بعد عقود من مضايقات تعرَّضن لها

نساء من الهند يخرجن عن صمتهن ويلتحقن بحملة «وأنا أيضاً»

صورة

العام الماضي.. كان العالم يقرأ قصصاً مثيرة للاشمئزاز، روتها نساء حركة «وأنا أيضاً»، اللاتي تعرضن لتحرشات جنسية في الولايات المتحدة، لهذا السبب وجدت إحدى الصحافيات الهنديات من بنغالور في نفسها الشجاعة، وقررت أن تروي ما تعرضت له من مضايقة للنسخة الهندية من مجلة «فوغ»، حيث روت قصة مفصلة ومطولة للمضايقات التي تعرضت لها، من قبل أحد كبار محرري ومؤسسي صحيفتين قوميتين، دعاها لإجراء مقابلة معه. إلا أن هذه الصحافية، واسمها بريا راماني، لم تذكر اسم ذلك الشخص المزعوم.

لا يتمتعن بالشجاعة

بالنسبة للنساء الهنديات، فإنهن لا يتمتعن بالشجاعة الكافية في تحديد الشخصية المتنفذة، التي تتحرش بهن جنسياً. ويبدو أن ذلك متجذر في ثقافة بلد تعمد تهميش مثل هذه الأفعال، ولا يلقي بالاً للتحرش الجنسي، ويعمد إلى تجاهله، ويتحاشى - في كثير من الأحيان - تصديق شهادة المرأة. وبالنسبة لراماني، وغيرها من النساء، فإنهن يشعرن بأنهن يستطعن تحديد الرجال المزعومين، لكنهن لايزلن خائفات.

الآن، وبعد مرور عام على انطلاق تلك الحملة، يبدو أن هذا الأمر قد اكتسب زخماً هذا الشهر، إذ قررت راماني، أخيراً، تسمية المحرر الذي ضايقها، واسمه مبشر جاويد أكبر. وكان قد ترك الصحافة للانضمام إلى حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، وتم تعيينه في حكومة البلاد كوزير للدولة للشؤون الخارجية عام 2016. وفي غضون أيام من ادعاءات راماني، اتهمت أكثر من 20 صحافية «أكبر» بالتحرش بهن جنسياً، ووجد سيل من الروايات المروعة طريقه إلى وسائل الإعلام الاجتماعية، تحت وسم «وأنا أيضاً».

الحكومة صامتة

وظلت الحكومة، التي تولت السلطة عام 2014، ووعدت بتوفير بيئة آمنة وعادلة للنساء، صامتة، ما شجع أكبر على رفع دعوى تشهير ضد راماني، مستأجراً مجموعة من أفضل المحامين في البلاد. إلا أن راماني حظيت بدعم من آلاف النساء اللواتي وجدن في أنفسهن الشجاعة لقول الحق، واللاتي شجبن صمت الحكومة. وفي 16 أكتوبر استقال أكبر، الذي لايزال ينفي هذه المزاعم، من منصبه، لتحتفل النساء الهنديات بأول انتصار ملموس لحركتهن.

لم تكن الصحافة والسياسة هما العالمان الوحيدان، اللذان تتعرض فيهما المرأة الهندية للتحرش الجنسي. ففي الأسابيع التي سبقت الذكرى السنوية الأولى لاعتراف هارفي وينشتاين، وهو الشخص الذي تحرش بالكثير من النساء، عادت ممثلة هندية شابة إلى بلادها من الولايات المتحدة. وزعمت تانوشري دوتا (34 عاماً) في مقابلة، أنها تعرضت لمضايقات جنسية من قبل الممثل المخضرم نانا بيتكار، خلال تمثيلها في فيلم هندي قبل 10 سنوات.

استيعاب الدرس

وبعد أن استوعبت الهند الدرس، الذي تلقاه الجلادون في الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم، أصبحت الآن مستعدة لسماع قصص الضحايا والوقوف بجانبهن. وبعد ذلك بوقت قصير، اعتزل بيتكار العمل في آخر أفلامه، رغم أنه ينفي بشدة هذه المزاعم.

خلال الأسابيع القليلة الماضية، شهدت الهند تغييراً يشبه الثورة الثقافية، حيث وفرت وسائل التواصل الاجتماعي للنساء منصة لتبادل الأدلة والشهادات. أما أولئك اللاتي كن يخشين التحدث «لحماية شرفهن»، كما تقتضي تقاليد العائلة، وامتنعن عن الشكوى في أماكن العمل، خوفاً من ثورة رؤسائهن، فقد لجأن الآن لاستخدام وسم «وأنا أيضاً» لزعزعة كيان المتحرشين. لقد شعرت الهند بأنه يجب أن تتطهر من هذه الممارسات، فبدءاً من استقالة محرر سياسي لصحيفة، ومروراً بتفكيك شركة لإنتاج الأفلام، وانتهاء بالانهيار الجماعي لفرقة كوميدية أكثر شعبية في البلاد، فرضت حملة «وأنا أيضاً» وجودها في الهند.

تمرد

في يناير من هذا العام، تعرضت أن آسيفا، وهي فتاة من كشمير، تبلغ من العمر ثماني سنوات، للاختطاف من قبل مجموعة من الرجال الذين خدروها، ثم اغتصبوها لأيام قبل وفاتها. بعد اعتقال المجموعة نظم أعضاء من حزب بهاراتيا جاناتا احتجاجات ضد اعتقالهم، بدعوى أن الاعتقال تم على أساس عرقي، وظلت الحكومة صامتة مثلما كانت عليه الحال في قضية أكبر، والقضايا الأخرى المشابهة لها. وعلى كلٍّ لن تركن النساء بعد الآن لهذا النوع من الصمت، لذلك قررن التمرد على المعايير التي طُلب منهن الالتزام بها منذ فترة طويلة.

• شعرت الهند بأنه يجب أن تتطهر من هذه الممارسات، فبدءاً من استقالة محرر سياسي لصحيفة، ومروراً بتفكيك شركة لإنتاج الأفلام، وانتهاء بالانهيار الجماعي لفرقة كوميدية أكثر شعبية في البلاد، فرضت حملة «وأنا أيضاً» وجودها في الهند.

• بعد أن استوعبت الهند الدرس، الذي تلقاه الجلادون في الولايات المتحدة، وأجزاء أخرى من العالم، أصبحت الآن مستعدة لسماع قصص الضحايا والوقوف بجانبهن.

تويتر