كل يوم

زاوية « صداع » يومية..

سامي الريامي

لم أتوقع أن تتحوّل زاوية «سكيك»، على الصفحة الأخيرة في الصحيفة، إلى صداع يومي، بسبب «زعل» جهات حكومية من وزارات ودوائر، خصوصاً من شركات طيران واتصالات وبنوك، من نشر شكاوى المتعاملين، مهما كانت هذه الشكاوى بسيطة، ومهما كان حجمها أو أثرها.

زاوية تصل إلى سبع فقرات، كل فقرة لا تتجاوز الأربعين كلمة، تنقل بشكل مباشر مواقف تعرض لها متعاملون مع جهات حكومية وخاصة، لا تهدف إلى تشهير، ولا تستهدف أحداً بعينه، وليست ضد شركة معينة، كما أنها ليست مدفوعة بنيات غير أخلاقية، ولا يتم تمويلها من جهات وشركات لضرب جهات أخرى، وهي في المقابل تنشر مواقف إيجابية لموظفين، وتشيد بالمبادرات الجيدة، كما تنشر تجاوب الجهات، وأي توضيح أو رد على الشكاوى بشكل سريع، ومع ذلك لم تعد الصدور تتسع حتى لسماع الشكاوى!

نعم، لقد ضاقت صدور مسؤولين في القطاعين العام والخاص، وأصبح نشر شكوى صغيرة أمراً مقلقاً يستحق معه اتخاذ تدابير تجاه الصحيفة، لم يفكر أي منهم في البحث عن مسببات الشكوى، هذا ليس مهماً، وليس مهماً أيضاً التحقق منها، لكن الأهم ألا تنشر الصحيفة أي شكوى من دون إذن الجهة المختصة، أو أن المطلوب أن يتحول دور الصحيفة من جهة ناشرة إلى مكتب لخدمة العملاء، وتلقي الشكاوى لدوائر وجهات خاصة وعامة!

يريدون التكتم على كل شيء، ويريدون تحويل الشكاوى إليهم، ليس بهدف حلها، إنما بهدف تعقيد الأمور ومنع النشر، فالنشر أصبح هو الهم الأكبر، وأصبح هو الذنب الأكبر الذي نقترفه، وأصبح هو السبب الرئيس للجفوة والتباعد والزعل والضجر بين الصحيفة والجهات المختلفة!

ما المشكلة في فتح المجال أمام الناس لنشر ملاحظاتهم؟ وما المشكلة حتى لو بالغ البعض في التعبير عن شكواه؟ فالمجال مفتوح أيضاً للجهات المعنية بالشكوى، للرد والإيضاح والتحقق، لا ننكر وجود بعض الملاحظات أو الشكاوى غير الدقيقة، لكن في المقابل فإن غالبيتها تكون صحيحة ومبررة، ولابد من نشرها.

زاوية «سكيك» متنفس ممكن للقراء والمتعاملين، هذا ما لمسناه بشكل واضح من نسبة قراءاتها، ونسبة إسهام الناس فيها ومتابعتها، وهي تعبر عن حالة من اليأس، وصل إليها البعض في التعامل مع مؤسسات جامدة التحرك في ما يتعلق بخدمة مصالح المتعاملين، المسؤولون أيضاً أدركوا حجم تأثير هذه الزاوية الصغيرة، فبدأت التحركات المضادة لإخماد هذا الصوت وإغلاق هذا المتنفس، وهذا شيء مؤسف للغاية، مؤسف لأن تلك الجهات ضلت الطريق الصحيح لحل المشكلات، فبدلاً من مواجهتها ومحاولة تقليلها إلى الحد الأدنى، سلكت الطريق الأسهل والأخطر وهو الضغط لمنع النشر.

وجود شكاوى على جهة معينة، لا يعكس بالضرورة سلبية هذه الجهة أو ضعفها، بل هو مؤشر إلى العمل أيضاً، فمن لا يعمل لا يخطئ، ومن لا يخطئ لن يْشتكى، وجود الشكاوى ظاهرة صحية، لكن غياب متابعة هذه الشكاوى وتكرار واستمرار وجودها هي المعضلة الحقيقية التي تحتاج إلى التدخل.

من حق الجهات أن نحول إليها عناوين المشتكين وأرقام هواتفهم للتحقق والمتابعة، لكن ليس من حق أحد أن نرسل إليه شكاوى الناس الواردة إلينا قبل النشر، فنحن لسنا قسماً للشكاوى وخدمة العملاء لدى أيّ من الدوائر أو الشركات .

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر