على الرغم من جهود المؤسّسات المعنية بالتراث

«حق الليلة» احتفال شعبي لم يـعد يحظى باهتمام

احتفال «النصف من شعبان».. اختلاف الماضي والحاضر. الإمارات اليوم

يشهد الاحتفال بالنصف من شعبان «حق الليلة»، المستمد من التراث الشعبي، تراجعاً كبيراً عما كان عليه في السابق. وتلاشت بعض طقوس الاحتفال، اذ تغيرت انماط سلوكية كانت في الماضي تركز على الاحتفالية الشعبية بقدوم شهر رمضان.

وقال مدير التراث والشؤون الثقافية في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، عبدالعزيز المسلم، لـ«الإمارات اليوم» ان «احتفالية حق الليلة لم تعد تحظى باهتمام أسر إماراتية، كما كان في السابق، حتى بات يجهل أطفالها طقوسها الحية ابتهاجاً باستقبال شهر رمضان الكريم».

وأضاف «يصاحب الاحتفال بـ(النص) طقوس منوعة، لا تقتصر على الأطفال فقط، بل تتعداها للكبار كذلك، حيث يقوم في العادة الكبار بصوم ليلة النصف من شعبان، وصناعة الأكياس (الخرايط) التي يستخدمها الأطفال لتجميع الحلويات والمكسرات المنوعة، التي يحرص على شرائها الكبار وتوزيعها عليهم».

أناشيد

يقوم الأطفال الإماراتيون خلال تجوالهم على المنازل لجمع حلويات ومكسرات «حق الليلة»، بترديد أناشيد خاصة، منها «عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم»، و«عطونا حق الليله.. جدام بيتكم وادي والخير كله ينادي»، و «أعطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم لأهاليكم.. يا مكة يا معمورة، يا أم السلاسل والذهب يا نورة». أما في قطر فيردد الأطفال «قرنقعوه قرقاعوه.. عطونا الله يعطيكم، بيت مكة يوديكم يا مكة المعمورة.. يا أم السلاسل والذهب يا نورة.. عطونا من مال الله.. يسلم لكم عبدالله.. عطونا من دحبة ميزان.. يسلم لكم عزيزان.. عطونا دحبة ليفة.. يسلم لكم خليفة.. يا بنية يا الحبابة.. أبوج مشرع بابه.. باب الكرم ما صكه.. ولا حط له بوابة».

وتابع «يقوم الأطفال بالتجوال على منازل مناطقهم والمناطق المجاورة لجمع الحلويات والمكسرات، ويتبارون في ذلك من بعد صلاة العصر وحتى غروب الشمس، وفي نهاية الجولات يقومون بالتجمع لتوزيع حصص الحلويات والمكسرات في ما بينهم (الشاكليت والبورميت)، يوضع في إناء خاص يطلق عليه (الجفير)، أو (الطاسة)». وعلق المسلم «أما اليوم فأغلب هذه الطقوس تلاشت ولم يعد الاهتمام بها كبير، فالأكياس باتت تتوافر بكميات كبيرة وجاهزة في المحال المختلفة، والأهالي باتوا يقلقون على أطفالهم من التجوال مشياً في ظل حرارة الجو».

واكد المسلم ان الجهات المعنية بالتراث وغيرها من الجهات الحكومية والخاصة، تبذل جهودا كبيرة لإحياء هذه العادة الموروثة، والتي تعود إلى التراث الإسلامي الذي اعتاد على الاحتفالات في الأشهر الهجرية.

وأوضح ان دول الخليج تحتفل في العادة بنصف شهر رمضان كالكويت وعمان، في حين يحتفل بعضها كالإمارات وقطر والبحرين والساحل الشرقي في السعودية بالنصف من شعبان، والذي يطلق عليه «النص» أو «حق الليلة» في الإمارات، و«قرقاعون» في البحرين، و«الناصفة» في قطر. وقال: «تحتفل الشعوب على اختلافها بمجموعة من الاحتفالات، التي يختلف منشؤها وتاريخها من شعب إلى آخر، إلا أنها تتمسك به باعتباره جزءاً لا يتجزأ من ثقافتها وتاريخها الذي يتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل». وقال رئيس قسم التراث في جمعية الإمارات للغوص، جمعة بن ثالث، لـ«الإمارات اليوم»، إن «طقوس الاحتفال بـ(النص) من شعبان ابتهاجاً باستقبال شهر رمضان الكريم، اختلفت بشكلٍ كبير عما كانت عليه في السابق، فلم تعد مظاهره تعم الأحياء (الفرجان) فرحاً وسروراً، ليمر يوم 14 من شعبان كغيره من الأيام». وأضاف «في السابق كانت تعج (الفرجان) بالأطفال الذين يرتدون ملابس جديدة، ويجولون على البيوت في مناطقهم والمناطق المجاورة، وينادون بأعلى صوتهم ليحصلوا على نصيبهم من الحلويات والمكسرات الخاصة بهذه الاحتفالية، والتي يقومون بتجميعها في أكياسهم الخاص التي يتم كذلك إعدادها للمناسبة».

وتابع «يذهب الصبيان في فرق، والبنات في فرق، واللاتي تتميز أكياسهن بغنى ألوانها، حيث كانت تصنع من بقايا أقمشة الملابس، في حين أكياس نظرائهن من الصبيان تتميز ببياضها»، وأردف بن ثالث «ما يميز (حق الليلة) حماسة الأطفال في عملية جمع الحلويات من البيوت، التي في العادة تفتح ابوابها من بعد صلاة العصر حتى الغروب، الذي يشهد عملية توزيع حصص الحلوى والمكسرات كل على حدة»، مضيفا «أما اليوم، فللأسف، لم تعد أسر كثيرة تهتم بالاحتفال بهذا اليوم، ولم يعد أطفالها يدركون طقوسه التي بدأت تتلاشى شيئاً فشيئاً، على الرغم من جهود الجهات المعنية في إحيائها خلال تنظيم الاحتفالات الخاصة، والتي تضم، للأسف، مظاهر دخيلة على الاحتفال الأساسي».

تويتر