«اليونسكو» أدرجتها في التراث الثقافي غير المادي للبشرية

«التغرودة الإماراتية».. فن الشعر الفريد

صورة

صدرت عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية الطبعة الأولى من «ديوان التغرودة الإماراتية – تغاريد من الإمارات»، جمع وتحقيق الدكتور غسان الحسن.

والتغرودة من الفنون والألحان الشعبية الخاصة بمجتمع الإمارات، وهي فن غنائي شعري بدوي، كان الشعراء يؤدونه وهم على ظهور الجمال أو الخيول، أثناء سيرها في الأسفار، وهي ذات طابع حماسي، ويقولون إن الإبل تطرب لسماعها.

وقد تؤدى التغرودة في مناسبات الحروب، وفي التحديات واللوم والتقريع والعتاب، وكذلك في الفخر والحكمة، وفي وصف الإبل والتفاخر بالمطايا وأوصافها المميزة، وفي جلسات السمر والطرب، ومن هنا كانت التغرودة تقال على ألسنة الشعراء الرجال، وتندر أو تكاد على ألسنة الشاعرات، لأنها فن رجولي في المقام الأول مهما كان الغرض الذي تحمله.

وتمتاز التغرودة بأنها قليلة الأبيات إلى درجة ملحوظة، وأنها تتضمن موضوعاً واحداً غير متشعب، يذهب إليه الشاعر مباشرة في عبارات مكثفة، في حين تخلت التغرودة الحديثة عن هذا الأسلوب لتصبح أشبه بالقصيدة العادية في طرحها للفكرة، وهو ما جعل أبياتها تطول عن التغرودة القديمة.

يذكر أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قد أدرجت فن التغرودة عام 2012 في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، في خطوة تعكس مدى أهمية هذا الفن الشعري والتراث الثقافي.

ويقع الديوان في 507 صفحات من القطع المتوسط، لتوثيق فن التغرودة، ويأتي هذا الديوان بعد كتاب «التغرودة الإماراتية – دراسة علمية»، الذي صدر عام 2008 عن الأكاديمية للدكتور غسان الحسن، والذي أكد حينها أنه آن الأوان لتوثيق فن التغرودة الإماراتي، بجمع ما يمكن جمعه من نصوص التغاريد وتدوينها.

ويتضمن الإصدار الجديد إلى جانب المقدمة نصوص التغاريد التي بدورها منقسمة إلى أبواب عدة، هي: تغاريد يُعرف ناظموها من الشعراء، تغاريد غير معروفة القائل، تغاريد من خارج الإمارات، تغاريد برنامج شاعر المليون في موسميه الثاني والرابع، تغاريد مسابقة مهرجان مزاين الظفرة 2010 في وصف الإبل، كما ذكر المؤلف المصادر التي أخذ منها هذه التغاريد.

ويهدف هذا الديوان إلى جمع ما تفرق من نصوص التغرودة، في المطبوعات والمدونات والصدور والذواكر، لتكون في بوتقة واحدة يسهل الرجوع إليها للاستمتاع بنصوصها وأجوائها من جهة، ولتكون مادة للدراسة والبحث من جهة أخرى، ولتكون من جهة ثالثة شاهداً على فن عربي عريق هو فن «الأرجوزة» أو «مشطور الرجز»، الذي كان واسع الانتشار في العصور العربية منذ الجاهلية إلى العصر العباسي، ثم انحسر وتراجع وتوارى في كل البيئات العربية في الفصحى والعامية، ولم يعد يعثر على جديد منه إلاّ في بوادي الإمارات، حيث وجد تحت اسم «التغرودة»، ولايزال فيها دون سواها إلى يومنا هذا.

ويكتسب هذا الفن أهمية إضافية على المستوى العربي، علاوة على أهميته المحلية كفن شعري غنائي، يمثل نمطاً مميزاً وفريداً من أنماط التراث الشعبي الوطني لدولة الإمارات.

وفي مقدمة الكتاب، قال الدكتور الحسن «في كتابي هذا أوردت ما استطعت جمعه من نصوص هذه التغاريد القديمة، التي قالها أصحابها بطريقتهم العفوية استجابة لدواعٍ ومناسبات استدعت قولها، كما دونت ما تيسر من تغاريد حديثة، وفي هذه وتلك كانت مصادري متنوعة، منها ما ورد في الكتب والدواوين والمخطوطات والصحف والمجلات والمنتديات الأدبية على الشبكة من هذه التغاريد. ومنها الروايات الشفوية التي حصلنا عليها من الشعراء والرواة والحافظين».

وفي بادرة شكر لمن أسهم في إنجاز هذا الديوان، قال الدكتور الحسن «لست أدعي هنا أنّ الجهد المبذول في الجمع مقتصر عليّ، وإنما شارك فيه كثيرون من المهتمين والمعنيين والمحبين للتراث والشعر، والمتحمسين لانتمائهم لوطنهم وفنونهم ولغتهم وهويتهم، ومنهم على سبيل التنويه وليس الحصر: الباحث سلطان العميمي، ووالده الشاعر علي بخيت العميمي أطال الله في عمره، اللذان كان لهما فضل كبير في إنجاز هذا الديوان ومحتوياته، والشاعر محمد إبراهيم الحديدي، والباحث عبدالله بن شبيب المهيري».

 

 

تويتر