وصل أجداده إلى هناك في القرن التاسع عشر

بريطاني «أسود» من الجيل الرابع لا يشعر بالانتماء إلى بريطانيا

صورة

في سبتمبر 2017، وبعد زيارة لنيويورك عدت إلى بريطانيا عبر مطار مانشستر، وعند وصولي لمنطقة مراقبة الجوازات سألني الضابط: أين ولدت؟ أجبته: في ليفربول، وقلت له مازحاً: «ألا تدل لهجتي على ذلك»، فأجابني الضابط بقسوة: «هذا لا يضمن أنك ولدت هناك».

أبلغ الآن 73 عاماً من العمر، كنت محاضراً جامعياً، لكنني الآن متقاعد. ولدت وترعرعت في ليفربول، لكنني أسود كما ترون، لذا تبدو جنسيتي دائماً موضع تساؤل، وفي الواقع لست بريطانياً أسود فحسب، بل وُلد والداي وأجدادي وأجداد أجدادي هنا أيضاً. أنا أمثل الجيل البريطاني الرابع من عائلتي، الذين ظلوا يعيشون هنا منذ القرن التاسع عشر، ومع ذلك لايزال يتشكك ضباط الجوازات في جنسيتي.

فقدان الذاكرة

غالباً ما يُنظر إلى وجود السود في بريطانيا على أنه ظاهرة حديثة إلى حد ما، وأدى فقدان الذاكرة التاريخية هذا إلى تهميش المساهمة التي قدمها المواطنون السود في المشهد الاجتماعي والاقتصادي لبريطانيا.

نعم، يعتقد بعض الناس أن وجود السود في بريطانيا بدأ مع رسو السفينة أمبيار وندراش في يونيو 1948، التي جلبت أول شحنة من سكان الكاريبي إلى المملكة المتحدة، لكن هؤلاء لم يكونوا من أوائل المستوطنين السود في بريطانيا، ويمكن العودة بتاريخنا في بريطانيا إلى الاحتلال الروماني، حيث شكل الجنود السود جزءاً من جيش الرومان، وكذلك الإمبراطور الإفريقي المولد سيبتيموس سيفيروس.

خلال الذكرى السنوية لتاريخ السود، أسترجع تاريخ عائلتي. كان جدي لأمي جيمس بارونكلوث بويس من سيراليون، وتلقى تعليمه في إدنبرة، ثم انتقل إلى ليفربول واستقر في النهاية، وأصبح قبطاناً لإحدى السفن، لكن الطاقم الأبيض لم يرق له تلقي أوامر من قبطان أسود، لذلك أبحر طوال حياته المهنية في البحر كفرد من البحارة، وفي ليفربول التقى بجدتي لوالدتي، ماري مارغريت جودوين، وتزوجا، وكانت امرأة بيضاء، واستقرت العائلة في ليفربول بعد نزوحهما من إيرلندا.

وبالنسبة لجدي من والدي فقد شكل البحر مرة أخرى عنصراً في كيان هذه الأسرة. وُلد جدي من ناحية والدي أرنولد أوغسطس بويل في بربادوس، وجاء إلى ليفربول كطباخ على متن سفينة في البحرية التجارية قبل الحرب العالمية الأولى. التقى بجدتي مارغريت آن ديردن وتزوجها، وكانت بيضاء أيضاً، وقد جاءت عائلتها أيضاً إلى ليفربول من إيرلندا.

واجه كلٌّ من أجدادي، ووالداي اللذين التقيا في الثلاثينات، حقيقة قبيحة واحدة دائمة، فقد ظل جميعهم يشعرون بالتحيز العنصري بوصفهم أزواجاً مختلطي الأعراق.

جدتي من ناحية والدتي تتذكر كيف قدم بعض جيرانها عريضة تدعو «لإخراج المرأة السوداء من شارع تاجوس» في منطقة توكستث في ليفربول. في ذلك الوقت كانت المنطقة ذات أغلبية بيضاء وكانت جدتي المرأة السوداء الوحيدة التي تعيش في الشارع. وكانت وحيدة في المنزل، بينما كان جدي كبير الضباط إدوارد ريجبي بعيداً في البحرية الملكية، مشاركاً في معركة جوتلاند (في عام 1916). وفي مناسبة أخرى، ذكرت كيف حاول كاهن كاثوليكي في كنيسة أبرشيتها إخراجها من بين النساء لأنها كانت سوداء.

مثل والده كان والدي جوزيف بويل بحاراً تجارياً، ذكر ذات مرة كيف أنه في عام 1966، بعد إضراب ما يسمى بالبحار الوطني، زار مكاتب شركة كونارد للشحن في ليفربول بحثاً عن عمل، لكنهم أخبروه بأنهم لن يوظفوا «فرساناً سوداً». كان تفسير الشركة هو أن «عليهم تجنب إزعاج ركابهم الأميركيين على متن سفنهم». وحقيقة أنه كان يعمل في غرفة المحرك، حيث لا يراه أي من الركاب، لم تحدث هي الأخرى فرقاً.

بينما كنت أقف في المطار، أثناء الاستفسار عن جنسيتي، مرت كل هذه الأجيال في مخيلتي، كل واحد منهم واجه التمييز العنصري، مع عدم وجود نهاية في الأفق، بغض النظر عن مدى استقرار السود في هذا البلد. وواجهت ابنتي، التي تمثل الجيل الخامس، هجوماً عنصرياً على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد ظهورها في برنامج تلفزيوني العام الماضي.

لذا يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: كيف نكافح ونتغلب على التعصب العنصري والتعصب بوجه عام؟ يعتقد الكثير من الناس أن ذلك سيموت بشكل طبيعي مع اعتياد الناس على بريطانيا متعددة الثقافات، ولن يعود يُنظر إلى السود على أنهم غرباء، ولن يُنظر إلى اختلافنا المرئي على أنه تهديد، لكن تجربة عائلتي تقول خلاف ذلك.

للأسف، أعتقد أن ذلك لن يحدث إلى أن يلتزم المجتمع بمواجهة تاريخ ما يسمى بالماضي المجيد لبريطانيا، وتحدي أسطورة التفوق الأبيض، عندها يمكننا أن نأمل في تحقيق مجتمع عادل ومنصف؛ لذلك يجب أن يكون نهجنا هو إعادة النظر في الماضي، والاعتراف بأن إعادة التفكير في حقيقة التاريخ البريطاني يمكن أن تكون أداة للتغيير الاجتماعي. وإلى أن يتحقق ذلك لايزال رجل أسود من الجيل الرابع، في السبعينات من عمره، يعيش في المملكة المتحدة، يفتقر للأسف لأي شعور بالانتماء.

لا يسعني إلا أن أتمنى أن يشهد طفلاي تغييراً اجتماعياً رائداً يجعل بريطانيا مجتمعاً أكثر مساواة؛ لأنه إذا فشلنا في تحقيق العدالة العرقية فسيكون هناك كما هائل من الأجيال التي ستعاني العنصرية.

• ما لم يلتزم المجتمع بمواجهة تاريخ ما يسمى بالماضي المجيد لبريطانيا وتحدي أسطورة التفوق الأبيض؛ فلا يمكننا أن نأمل في تحقيق مجتمع عادل ومنصف.

مايكل بويل ■ محاضر متقاعد ومستشار سابق لمتحف ليفربول البحري

تويتر