3 طلاب نواة انطلاق هذا النوع من الجرائم عربياً

مبتزون جنسياً يستفيدون من «ضعف التشريعات» في دولهم

حددت فرق التحريات ومكافحة الجرائم الإلكترونية في دول عربية، مسار جريمة الابتزاز الجنسي عربياً، وتبين أن مدينة صغيرة في إحدى دول شمال إفريقيا، كانت نقطة انطلاق لهذا النوع من الجرائم عربياً، وسجلت فيها أول حالة ضبط لجناة، وكانوا ثلاثة طلبة يدرسون في أحد معاهد التكنولوجيا، وعثر بحوزتهم على مواد مخلة وصفها أحد ضباط الشرطة بأنها تكفي لفتح قناة إباحية كاملة.

وشملت قائمة الضحايا في هذه القضية، شخصيات عامة من دول خليجية وعربية، بينهم برلمانيون ورياضيون، وإعلاميون، ولكن ذلك لم يكن الأبرز في القضية مقارنة بالإشكاليات التي تجلت في مواجهة هذا النوع من الجرائم، مثل ضعف التشريعات واختلافها من دولة لأخرى، واحتوائها على ثغرات يستغلها الجناة للإفلات من العقاب، أو على الأقل يستفيدون منها في الحصول على عقوبات مخففة، لا تقارن إطلاقاً بالأرباح الخيالية التي حققوها.

وكشفت تحقيقات الشرطة في تلك الدولة، أن المتهمين استدرجوا أكثر من 63 ضحية خضع معظمهم للمبتزين، وحولوا مبالغ مالية يصل متوسطها في كل عملية إلى 3000 درهم، وأكد أحد الضحايا أنه أرسل هذا المبلغ 42 مرة، بينما بلغ مجموع ما حصلوا عليه من ضحية أخرى 85 ألف درهم.

وكشفت اعترافات أحد المتهمين عن سبب انتشار هذه الجريمة وتحولها إلى ما يمكن وصفه بـ«الظاهرة»، إذ ذكر أنه قرر الشروع في هذه الجرائم بعد الاطلاع على القانون الجنائي المحلي، وتأكده من أن عقوبة هذا النوع من الجرائم لا تتجاوز ثلاثة أشهر حبساً.

ودولياً، لاحقت المنظمة الجنائية الدولية «الإنتربول»، عصابات مارست هذه الجرائم في دول عدة، وأسفرت عن ضبط 58 شخصاً في دولة آسيوية، بعد أن تأكد إدانتهم في ابتزاز عدد كبير من الضحايا الذكور، وتسببهم في انتحار مراهق اسكتلندي.

وأفادت المنظمة، عبر موقعها الإلكتروني، بأن العملية الأولى من نوعها في تعقب جناة في جرائم الابتزاز الجنسي الإلكتروني، تمت بالتنسيق بين مركز الإنتربول لمكافحة الجريمة الرقمية، وجهازي الشرطة في هونغ كونغ وسنغافورة، ومجموعة مكافحة الجريمة السيبرية التابعة للشرطة الفلبينية، وأسفرت عن تحديد هوية ما بين 190 و195 متهماً يعملون لمصلحة مجموعات إجرامية منظمة ناشطة في دولة آسيوية.

وأتاح التعاون مع جهاز الشرطة في اسكتلندا، وجهاز إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك وشعبة التحقيقات في شؤون الأمن القومي في الولايات المتحدة الأميركية، ومكتب مكافحة الجريمة السيبرية التابع لوزارة العدل في الفلبين، ومركز حماية الأطفال من الاستغلال عبر الإنترنت التابع للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في المملكة المتحدة، تحديد هوية ضحايا للابتزاز الجنسي في إندونيسيا وسنغافورة والفلبين والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وأمكن أيضاً تحديد ضحايا محتملين في أستراليا وكوريا وماليزيا، إضافة إلى مئات من الأفراد في سنغافورة وهونغ كونغ سبق أن أُبلغ عنهم كضحايا.

وكشفت التحقيقات في العملية، التي أطلق عليها اسم «الهجوم المضاد»، أن المبتزين يعملون من مكاتب تشبه مراكز الاتصال على نطاق يكاد يشمل العالم كله، يتلقون التدريب ويُمنحون حوافز إضافية تشتمل على الإجازات أو السيولة أو الهواتف النقالة، لبلوغ الأهداف المالية التي وُضعت لهم، وضبط بحوزتهم عشرات الأدلة الإلكترونية التي تؤكد ضلوعهم في هذه الجرائم.

من جهته، أكد مصدر أمني في دبي، لـ«الإمارات اليوم»، أن هذا الأسلوب الإجرامي انتقل بشكل مخيف عبر الإنترنت، ولم يعد مقتصراً على طلبة يسعون لجني المال، لكن أصبح يشمل مجرمين في دول عدة تعاني اضطرابات سياسية وضعفاً تشريعياً وأمنياً، ومارسوا بدورهم عمليات ابتزاز واسعة ضد ضحايا من مختلف بلدان العالم.

وقال: «استهدف المجرمون الأوائل المشاهير في كل المجالات، مستغلين خوفهم من الفضيحة، فضلاً عن امتلاكهم الأموال الكافية، لكن مع مرور الوقت وتزايد عدد المجرمين تحولت إلى ما يمكن تصنيفه كجريمة منظمة، واتسعت دائرة الاستهداف لتطال المديرين والموظفين بالمهن الراقية، مثل المحاماة والطب والصحافة».

 وظهرت إشكالية أخرى خلال محاكمة المتهمين، وهي عدم حضور الضحايا من خارج دولة المتهم، سواء لخوفهم من الفضيحة أو للكلفة المالية، ما يتسبب في جدل قانوني نتيجة مطالبة دفاع الموقوفين في مثل هذه القضايا بضرورة الاستماع إلى الضحايا قبل مناقشة الملف.


لمشاهدة موضوعات ذات صلة بالتحقيق :

■■  الابتزاز الجنسي الإلكتروني «صـدمة آخر الليل» (1-2)

■■ رجال في مصيدة الابتزاز الجنسي الإلكتروني.. «تعرية وإذلال»

■■ مبتز جنسياً: «صور الثراء» معيار اختيار الضحايا

■■ الهروب من الابتزاز الجنسي الإلكـــتروني إلى الانتحار

■■ استشاري نفسي: «المبتز» مضطرب سلوكياً .. والضحية يعاني انعدام الثقة

■■ 95 % من الضحايا لا يبلغون الشرطة

■■ خبير في أمن المعلومات: عصابات الابتزاز الجنسي تستهدف المشاهير

■■ «الهجوم المضاد» سلاح الأمن في مواجهة الابتزاز الإلكتروني (2-2)

■■ مبتزون جنسياً يستفيدون من «ضعف التشريعات» في دولهم

■■ السيطرة على «المحتوى المخل» صعبة طالما المبتز الإلكتروني طليق

■■ الهاجري: الابتزاز الإلكتروني تحوّل مـن ممارسـات عشوائية إلى جريمة منظمة

■■  «دعم سري» لضحايا الابتزاز الإلكـتروني

■■  «فيس بوك»: نتعامل بجدية مع حالات الابتزاز

■■  «الثقة بالغرباء» مفتاح «باب الابتزاز الإلكتروني»

■■  «الابتزاز الإلكتروني» يضر بالحكومات والاقتصاد

تويتر