بعد أكثر من عقد من الزمان

المرأة الألمانية تحتل نصف الوزارات في الحكومة الاتحادية الجديدة

صورة

خلال الأحداث الدرامية التي سبقت تشكيلها، ربما لا يعلم المراقبون حقيقة أن الحكومة الألمانية الجديدة لا تبدو مطلقاً مثل سابقتها، فمن المقرر أن تكون قريبة من التكافؤ بين الجنسين، حيث سعى الحزب الديمقراطي المسيحي، بقيادة المستشارة أنغيلا ميركل، والحزب الديمقراطي الاشتراكي المؤتلف معه، لتقسيم الوزارات بالتساوي بين الرجال والنساء.

وجود نساء في قمة السياسة الألمانية،

من شأنه أن يُضفي جاذبية على هذا المجال

السياسي الذي يتميز بالجمود.

ووجود نساء في قمة السياسة، مثل الأمينة العامة للحزب الديمقراطي المسيحي أنيغريت كرامب كارنباور، والرئيسة المستقبلية للحزب الديمقراطي الاشتراكي أندريا ناليس، من شأنه أن يُضفي جاذبية على هذا المجال السياسي الذي يتميز بالجمود. ومعظم المرشحات الحاليات لشغل المناصب الوزارية هن من القياديات في أحزابهن، فبالإضافة إلى كارنباور، هناك أيضاً أورسولا فون دير لين، المرشحة لحقيبة «الدفاع»، وجوليا كلوكنر، المرشحة لحقيبة «الزراعة».

وتعتبر زيادة عدد النساء داخل الحكومة الألمانية تغييراً جذرياً عن الماضي الذي ليس ببعيد جداً، لاسيما بالنسبة للحزب الديمقراطي المسيحي، عندما فازت ميركل بقيادة الحزب في مطلع القرن، بعد أن ظلت واحدة من ضمن امرأتين في آخر حكومة للمستشار هلموت كول. وواجهت قوة هائلة على شكل ما اصطلح عليه باسم «ميثاق الأنديز»، وهو عبارة عن طاقم من الذكور من نجوم «الديمقراطي المسيحي» الصاعدين الذين شكلوا تكتلاً يشبه «فرقة الإخوة»، بعد رحلة إلى تشيلي (ومن هنا جاء لقب ميثاق الأنديز).

وترتبط هذه المجموعة ارتباطاً جيداً، ورأى عدد منهم أنفسهم كمستشارين مستقبليين، ولكن لم ينجح منهم أحد في هذا المسعى. ووصل عدد قليل منهم إلى مكان رفيع، قبل أن يتم تهميشهم أو نقلهم إلى بروكسل، وآخرون تركوا السياسة وانتقلوا إلى مهنة مربحة في مجال الأعمال التجارية، والبعض الآخر لم يعرف عنهم شيئاً.

وبالنسبة للسيدة كلوكنر، فإن تحسين وضع المرأة في الحزب هو أحد الإنجازات العظيمة التي تحققت في العقود الأخيرة. وخلال زيارة لها، أخيراً، إلى كلية لندن للاقتصاد، تحدثت بصراحة عن استحالة انضمامها للحزب الديمقراطي المسيحي القديم لولا أنها لا تنتمي لمسقط كول في ألمانيا الغربية.

وهي الآن تشعر بالقلق من أن هذه المكاسب قد تتعرض للتهديد من قبل أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة. وتعتقد أن دمج مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين، الذين وصلوا أخيراً، ومعالجة المواقف الثقافية المختلفة تجاه النوع والجنس، سواء معاملة النساء في الأماكن العامة أو قبول المرأة في مناصب السلطة، ستكون واحدة من القضايا الكبرى.

وتقول كلوكنر إن أزمة الهجرة أجبرت الألمان على «النظر في المرآة»، ويتساءلون عن نوع البلد الذي سيندمج فيه الوافدون الجدد. أما زميلتها ومنافستها المحتملة في هذه المناصب العليا، جين سبان، المرشحة لحقيبة «الصحة»، فتتحدث عن الحاجة إلى «ليتكولتر»، وهي تعني الثقافة الرائدة أو التوجيه في اللغة الألمانية، وتضم القيم التي سيتم تدريسها في المدارس.

ومنذ عقد أو نحو ذلك، كانت كلمة «ليتكولتر» ذاتها واقتراحاتها كاستثناء ثقافي كافية لإثارة الغضب بين المعلقين. وإلى جانب قضايا، مثل الإصلاح الاقتصادي والأمن والرقمنة، فإن الفصل التالي في الحياة السياسية الألمانية سيشهد مسائل الهوية الأساسية، بغض النظر عمّن يقود البلاد، حيث تثير هذه القضايا جدلاً مستفيضاً.

تويتر