• المرصد

بوتين يستخدم الأخبار المزورة كالدبابات والصواريخ

بعد أن تمكنت من إقناع البريطانيين بمغادرة الاتحاد الأوروبي، وأغرت الأسكتلنديين للانسلاخ عن المملكة المتحدة، والكتالونيين للانفصال عن إسبانيا، باتت روسيا قادرة على تحديد من سيدخل إلى البيت الأبيض.

ويبدو أن لائحة التهم ضد «الكرملين» تتزايد يوماً بعد يوم، وتصبح أكثر رعباً، ولذلك ليس من المستغرب أن رئيسة حكومة بريطانيا، تيرزا ماي، صنّفت روسيا بأنها «دولة معادية»، واتهمت ماي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأنه يحاول «تسليح المعلومات» التي يرسلها عبر وسائل الإعلام، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف تقويض الأنظمة الديمقراطية في العالم، وحذّرت قادة الاتحاد الأوربي من أن موسكو تعمل على «تفتيت قوتنا الجماعية».

ويبدو أن تحذيرات ماي يجب أن تؤخذ في الحسبان، وهذا ليس تهديداً يمكن تركه للسياسيين للتعامل معه، إذ إنه أمر يتعين على كل شركات التواصل الاجتماعي أن تضع حداً له. وإضافة إلى ذلك، يتعين على مواطني الدول المستهدفة البدء بالتساؤل أيضاً عن المصدر الذي تأتي منه هذه الأخبار، وما هي الجهة التي يجب أن تكون مصدر الثقة.

ولدى سؤال المسؤولين في وكالات المخابرات في بريطانيا والولايات المتحدة، ومستشاري الأمن القومي السابقين على جانبي المحيط الأطلسي، عن التهديد الذي تحدثت عنه ماي، فقد أكدوا أنه صحيح وكبير. وقال هؤلاء إن موسكو ترسل الأخبار والمعلومات بصورة لا تقل تأثيراً عن نشرها للدبابات والصواريخ، وهدفها النهائي هو إضعاف أعدائها التقليديين، مثل حلف الناتو والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولكن لماذا يقوم الروس بمثل هذه التصرفات؟ أحد الأجوبة أن القادة الروس يعتقدون منذ أمد بعيد أنهم يتعرضون لهجمات الغرب. وثمة جواب آخر مفاده أنه بالنظر إلى أن اقتصادهم لا يعادل 10% من اقتصاد الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، ترى موسكو أن التلاعب بالأخبار يُعدّ الطريقة الأمثل لعرض عضلاتها.

والهدف من ذلك التأثير في الحياة اليومية لشعوب الدول التي تعتبرها معادية لها، ونشر الانقسامات والخلافات بينها، ولهذا السبب ظلت مواقع «تويتر» الروسية تطلق التغريدات المتعلقة بخروج بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، حتى بعد ظهور نتائج الاستفتاء. وهذا ما يفسر محاولة مواقع «تويتر» مرتبطة بـ«الكرملين» إثارة مشاعر مناوئة للإسلام خلال العملية الإرهابية التي وقعت على جسر ويستمنستر في مارس الماضي، عندما نشرت صورة مزيفة، تظهر فيها امرأة مسلمة تجاهلت ضحايا العمل الإرهابي.

ومن الواضح أن «الكرملين» يعتقد أن أسلوب بث الأخبار المزيفة والكاذبة، يمكن أن يعطي نتيجة أكثر فاعلية من نشر الأسلحة واحتلال البلدان، وهو الأمر الذي سيجر على روسيا الكثير من المتاعب، مثل العقوبات الاقتصادية، والحملات الإعلامية المضادة، التي يقوم بها الغرب ضد موسكو، والتي تنطوي على تأثيرات سيئة في الحياة بشكل عامة في روسيا، والاقتصاد بصورة خاصة، حيث فقد الروبل كثيراً من قيمته بعد العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو، إثر احتلالها شبه جزيرة القرم التابعة لأوكرانيا.

إعداد: حسن عبده حسن

تويتر