صربامون الشايب عُرف بأدواره في خدمة المجتمع وبعلاقته بأبرز الشخصيات الوطنية والثقافية

بلدة صعيدية مسلمة تؤبّن راهباً مسيحياً محبوباً

صورة

أقامت بلدة «الطود» بمحافظة الأقصر في مصر، بالاشتراك مع بلدة العديسات، مراسم تأبين لأمين دير القديسين السابق، صربامون الشايب، في ذكرى يوم الـ40 لوفاته، الذي قضى متأثراً بإصابته بـ«كورونا»، عرفاناً بدوره الاجتماعي والخيري الواسع في القرى والبلدات المحيطة بالدير، ولعلاقته العميقة بالحياة الثقافية والعشرات من الكتاب والشعراء والصحافيين، والشخصيات الفكرية والوطنية، من المشارب كافة على امتداد مصر، والذين كانوا ضيوفاً دائمين عنده في الدير.

حضر حفل التأبين عدد من علماء الدينين الإسلامي والمسيحي والشخصيات العامة بمحافظة الأقصر، وألقى عالم الدين، الشيخ محمود بسيوني، ممثلاً عن «بيت العائلة» في الأقصر، كلمة في مآثر القمص الراحل، كما ألقى القس رويس عبدالملاك كلمة تطرق فيها لسيرة القمص، وقد أقيم الاحتفال بمسرح المدينة، وشارك فيه مجموعة كبيرة من الشباب والفتيات، قدموا عدداً من الكورالات والأناشيد والترانيم.

وقالت صحيفة «الأهرام الكندي»، التي يترأس تحريرها الصحافي نصر القوصي، في مقال تأبيني، إن «القمص صربامون خدم في دير القديسين بالطود، الذي تحيطه سلسلة من القرى يسكنها قرابة ما بين 180 و200 ألف نسمة من مختلف الطوائف، بعضهم في حالة من الفقر، ففكر في إقامة عيادات طبية، تطورت لخدمة الكثيرين وتقديم العلاج، من خلال أمهر وأكبر الأطباء، ومساعدة الشباب غير القادرين على تكاليف الزواج، فأقام مصنعاً للأخشاب لتقديم الموبيليا لهم بسعر التكلفة، وأقام مكاناً يوفر للمقبلين على الزواج جميع احتياجاتهم بأسعار رمزية».

مشروعات تنموية

وأضافت الصحيفة أن «القمص صربامون أسّس مشروعات تنموية وخدمات اجتماعية، ليستفيد منها الجميع على حد سواء بلا فلترة، بلا تحيز، بلا تمييز، على أساس الدين، والقرابة وصلة الدم، أو الواسطة والمحسوبية، فكانت خدمته راقية بنّاءة، غرس بها بذرة التعاون والمحبة بين شركاء الوطن وسكان هذه القرى، وبفضل هذه الروح الطيبة والمشاعر الإنسانية التي تشعر بالآخر، زالت الفرقة وانتهت الخلافات وسادت مشاعر الود، فأسس داراً للحضانة تضم 300 طفل، وأول ما قام بتعليمه آداب السلوك والتعامل مع الآخر بالحب والوئام».

عرف عن القمص صربامون مواقفه المنحازة لقيم العدل والحرية والنزاهة في المجال العام، ومنحته الكنيسة المصرية مساحة استثنائية للتعبير عن نفسه في صفحته على «فيس بوك».

ومن مواقف القمص صربامون دعوته لرجال الدين، أثناء المعركة البرلمانية المصرية، إلى البعد عن الانتخابات «لأن في ذلك كرامة لهم وللكنيسة» و«لأن ذلك من اختصاص المجتمع المدني»، وأعلن «أن دير القديسين الذي يخدم به لن يتدخل نهائياً، لا من قريب ولا من بعيد في الانتخابات البرلمانية، ويعتذر عن مقابلة جميع المرشحين بصورة مطلقة ونهائية»، حسبما نشرت جريدة «الأهرام» القاهرية في 29 سبتمبر 2015.

التوحيد بين رجل الدين والمثقف

وقال الكاتب والروائي، فتحي عبدالسميع، في تأبين القمص صربامون: «إنه القمص الذي كان يوحد بين رجل الدين والمثقف على نحو عملي مدهش».

كان آخر النداءات التي أطلقها القمص صربامون متعلقاً بدعوته إلى التزام أقصى درجات الاحتياط ضد «كوفيد-19»، بما في ذلك إغلاق الكنائس والأديرة في هذه الفترة، حفاظاً على أرواح الناس، وهي نداءات جلبت له انتقادات كثيرة وأدخلته في معارك شرسة مع متشددين.

وقال القمص صربامون في النداء: «ندائي الأخير آبائي الأساقفة، آبائي الكهنة والرهبان، الفيروس لا يرحم وشراسته تزداد حدة، التزموا أقصى درجات الاحتياط، أغلقوا أبواب الأديرة فلا يدخل إليها أحد أو يخرج منها، الآباء الأساقفة الذين لم يتخذوا الإجراءات اللازمة لحماية أولادهم عليهم باتخاذها فوراً، فليصمت كل أحمق يروج بين الناس أن حضورهم للكنيسة سيشفيهم من الوباء، ساعدوا البسطاء والفقراء والذين ليس لهم أحد يذكرهم للحصول على اللقاح، سيُحاسب الرب كل من يُقصر في حماية شعبه بالإجراءات الاحترازية، الذين يهللون ويطبلون ويزمرون ويشجعون على ازدحام الأديرة مصابون بمراهقة روحية».

وُلد مراد فرح رزق، وهو الاسم الأصلي للقمص صربامون قبل الرهبنة، بمدينة الأقصر في مايو 1951، وحصل على ليسانس آداب قسم فلسفة من جامعة الإسكندرية، ورُشح لبعثة في فرنسا لكنه رفضها واتجه إلى الرهبنة.

أقام القمص عيادات طبية، تطورت لخدمة الكثيرين وتقديم العلاج من خلال أمهر وأكبر الأطباء، ومساعدة الشباب غير القادرين على تكاليف الزواج، فأقام مصنعاً للأخشاب لتقديم الموبيليا لهم بسعر الكلفة، وأقام مكاناً يوفر للمقبلين على الزواج جميع احتياجاتهم بأسعار رمزية.

دعا القمص صربامون رجال الدين، أثناء المعركة البرلمانية المصرية، إلى البعد عن الانتخابات «لأن في ذلك كرامة لهم وللكنيسة»، و«لأن ذلك من اختصاص المجتمع المدني».

تويتر