماي لإخراج البلاد من الاتحاد الأوروبي، متجاهلة تماماً حقيقة الاقتصاد المتردي، وتباطؤ الاستثمارات التجارية، وتزايد العجز التجاري. واستخفت بشروط الخروج التي رفضها الاتحاد الأوروبي منذ البداية. وبعد أن استطاع فريق الاتحاد الأوروبي، المكون من مفاوضين ذوي كفاءة فائقة، أن يتغلب على ممثلي ماي، صاغ هؤلاء الممثلون في نهاية المطاف صفقة بائسة لا أحد يريدها حقاً، ولا حتى الاتحاد الأوروبي نفسه، على الرغم من أنها تصب بشدة في صالحه. ومع ضعف الدعم الذي تتلقاه، حتى من داخل حزبها، واستنفاد خياراتها التفاوضية، فإن ماي الآن تعد البلاد لسيناريو خروج «من دون صفقة»، والذي من شأنه أن يسبب اضطراباً هائلاً لملايين الأرواح، وإن الخيار الوحيد المعقول، هو تصويت جديد حول عضوية الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة، التي اكتشفت هذا العام أنه قد تم تضليلها من قبل نشطاء كذبوا بشأن عواقب الانسحاب.

ماكرون يتهاوى

بعد هذين المثالين الصارخين لسوء الإدارة وعدم الكفاءة في كلٍّ من أميركا وبريطانيا، فإن الأمور في العالم لا تبدو أفضل بكثير. في العام الماضي، بدا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بخططه الإصلاحية الشاملة ورؤيته الكبرى لاتحاد أوروبي متماسك، كأنه أمل العالم الغربي الكبير. لكن نهاية العام شهدته وهو يتراجع في وجه أقوى ثورة في دولة غربية حتى الآن، يغذي وقودها «فيس بوك»، والمتمثلة في حركة «السترات الصفراء»، التي بدأت كتظاهر ضد زيادة صغيرة في ضرائب الوقود، لكنها نمت واشتعلت واشتد أوارها لتصبح تمرداً عنيفاً ضد النخبة الفرنسية. وقوض ماكرون خططه الإصلاحية الطموحة، بعد أن تخلى عن زيادات في الضرائب أمام ضغط ذوي السترات الصفراء، تصل قيمتها إلى 11 مليار يورو (12.5 مليار دولار) في السنة، حتى إن هذه التنازلات لم تنعش شعبيته، التي وصلت مستوى سيئ، بلغ 27% في استطلاعات الرأي العام.

المهاجرون يودون بميركل

قضت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، معظم العام الماضي (2018) متوترة بسبب تمرد مفتوح داخل حزبها، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وشقيقه البافاري، الاتحاد الاجتماعي المسيحي. وشل المتمردون المحافظون الحكومة بمطالباتهم بسياسات أكثر صرامة تجاه الهجرة، وقادوا ميركل إلى معارك مرهقة في الغرف الخلفية ما أدى إلى استنزاف قواها، وجعلها غير مبالية في بعض الأحيان. كان أداء الاتحاد سيئاً في عمليتين انتخابيتين مهمتين، ما اضطر ميركل للتخلي عن قيادة الحزب. وعلى الرغم من أن خليفتها المختارة، أنغريت كرامب كارينباور، فازت بانتخابات القيادة في وقت سابق من هذا الشهر، بفوزها على فريدريش ميرز الأكثر تحفظاً، فلم يلتئم شرخ الانقسام في الحزب، ولم تتصرف ميركل بشكل أكثر حزماً، بعد أن انزاحت عنها أعباء الحزب السياسية. وأفضل ما استطاعت فعله هو ضمان الاستقرار، الذي ينظر إليه العديد من الألمان كركود في وقت تتخلف فيه البلاد عن غيرها في مجال التكنولوجيا ونقص الاستثمار في مجالات مثل التعليم والبنية التحتية.

اقتصاد إيطاليا نحو الركود

أقرت الحكومة الشعبوية في إيطاليا ميزانية خيالية، وأدرجت ضمنها بنداً للراتب الأساسي العالمي، وتصارعت مع الاتحاد الأوروبي بشأنه، لتضطر في نهاية الأمر لتخفيض توقعاتها غير الواقعية بشأن الميزانية، بينما ينزلق اقتصاد البلاد نحو الركود.

تيار شعوبي ينمو في إسبانيا

وفي إسبانيا، ظلت حكومة يمين الوسط، بقيادة ماريانو راخوي، تئن تحت وطأة فضائح الفساد، وأمضى رئيس الوزراء، المنتهية ولايته، يوماً كاملاً متخفياً في أحد المطاعم، حيث قام منافسه الاشتراكي، بيدرو سانشيز، بإخراجه من الحكومة في نوع من الانقلاب البرلماني. ومع ذلك لا يبدو أن سانشيز يبلي بلاء حسناً في منصبه، حيث تعاني حكومته الفضائح، ويواجه احتمال تجدد الاضطرابات من قبل الانفصاليين الكاتالونيين، الأمر الذي جعل من المستحيل تقريباً على راخوي التركيز على أي شيء آخر. الآن، وللمرة الأولى منذ عقود، يكتسب حزب «فوكس»، ذو النزعة القومية الشعوبية، شعبية، ويحظى بالتمثيل في البرلمان الإقليمي في الأندلس.

عام جديد دون حكومات في السويد.. ولاتفيا.. وبلجيكا

تدخل السويد ولاتفيا العام الجديد دون حكومات بعد انتخابات غير حاسمة، وأشهر من مفاوضات الائتلاف. وفي السويد، تحاول الأحزاب الراسخة مواجهة منافس شعوبي قوي على نحو متزايد. وفي لاتفيا، تود المؤسسة إشراك التيار الشعوبي المتنامي، لكي تتغلب على حزب قوي يعتبر مؤيداً لروسيا، لكن النتائج هي نفسها: شرخ سياسي لم يسبق له مثيل في تاريخ البلدين. وفي بلجيكا، تم إسقاط الحكومة للتوِّ من قبل حزب قومي يناضل ضد اتفاقية غير ملزمة للهجرة تبنتها الأمم المتحدة، والتي وافقت عليها بلجيكا مع 163 دولة أخرى.

لم يكن عاماً جيداً للرجال الأقوياء

أعيد انتخاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لكنه شهد منذ ذلك الحين انخفاضاً في شعبيته، بعد إقراره زيادة غير موفقة في سن التقاعد، وبعد أن دخل الاقتصاد الروسي في حالة من الركود، وبعد أن أصبح سيئ السمعة في الخارج، بسبب سلسلة من الإخفاقات العامة من قبل جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي العدواني، وأيضاً بسبب فشل بوتين في بناء علاقة عمل مع الولايات المتحدة.

ويدخل رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، عام 2019 بعد أن خسر الانتخابات في ثلاث ولايات، كان حزب بهاراتيا جاناتا مهيمناً فيها بالسابق. عجرفة مودي والآثار الدائمة لأخطائه السياسية، مثل سحبه الكارثي لـ86% من النقد من التداول عام 2016، هي المسؤولة جزئياً عن إضعاف سيطرته على السلطة. واستقال محافظ البنك المركزي، أورجي باتيل، في وقت سابق من الشهر الفائت بعد محاولات مودي المتكررة لإضعاف استقلال البنك، والتحكم في احتياطاته. وعلى الرغم من النمو الاقتصادي القوي، فإنه لم يكن شاملاً كما وعد مودي؛ وبلغ معدل البطالة أعلى مستوى له في عامين، في أكتوبر الماضي.

تركيا وضعف الليرة

عزز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، سلطته بعد فوزه في الانتخابات، لكنه أساء إدارة اقتصاد تركيا. وتتوقع بلومبيرغ أن تغرق البلاد في الركود، بدءاً من الربع الأول من العام الجديد، وذلك بسبب أداء العملة الوطنية (الليرة)، الذي كان ثاني أسوأ أداء لعملة في العالم بعد البيزو الأرجنتيني، حيث خسرت نحو 29% من قيمتها مقابل الدولار الأميركي.

موقف ترودو ورئيس جنوب إفريقيا لا يبعث على التفاؤل

حتى الاستثناءات القليلة لسوء إدارة الحكومات في عام 2018 لا تبعث الكثير من الثقة، حيث تتجه شعبية رئيس الوزراء الكندي، جوستين ترودو، نحو الأسفل قبيل انتخابات هذا العام، على الرغم من عدم ارتكابه أي أخطاء كبيرة.

ولم يتمكن رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، من اجتثاث الفساد الذي تعهد بالقضاء عليه، على الرغم من أنه أعاد ثقة المستثمرين. إلا أن جهوده لمكافحة الفساد لم تسفر عن نتائج سريعة، وهناك مخاوف من استمرار حملة إعادة تخصيص الأراضي في البلاد.

الرئيس الصيني يستجدي تعاطف الأوروبيين

الأكثر إثارة للاهتمام هو أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، الذي تجنب الأخطاء الكبرى لسنوات، ربما يكون قد حقق بعض النتائج في عام 2018. ومن غير الواضح ما إذا كان قبوله تحدي ترامب في الحرب التجارية فكرة جيدة. ورغم قوتها الاقتصادية، لاتزال الصين دولة متوسطة الدخل تعتمد بشكل كبير على التجارة، وقد يكسب شي تعاطفاً في أوروبا في حربه ضد ترامب، لكن الأوروبيين ليسوا حلفاء طبيعيين للصين. وقد يكون إظهار قوة شي سابقاً لأوانه، وسيتضح ذلك خلال العامين المقبلين.\

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.


المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، قضت معظم 2018 متوترة بسبب تمرد مفتوح داخل حزبها، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وشقيقه البافاري، الاتحاد الاجتماعي المسيحي. وشل المتمردون المحافظون الحكومة بمطالباتهم بسياسات أكثر صرامة تجاه الهجرة، وقادوا ميركل إلى معارك مرهقة في الغرف الخلفية، ما أدى إلى استنزاف قواها، وجعلها غير مبالية في بعض الأحيان.

تويتر