شركتان أميركيتان تسعيان إلى بناء وتشغيل أكبر شبكة لـ «الجيل الخامس»

أعلنت شركتا «تي موبيل» و«سبرنت» الأميركيتان العملاقتان العاملتان في مجال الاتصالات المحمولة عن صفقة اندماج بينهما بقيمة 26 مليار دولار، مطلقتين في الوقت نفسه موقعاً خاصاً عن الصفقة والاندماج والأهداف المستقبلية للكيان الجديد.

ومن مراجعة المعلومات المنشورة على الموقع، يبدو أن هذه الصفقة ما هي إلا خطة تكاد تكون مفروضة على الطرفين بحكم الأمر الواقع وضغوط المنافسة، للهروب إلى الذكاء الاصطناعي والسرعة والسعة العاليتين والتطبيقات اللامحدودة، حيث تستخدم فيها تقنية الجيل الخامس للمحمول ككلمة سر تفتح الطريق نحو مستقبل مختلف للطرفين.

وتابعت «الإمارات اليوم» البيانات الرسمية الصادرة حول هذه الصفقة، التي كشف عنها رسمياً أول من أمس، كما راجعت ما ورد بموقع الاندماج allfor5g.com، الذي جاء حاملاً الكثير من الدلالات حول الصفقة. وتمثلت أولى الملاحظات على الموقع في أن التسمية التي أطلقها الطرفان عليه تعني حرفياً «كل شيء من أجل الجيل الخامس»، فيما تشير الفقرات المنشورة واحدة تلو الأخرى إلى أن الصفقة ما هي إلا حشد للموارد والقوى من أجل بناء وتشغيل أول وأكبر شبكة محمول من الجيل الخامس، بمنهجية تستهدف البناء والنشر على نطاق واسع دفعة واحدة، وخلال وقت قصير، وهي منهجية تختلف كثيراً عما يتبعه المنافسون داخل أميركا وخارجها في هذا الصدد، ويتم خلاله البناء والنشر البطيء لشبكات الجيل الخامس.

محاولة للسيطرة

وقدمت المعلومات المنشورة على الموقع توضيحات أخرى حول الصفقة، منها أن الصفقة تعد في الوقت ذاته محاولة مبكرة للسيطرة على مجالات السيارات ذاتية القيادة، والطائرات من دون طيار (درونز)، وإنترنت الأشياء، وغيرها من التطبيقات ومجالات العمل المتوقع انتشارها مع انتشار الجيل الخامس للمحمول، ما يعد هروباً إلى الذكاء الاصطناعي ونظم تعلم الآلة والبيانات الضخمة، والتحليلات العميقة كمحور أعمال رئيس في أعمال الكيان الجديد، بدلاً من مجرد نقل الصوت أو تبادل المحتوى أو التمتع بالإنترنت عبر الأجهزة المحمولة بسرعات فائقة.

ويعكس هذا الطرح أن الصفقة ليست «نزهة» على الإطلاق بالنسبة للطرفين، بل هي في أحد جوانبها تحد كبير، لأن الغايات التي تسعى إلى تحقيقها تتطلب قدراً ضخماً من الإبداع والتطوير والبحث والتغيير والجرأة في طرح حلول مبتكرة لتحديات الانتقال للجيل الخامس بالصورة المطروحة، وإذا ما أخذنا في الحسبان التباينات التقنية، والتنوع في ثقافة العمل السائدة لدى الشركتين، والمقدرة الإبداعية للمنافسين الآخرين، فإن أعباء تحديات ما بعد الاندماج ستضع أمام الكيان الجديد خيارين وحيدين، إما تقديم قفزات إبداعية متسارعة وقوية تنقله خلال وقت قصير إلى عالم الجيل الخامس بكل ما يحمله من إمكانات واعدة ومستقبلية، أو التعرض لانتكاسات وتباطؤ أمام ضغوط المنافسين ومتطلبات المستخدمين، ينجم عنها انهيارات متتالية وعنيفة، تهدد وجود الكيان الجديد في حد ذاته.

حقيقة الطرفين

ومن حيث البيانات الأساسية الخاصة بالطرفين المنخرطين في الصفقة، فإن «تي موبيل» الطرف الذي قام عملياً بالاستحواذ، هي شركة أميركية تعمل في الاتصالات المحمولة، تمتلك شركة الاتصالات الألمانية «دويتش تيليكوم» 42% منها، وتمتلك «تي موبيل» شبكة اتصالات لاسلكية محمولة تضم 72.6 مليون مشترك، وتعتبر ثالث أكبر مشغل للاتصالات المحمولة بالولايات المتحدة، بعد «تي إن تي وفيرزون». أما شركة «سبرنت» فهي أيضاً شركة اتصالات لاسلكية أميركية، تمتلك مجموعة «سوفت بنك» اليابانية 27% منها، وتدير شبكة اتصالات محمولة تضم 54.6 مليون مشترك، وتعتبر رابع مشغل للاتصالات المحمولة في أميركا.

وتتميز «سبرنت» بامتلاكها نطاقاً فريداً من موجات الطيف عالية التردد ومنخفضة التردد، التي تعد كبيرة بالنسبة للسرعة والتغطية عبر المسافات، بينما تتميز «تي موبيل» بامتلاكها مساحة من الطيف الترددي المنخفض.

جميع الأسهم

وعملية الدمج عبارة عن صفقة تشمل جميع الأسهم لدى الشركتين، حيث تصل قيمة أسهم «سبرينت» إلى 59 مليار دولار، فيما تبلغ قيمة أسهم «تي موبايل» 146 مليار دولار، والاندماج تم في صفقة مبادرة أسهم تصل قيمتها إلى 26 مليار دولار، بما يمهد لنشوء شركة لديها أكثر من 127 مليون متعامل، لتصبح في المركز الثالث من حيث الحجم في سوق الاتصالات المحمولة الأميركية، بعد شركتي «إيه تي آند تي» و«فيرزون».