جيانا عيد: العمل كرس خجلاً غير مقبول على الخشبة

«فقط».. من مقاهي بني ياس إلى «قصر الثقافة»

العرض استمد فكرته من فيلم قصير سبق عرضه في مهرجان الشارقة للكتاب. تصوير: أشوك فيرما

«من مقاهي مدينة بني ياس.. إلى خشبة مهرجان أيام الشارقة»، تلك هي المشكلة الحقيقية التي وجد فيها أسرة مسرحية «فقط»، التي مثلت مسرحاً لا خشبة أو مقر له، لتكون حاضرة في المسابقة الرسمية، أحد أعرق مهرجانات أبوالفنون بالمنطقة.

الشنفري: مشاهد تقليدية

قال الفنان العماني عماد الشنفري، إن العديد من مشاهد «فقط»، بدت تقليدية، ولا يمكن القبول بها في مهرجان محترف، بعراقة «الأيام»، لكنه أثنى بشكل خاص على عناصر السينوغرافيا.

ورغم تحفظه على أداء الفنان علاء النعيمي، في بعض المشاهد، إلا أنه «عزا ذلك إلى طول فنرة الاستهلال، وغياب الفعل المسرحي، في رأس المؤلف والمخرج».

الدرمكي: الحياة ملؤها الدجل

قال مخرج عرض «فقط»، الفنان فيصل الدرمكي، إنه سعى إلى ايصال قناعة ورؤية يؤمن بها، مضيفاً: «الحياة ملؤها الانحدار والدجل».

وتابع: «من منكم يدعي أنه يفهم ما يحدث بالعالم، له قناعته، لكني أبرّئ ساحتي: أنا لا أفهم ما يدور بالعالم، خصوصاً على الصعيد السياسي، وأمام هذا التيه الإنساني، أرى النفق مظلماً، وفي (فقط) أردت ان أكون متصالحاً مع قناعاتي».

وأكد الدرمكي اقتناعه بمعظم الملاحظات التي وردت بالندوة التطبيقية، مؤكداً أنه سيعمل على الاستفادة منها.

واحتشد جمهور غفير في قاعة مسرح قصر الثقافة بالشارقة، مساء أول من أمس، ممنياً النفس، بفرجة مسرحية لائقة، لا سيما وأن العرض مُستمدة فكرته، من فيلم قصير، سبق عرضه في مهرجان الشارقة للكتاب، وشكل إغواء للثلاثي: المخرج فيصل الدرمكي، والمؤلف عبدالله مسعود، والبطل المحوري للعرض، علاء النعيمي.

ورسخ العرض بالفعل حالة من عدم الانسجام بين عناصر العمل، وكأن العمل وصل إلى الخشبة من دون بروفات حقيقية، وهو ما تعكسه أزمة مسرح لا مقر له، قضى فريقه معظم اجتماعاتهم على مقاهي بني ياس، حسب إشارة المخرج نفسه، الذي يؤكد: «في أحسن الأحوال، وبعد مفاوضات، ربما تقبل مدرسة ما استضافة بروفاتنا، قبل أن تعتذر، ونضطر في رحلة بحث أخرى، يبقى فيها البديل الحاضر دائماً هو المقهى».

بدأت «فقط»، بمشهد لرجل، يؤدي دوره الفنان علاء النعيمي، جالساً على «كرسيه»، منتظراً، بشكل اعتيادي، لدرجة أن بعضهم لم يتوقع أن العرض قد بدا بالفعل، إلى أن بدأت تتكشف أننا أمام عابر سبيل، ضل طريقه، وتعطلت سيارته، ليجد نفسه أمام جماعات وأحوال وظروف تتقاذفه، لا دخل له بها، إلا أنه في كل مرة، هو المتورط، في تداعياتها.

فضاء مفتوح اختاره المخرج بالبداية، لكنه يتحول إلى أشكال مثلثة ومربعة، متغيرة، تواكبه سينوغرافيا مدهشة، خصوصاً من حيث الإضاءة المحترفة، لنجد عابر السبيل مرغماً للانضمام إلى جمهور فريق «الشياطين» المتعصب، والمنحل أخلاقياً، رغماً عنه، وهو الواقع الذي يضعه في أزمة، أمام جماعة إرهابية، توظفه لصالحها، وحينما يسلم من غواية فتاة لعوب، يجد نفسه متهماً أمام جهة أمنية باطشة، لينسى في خضم ذلك أنه عابر سبيل، كان يسعى للعودة بالدواء إلى والدته المريضة.

هناك الكثير من مكامن القلق، وعدم الانسجام في النص، فضلاً عن عدم انسجام مضمونه، مع الرؤية الإخراجية التي بدت مشوشة، لكن في بعض المفاصل من العمل، بدا هذا التشوش مقصوداً، فيصل الدرمكي، يسعى إلى ترسيخ هذا التشوش، الناتج عن رؤية مفادها «كلنا في الوطن العربي نعيش أدوار ردود أفعال، لنبدو منساقين لأمواج وأحداث تحركنا، دون أن يكون لنا دخل فيها، لكنها تبقى هي الأكثر تأثيراً في واقعنا المأزوم».

وخلافاً لشخصية «عابر السبيل» بدا الشخص نفسه أكثر جرأة، ومجابهة، بعد أن أصبح في حال من فقدان الوعي تحت تأثير إرغامه على تعاطي الكحل، من جماعة «الشياطين»، قبل أن يقع في قبضة جماعة إرهابية غررت به، واستخدمته وسيلة لتنفيذ عمليات إرهابية.

ورغم السينوغرافيا المدهشة، والأداء التمثيلي الجيد ممثلاً في دور علاء النعيمي لـ«عابر سبيل»، إلا أن العرض في مجمله بدا مبتوراً، وغير منسجم، وغير مكتمل، كأننا بصدد بروفة مسرحية لم تلتئم، أو تصل لنهايتها.

وفي حين رأت الفنانة جيانا عيد، أن العرض كرس خجلاً تجنباً لطرح جريء، ما اعتبرته نهجاً غير مقبول على الخشبة، خصوصاً من المؤلف، أكد الأخير عبدالله مسعود أنه فوجئ بالعرض، الذي أخذته رؤية المخرج في مساحة بعيدة عما كتبه، مضيفاً: «لم أشاهد العرض مسبقاً، والآن فقط تابعته من صفوف الجمهور».

تويتر