كرباج: لا يمكن اعتبارها الحلّ النهائي لكل مشاكلنا

سباق بين شركات متعددة الجنسيات لتمويل «تكنولوجيا احتجاز الكربون»

قال نائب مدير المكتب التمثيلي لبنك "سويسكوت" المحدود في دبي، شادي كرباج، إن هناك سباق عالمي حاليا بين شركات متعددة الجنسيات لتمويل تكنولوجيا احتجاز الكربون، مضيفا إنه «في شهر سبتمبر من عام 2021، بدأ مصنع (أوركا) لاحتجاز الكربون بالعمل في إيسلندا وقد أطلقته شركة تدعى (Climeworks). وعلى الرغم من أنّ هذا المصنع ليس الأول لاحتجاز الكربون في العالم غير أنّه يمثّل المحطّة الأكبر مع القدرة على استخراج 4 آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون في السنة باستخدام الطاقة الجيوحرارية، أي ما يوازي 800 سيارة بمحرك باحتراق داخلي تقريباً».
وأضاف: «فيما تقدّم هذه التكنولوجيا الرائدة فعلاً نظرة مفعمة بالأمل نحو مستقبل خفض انبعاثات الكربون في العالم، إلا أنّه لا يمكن اعتبارها أبداً الحلّ النهائي لكل مشاكلنا. فهي بداية لا ترفع من قدرة العالم على احتجاز الكربون سوى إلى 13 ألف طن تقريباً، وهذا رقم بالكاد يحدث تأثيراً فعلياً في الانبعاثات العالمية. وثانياً، تعتبر هذه التكنولوجيا مقاربة باهظة لحل أزمة المناخ بحيث يبلغ سعر استخراج الطن الواحد ما بين 600 و800 دولار أميركي في حين أننا نسبب انبعاث نحو 43 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون في السنة».

شركات التكنولوجيا
وتابع: «في حين يظن البعض أنّ هذا الحلّ غير مجد، نرى أنّ الشركات متعددة الجنسيات وشركات التكنولوجيا العملاقة في أرجاء العالم من (مايكروسوفت) إلى (سترايب Stripe) و(شوبيفاي Shopify)، و(سويس ري Swiss Re) وغيرها، تتزاحم لتمويل هذه التكنولوجيا، وتسرع لانتهاز الفرصة للتعويض عن انبعاثاتها العالمية من الكربون بطريقة عملية يمكن قياسها. ويجب دائماً التفكير في ارتفاع حجم الاقتصاديات عندما يتم الاستثمار بتكنولوجيا جديدة وتطويرها مع مرور الوقت. وأصبح عدد كبير من مصانع احتجاز الكربون ذات حجم أكبر بكثير في مرحلة التخطيط، مدفوعة بالإجمال بالاستثمارات الخاصة عوضاً عن التمويلات الحكومية، وسيكون كل مصنع فعالاً أكثر من الذي سبقه من ناحية الكلفة».
وعلى سبيل المثال ومنذ 20 عاماً، كانت الطاقة الشمسية تعتبر مصدراً للطاقة باهظ الثمن. أما اليوم فهي أرخص من الغاز الطبيعي، ويمكن أن تجد الألواح الشمسية تعوّض عن استهلاك الطاقة في المنازل في جميع أنحاء العالم، مما يشير إلى الإمكانات المستقبلية لصناعة احتواء الكربون للمستثمر المدرك والمطّلع. في حين قد لا يكون محبّباً أن يكون السعي وراء الربح هدفاً أساسياً في مهمّة إنقاذ الكوكب، غير أنّ الحقيقة الواضحة والبسيطة هي أن قدرات الحكومات محدودة، وسيكون الاستثمار الخاص هو الذي سيؤدّي في النهاية إلى خفض انبعاثات الكربون العالمية. لذلك، كما تقول المقولة الشهيرة، «صوتوا بمحافظكم».

احتجاز الكربون
وقال كرباج:«بالتأكيد، ليست مصانع احتجاز الكربون الطريقة الوحيدة للاستثمار في عملية خفض انبعاثات الكربون. فخفض انبعاثات الكربون يشير إلى أي عملية أو تقنية تساعد على إنشاء اقتصاد منخفض الكربون بانبعاثات منخفضة، على سبيل المثال لا الحصر، توليد الطاقة الكهربائية بانبعاثات كربون منخفضة، وتحسين كفاءة الأبنية في مجال الطاقة وتحويل النقل إلى الاعتماد على الطاقة الكهربائية وتطوير أنظمة نقل عام مستدامة».
وفيما يبدي قادة العالم التزاماً متزايداً بالتنمية المستدامة ويطرحون خططاً ملموسة للحد من الانبعاثات في مختلف القطاعات، تبرز الفرص في الكثير من المجالات. وفي هذا الإطار، طرحت دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 التي تشمل زيادة في الطاقة النظيفة من 25% إلى 50% من مجموع إنتاج الطاقة بحلول عام 2050، وخفض البصمة الكربونية لتوليد الطاقة بنسبة 70%، وتوفير 700 مليار درهم (190 مليار دولار). وهذه خطة طموحة جداً لها أهداف بيئية واقتصادية على حد سواء: طاقة نظيفة بنسبة 44% وغاز بنسبة 38% وفحم نظيف بنسبة 12% وطاقة نووية بنسبة 6%. كما تعتزم الحكومية الإماراتية استثمار 600 مليار درهم إماراتي (163 مليار دولار) بحلول عام 2050 للحرص على تحقيق نمو مستدام في إنتاج الطاقة وخفض انبعاثات الكربون على حد سواء.
وأضاف كرباج، أن «أزمة الطاقة الراهنة شكلت، مع جائحة (كوفيد 19)، محفزاً للاستثمار باستهلاك طاقة أكثر استدامة والدفع بعملية خفض انبعاثات الكربون في القطاعات التقليدية كالنفط والغاز. وتبرز إرادة سياسة وإرادة اقتصادية أيضاً في هذا الشأن. فالاتحاد الأوروبي يريد أن يكون أكثر استقلالية وأقل اعتماداً على الطاقة الروسية. ونتيجة لهذه الإرادة السياسية، نتوقع المزيد من الصناديق الاستثمارية وصناديق المؤشرات المتداولة وأدوات استثمارية أكثر تعقيداً في السنوات المقبلة. فالممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات موضوع ضخم من المستبعد أن يتلاشى زخمه قريباً نظراً إلى التحديات البيئية الراهنة التي يواجهها العالم».

 

تويتر