محلّل أميركي يتهم إدارة بايدن بمهادنة «الاستبداد»

مارك إبيسكوبوس: «قمة من أجل الديمقراطية» مثلت خيانة للمصالح القومية الأميركية

صورة

وسط انتقادات شديدة، اختتمت أخيراً «قمة من أجل الديمقراطية»، الافتراضية، التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن، وشاركت فيها أكثر من 100 دولة، والتي تركزت على ثلاثة موضوعات رئيسة هي: الدفاع ضد السلطوية، ومحاربة الفساد، وتعزيز احترام حقوق الإنسان.

وفي مقال افتتاحي مشترك نشرته مجلة ناشيونال إنتريست الأميركية، انتقد سفيرا روسيا والصين لدى الولايات المتحدة، أناتولي أنتونوف وتشين جانغ، القمة ووصفاها بأنها مظهر «لعقلية حرب باردة»، وطالبا الولايات المتحدة بالتوقف عن استخدام «الدبلوماسية التي تركز على القيم» كأداة للانقسام والمواجهة، وقالا إن روسيا والصين تطبقان الديمقراطية من تلقاء نفسيهما، وإنه ليست هناك حاجة للقلق بشأن الديمقراطية في البلدين، وإن من الأفضل بالنسبة لدول أجنبية معينة التفكير في نفسها وما يحدث فيها.

منعطف

وقال المحلل الأميركي، مارك إبيسكوبوس، في تقرير نشرته «ناشيونال إنتريست»، إن الرئيس بايدن حذر في كلمته الافتتاحية في القمة من تراجع الديمقراطية، وسط التهديد المتزايد من جانب الاتجاه الاستبدادي، وقال: «نحن نقف في نقطة انعطاف في تاريخنا.. فهل سنسمح باستمرار تراجع الحقوق الديمقراطية دون إيقاف ذلك؟»، وأضاف أن «الديمقراطية لا تتحقق بالمصادفة، ويتعين علينا تجديدها مع كل جيل».

ومن دون ذكر واضح لسياسة واشنطن الخاصة بالمواجهة القائمة على أساس القيم مع الصين وروسيا، استنكر بايدن «الضغط الخارجي من جانب الاستبداديين الذين يسعون إلى تعزيز سلطتهم، وتصدير نفوذهم وتوسيع نطاقه في أنحاء العالم، ويبررون سياساتهم وممارساتهم القمعية بأنها وسيلة أكثر كفاءة لمواجهة التحديات الراهنة».

غضب بكين

وقال إبيسكوبوس إن قرار إدارة بايدن دعوة تايوان للمشاركة في القمة، أثار غضب بكين، حيث اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية واشنطن باستغلال الديمقراطية «كغطاء وأداة لتعزيز أهدافها الجيوسياسية، وقمع الدول الأخرى، وتقسيم العالم، وخدمة مصالحها».

وأشار إبيسكوبوس إلى أن القمة عقدت في سياق الحملة التي تقودها الولايات المتحدة، للدعوة إلى مقاطعة دبلوماسية لدورة الألعاب الشتوية المقبلة في بكين، استناداً إلى «المذبحة الجماعية والجرائم المستمرة ضد الإنسانية في شينغيانغ وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى»، وحتى الآن انضمت إلى المقاطعة كندا، وأستراليا، وبريطانيا.

وبخلاف المقاومة المتوقعة من منافسي واشنطن الجيوسياسيين الرئيسين، أثارت القمة جدلاً بين حلفاء أميركا. فالمجر، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، لم تتلقّ دعوة للمشاركة في المؤتمر. وقد قوبل ذلك بشكل سلبي من بعض المنتقدين المجريين لرئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان، الذين يقولون إن ذلك من شأنه أن يزيد من ابتعاد المجر عن الغرب، ومن تفاقم الاتجاهات السلطوية المحلية نفسها التي كان استبعاد المجر يهدف إلى وضع حد لها.

ويشير إبيسكوبوس إلى أنه بينما تم اعتبار السلوك السلطوي لأوروبان سبباً لعدم دعوة المجر إلى القمة، تلقت كييف دعوة للمشاركة رغم الرقابة المستمرة التي يفرضها الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على وسائل الإعلام المعارضة، واضطهاده للسياسيين المعارضين، والقيود على الصحافيين الأجانب.

شعور بالقلق

ويشعر خبراء بالقلق من أن تصنيف الدول على أساس القيم يمكن أن يؤدي إلى توترات جيوسياسية، وإلى تعريض دول تمت دعوتها من منطقة آسيا - الباسفيكي، مثل إندونيسيا وكوريا الجنوبية، لانتقام اقتصادي أو سياسي من جانب الصين. من ناحية أخرى، قامت جماعات الضغط، والمعلقون، ومراكز الأبحاث التي تتفق مع مفهوم إقامة فعالية لتمكين القضية العالمية للديمقراطية، بانتقاد شديد لأوجه تنفيذ القمة. فقد أشارت مديرة تحالف تأمين الديمقراطية بصندوق مارشال الألماني، لورا ثورنتون، إلى أن عملية اختيار المشاركين في القمة كانت غير ديمقراطية بصورة تدعو إلى السخرية، ومن دون عنوان واضح، أو أي نوع آخر من الشفافية الإجرائية.

ويقول المنتقدون المتعاطفون مع المهمة الرئيسة للقمة إنه كان من الأفضل خدمة مبرر عقدها من خلال موقف أقل تركيزاً على الدول، والقيام بدلاً من ذلك بتركيز الفعالية على قادة ونشطاء المجتمع المدني من الدول الديمقراطية وغير الديمقراطية على السواء.

وفي ختام تقريره، قال إبيسكوبوس إن إدارة بايدن وصفت القمة بأنها نقطة تجميع عالمية للديمقراطيات المتحدة حول القيم المشتركة ورؤية مشتركة للمستقبل. ولكن ما ظهر هو علاقة مختلطة، تنطوي على خطأ استراتيجي، وهي مريبة أخلاقياً. ويؤكد مؤيدو القمة والمشاركون فيها أن «القيم مصالح». ولكن القمة أثارت ما هو سيئ للغاية، فقد أدت إلى تعكير القيم الأميركية من خلال تناقضاتها الجسيمة، بينما مثلت خيانة للمصالح القومية الجوهرية من خلال استفزازاتها الكثيرة غير المبررة.

تويتر