باريس تحث روسيا وإيران على وضع حد للقصف السوري على مناطق المعارضة

تركيا تستهجن تصريحات فرنسا عـن عمليتها في شمال سورية وتعتبرها «إهانات»

الدخان يتصاعد فوق بلدة عفرين نتيجة عمليات القصف. أ.ف.ب

نددت فرنسا، أمس، بعمليات القصف في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، ودعت روسيا وإيران، بصفتهما حليفتين للنظام السوري، إلى وضع حد للهجمات على وجه السرعة، وضمان دخول المساعدات إلى هذه المناطق، في حين اعتبرت أنقرة تصريحات فرنسا عن العملية التركية في منطقة عفرين في شمال سورية «إهانات».

وتفصيلاً، نددت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، بسلسلة من عمليات القصف في مناطق تسيطر عليها المعارضة في سورية، وقالت المتحدثة باسم الخارجية أنييس فون دي مول، في بيان «من الضروري أن تقوم روسيا وإيران، الضامنتان لعملية آستانة وحليفتا نظام دمشق، بوضع ترتيبات لوقف القصف، ووصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين بسلام وبشكل كامل ودون عراقيل».

ووصفت المتحدثة الهجمات في محافظة إدلب ومنطقة الغوطة الشرقية بأنها غير مقبولة، قائلة إن عمليات القصف التي تستهدف مستشفيات ومدنيين هي انتهاك للقانون الإنساني الدولي.

في الأثناء، استهجن وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، أمس، التحذير الذي وجهه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بخصوص الهجوم التركي في شمال سورية، مؤكداً أن فرنسا «لا يمكنها إعطاء دروس» لتركيا.

وقال تشاوش أوغلو، رداً على أسئلة صحافيين في أنقرة «لا فرنسا، ولا أي دولة أخرى، يمكنها إعطاء دروس لتركيا. إنهم يعلمون جيداً ما هو هدف هذه العملية».

وأضاف أوغلو أن أنقرة تعتبر تصريحات فرنسا عن العملية التركية في منطقة عفرين «إهانات».

وتابع أوغلو أن الأمر يتطلب إحياء محادثات جنيف للسلام في سورية، وأن تبدأ حكومة دمشق في التفاوض بعد انعقاد مؤتمر بشأن السلام في سورية بمنتجع سوتشي في روسيا هذا الأسبوع.

وندد وزير الخارجية التركي أيضاً «بخبث» الدول الأوروبية التي تبدي دعمها لتركيا خلال المحادثات الثنائية وتغير خطابها في العلن.

وقال «نحن لسنا فرنسا التي اجتاحت الجزائر»، مضيفاً «أن دولاً مثل فرنسا يجب ألا تعطي دروساً في هذه الموضوعات».

وانتقد أوغلو أيضاً الالتزام الذي أعلنه ماكرون الثلاثاء بإدراج «يوم لذكرى الإبادة» الأرمنية عام 1915، في بلاده.

وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حذر تركيا، الأربعاء، من أن عملياتها ضد المسلحين الأكراد في شمال سورية يجب ألا تصبح ذريعة لغزو سورية، وحث أنقرة على أن تنسق خطواتها مع حلفائها.

وصرح ماكرون في تصريحات ضمن مقال نشرته صحيفة «لوفيغارو» على موقعها الإلكتروني «إذا اتضح أن هذه العملية ستتخذ منحى آخر بخلاف التصدي لتهديد إرهابي محتمل على الحدود التركية، وتبين أنها اجتياح عندها ستكون لدينا مشكلة فعلية معها». وقال ماكرون «لقد دعوت على الفور إلى الحذر وضبط النفس، وعبّرت عن قلقنا منذ الساعات الأولى».

في الأثناء، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بأن الوحدات الكردية شنت هجمات مضادة على الجيش التركي والفصائل السورية في عفرين.

ويأتي ذلك فيما تواصل المدفعية التركية قصفها العنيف لمواقع المسلحين الأكراد في محيط عفرين، وسط حديثها عن تحقيق مكاسب ميدانية جديدة في المنطقة.

وقد أخذت الحملة العسكرية التركية على عفرين منحى تصعيدياً، بعد أن دخلت «قوات سورية الديمقراطية» على خط المواجهة لمؤازرة وحدات حماية الشعب الكردية.

فقد نفذت عناصر هذه القوات هجمات ضد الجيش التركي في أطراف عفرين، استهدف أحدها قرية بوكي شمال المدينة، أما الثانية فاستهدف قرية خليل، بينما دمرت الثالثة سيارتين محملتين بالأسلحة والذخائر في قرية شنكيلة التابعة لناحية راجو.

وأسفرت الهجمات عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجنود الأتراك، كما ألحقت دماراً بعتادهم، بحسب رواية «قوات سورية الديمقراطية».

ورغم أن هذه العمليات لم تؤكدها أي جهة تركية أو أي فصيل سوري، فإن الرد التركي بدا واضحاً من خلال تكثيف القصف الجوي والمدفعي، إذ قصفت المقاتلات والمدافع أهدافاً عسكرية للفصائل الكردية في جبل درماك. وسيطرت القوات التركية والفصائل السورية المسلحة المتحالفة معها على عدد من المواقع في المنطقة.

وفيما تواجه الحملة التركية، بحسب مصادر معارضة، مقاومة شرسة من المقاتلين الأكراد المتحصنين في الجبال، يواصل الجيش التركي استقدام تعزيزات إلى وحداته المنتشرة على الخط الحدودي مع سورية، بغية السيطرة على مزيد من القرى الحدودية، في مسعى منه لحصار عفرين من الجهة الشمالية والغربية، بعد أن رجّح مراقبون أن الخطة التركية تقضي بفرض طوق خانق على المدينة قبل بدء عملية الاقتحام البري.

وقد حث أكراد سورية، أمس، ألمانيا على التحرك لوقف استخدام أنقرة لدبابات ألمانية الصنع ضد المدنيين في منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة المسلحين الأكراد، والتي تقوم أنقرة بعملية عسكرية ضدها.

وقال المسؤول بالمجلس المحلي لعفرين سليمان جعفر، إن «تركيا تستخدم دبابات ألمانية في قصف المدنيين بشكل عشوائي، وتدمير قرى بأكملها في عفرين»، مضيفاً أن القصف زاد خلال اليومين الماضيين.

وقال، في اتصال هاتفي «نطالب الحكومة الألمانية بممارسة أقصى الضغوط على الحكومة التركية لوقف استخدام دباباتها في قتل الناس في عفرين». وأضاف: «نساء عفرين وأطفالها لا يقاتلون على خط المواجهة. وببساطة تقصفهم المدفعية داخل منازلهم وملاجئهم».

وكانت تركيا قد أطلقت في 20 يناير عملية «غصن الزيتون» في منطقة عفرين لطرد عناصر وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة «إرهابية»، لكنها متحالفة مع الولايات المتحدة.

ورغم الدعوات إلى ضبط النفس، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، أن الهجوم لن يتوقف قبل «القضاء على التهديد الإرهابي» على الحدود التركية، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على أراضٍ شاسعة في شمال سورية.

تويتر