سمر سامي..

انتبهوا إلى الجليلة بين «الذئاب»

صورة

الدراما جزء أساسي من اليوميات الرمضانية التي يعيشها الوطن العربي، تخلق معها علاقة قبول ورفض ونقد، وكذلك نجد الممثلين النجوم الذين يظهرون في أدوارهم المتنوّعة يصبحون أيضاً جزءاً من حكايات الناس بالتعبير عنهم وعن قوتهم أو ضعفهم في ما يقدمونه من شخصيات.


تتغير الشخصيات ويظل اسم الممثل ثابتاً قادراً على نجاح العمل أو فشله.

استطاع المسسل السوري «عندما تشيخ الذئاب»، على قناة أبوظبي، في التاسعة مساء، المقتبس عن رواية الكاتب الأردني الراحل جمال ناجي أن يفرض نفسه على الخارطة الدرامية الرمضانية. العمل الذي أعاد من خلاله البطولة الجماعية التي تميزت بها الدراما السورية، وهو من إخراج عامر فهد، سيناريو وحوار حازم سليمان، تظهر الشارة الرسمية فيه وجه الشيخ عبدالجليل الذي يؤدي دوره الممثل سلوم حداد، ووجه جبران الذي يؤدي دوره الممثل عابد فهد، لكن من يشاهد العمل سيدرك أن ثمة وجوهاً عديدة يجب أن تكون مع هذين الوجهين، كوجه الجليلة التي تؤدي دورها الممثلة سمر سامي والتي تستحق تسليط الضوء على دورها في شخصية الجليلة، هي وكأنها تحكي سورية ما قبل كل شيء، عنفوانها، اعتزازها بتاريخ عائلتها، بأخلاق والدها، بكرمه، حتى بإطلالتها التي تظهر بها بكامل أناقتها وألقها، تعريفها للحب، وهي التي انقلبت حال عائلتها العريقة، تزوجت بكاتب عدل فقير، ووجدت لنفسها المخرج كي تعيش الحب من خلال إنجاب ابنها الوحيد الذي بات محامياً والتي كلما جلست معه تعيد على مسامعه حكاية أصلها وفصلها، لتؤكد عليه أنها تعيد لكي لا ينسى، سمر سامي بطلتها وصوتها المبحوح وطريقة حضورها تقدر دائماً على الاستحواذ على المشهد والحدث، من الممكن ألا تظهر كشخصية رئيسة في العمل، لكنها أساس كل الحكاية فيها، تلك الحكاية التي تتصاعد درامياً عبر شخصيتي الشيخ عبدالجليل وجبران، وقليلاً من (أبوفاروق) الذي يؤدي دوره أيمن رضا الذي الذي عايش الحرب الإسرائيلية على لبنان وعاد مكسوراً الى دمشق.

وللعودة إلى الشخصيتين الرئيستين في العمل، هو باختصار تجسيد الندية بين الإسلامي واليساري، في حضرة صورة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مرت بشكل عابر لتحكي المرحلة التي تدور بها أحداث المسلسل.

سلوم حداد بعد تخبط كبير في أدوار متنوعة منذ الحرب في سورية، يعود ليفرض قوته وأداءه المميز وتفرده في تجسيد شخصيات مركبة، مثل شخصية الشيخ عبدالجليل الذي من الصعب ألا تتعلق بها من شدة طرافتها وخفة ظلها، متناسياً حقداً دفيناً في داخلها، وهذا هو التجسيد الدقيق للشخصية الإسلامية المتطرفة، التي يحاول عبدالجليل من خلالها أن يظهرها كشخصية دينية معتدلة، حتى بهذا تظهر صفات الوصولية بخاصة بالمشهد الذي يجمعه مع ضابط أمن، يستطيع من خلال هاتف واحد أن يحرر نفسه من السجن، أمام محبين كثر خرجوا من الجامع لنصرته، من جهة يستثمر حب أبناء حارته البسطاء له ويعيشهم الخزعبلات والعلاج بالأعشاب وغيره، وفي الوقت نفسه لا يخفي مشاعر تجاه زوجة شابة مكلومة لمرض زوجها، ويحوم حولها، يحاول أن يظهر لمن يستمع الى أحاديثه أنه وسطي، في الوقت الذي يتودد الى السلطة لتعيينه خطيب جامع، هو يجسد شكل رجل الدين الذي صدرته السلطة، ومع التصاعد الدرامي لشخصيته من الواضح أن ثمة ذئباً سيخرج منه وسيكشف حقيقته.

في المقابل تظهر شخصية جبران، اليساري المعتكف على نفسه، بطلته التقليدية التي تمثل شكل اليساريين العرب، يوجد دائماً تلك النظرات الحادة التي تشعرها إذا ما قابل الشيخ عبدالجليل، شعورك بإحباط الشخصية يتزايد مع كل حلقة، الخذلان من محيطه وهو يرى كيف أن سلطة بلاده تحمي أشكال عبدالجليل وتزج بالسجون من هو مثله، علاقته المرتبكة مع زوجته، حواره مع رفيقه في الحزب الذي أكد له أن اليسار لم تعد حركة تقاوم على الأرض بل هي حركة سياسية فقط، طريقة مشيه وكلماته التي يحاول عند نطقها أن تترك أثراً ما، حبه لشقيقته الجليلة، وأمله الضائع بابن اخته المحامي، كل هذا يجعلك تتنبأ بشكل الذئب في داخله. جميع الشخصيات في العمل بلا استثناء تحمل ذئباً في داخلها سيخرج خلال الحلقات المقبلة، مثل صوت الذئب الذي يخرج عندما تصاب الجليلة بين فترة وأخرى بالحالة النفسية التي لم يستطع أن يفسرها أي طبيب ولا أعشاب الشيخ عبدالجليل، صوت عواء الذئب الذي يصدر منها هو إشارة لشعورها بالخطر وكأنها تنادي الجميع ليسمعها.


سمر سامي بطلتها وصوتها تقدر دائماً على الاستحواذ على المشهد.

تزوجت بكاتب عدل فقير ووجدت الحب من خلال إنجاب ابنها الوحيد.

تويتر