نالت جائزة أصغر صحافية شجاعة في العالم

الفلسطينية فاطمة شبير تحصد جائزتين عالميتين ألمانية وفرنسية خلال شهرين

صورة

في بداية عام 2013 شقت المصورة الصحافية الفلسطينية، فاطمة شبير، من سكان قطاع غزة، طريقها لتتعلم التصوير الصحافي بشكل مستقل، وخاضت خلال الأعوام التالية مغامرات مملوءة بالمخاطر، جراء وجودها في مناطق الصراع والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة.

تعرضت فاطمة، البالغة من العمر 24 عاماً، للكثير من الانتقادات من محيطها المجتمعي، وواجهت تهكماً وسخرية كونها فتاة تعمل ضمن مجتمع تحكمه العادات والتقاليد، إلا أنها واصلت مشوارها الصحافي، محاولة التغلب على كل التحديات والصعاب، التي أبرزها عدم توافر الإمكانات اللازمة.

اليوم وبعد رحلة المثابرة والتحدي، أصبحت شبير أصغر صحافية شجاعة في العالم، بعد فوزها بجائزة «الشجاعة أنيا نيدرينغهاوس» الألمانية في التصوير الصحافي من المؤسسة الدولية لإعلام المرأة، مطلع شهر أكتوبر الجاري، والتي تُمنح للمصورات اللواتي يتقدمن الصفوف الأولى، ويعرضن أنفسهن للخطر، من أجل الحصول على الأخبار المصورة.

كما فازت شبير في نهاية شهر أغسطس الماضي بجائزة «ريمي أوشليك» الفرنسية، التي يتم الإعلان عنها في كل عام، لتكريم المصورين الشباب حول العالم، حيث فازت بالجائزة من حيث أفضل تقرير سنوي مصور مختص في الصراع.

في عقر أوروبا

المصوّرة شبير تشرح لـ«الإمارات اليوم» تفاصيل تفوقها على صحافيات العالم بجائزة «الشجاعة أنيا نيدرينغهاوس» في عقر أوروبا، والتي رشحت للفوز بها بواسطة محرري الصور في وكالة «غيتي» للصور، التي تنشر الصور التي تلتقطها فاطمة.

وتقول الشابة فاطمة: «إن الصور التي رشحت للجائزة وفزت بها هي عبارة عن قصة مصورة تضم 13 صورة، بعنوان: 11 يوماً من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وجميعها توثق فصول القتل والدمار، التي خلفتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة، في شهر مايو الماضي، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 200 فلسطيني، بينهم عشرات الأطفال والنساء».

وتبين أن الصور التي فازت بجائزة الشجاعة، كانت لأطفال أناروا الشموع، لتضيء عتمة إحدى ليالي الحرب في ظل أزمة انقطاع التيار الكهربائي، وأخرى لمبانٍ طالها القصف والدمار، وعائلات مشردة على قارعة الطريق وداخل الخيام، بعد أن فقدت مأواها الوحيد، إلى جانب صور لطفلة تودع والدها الشهيد».

أما الصور التي فازت بجائزة «ريمي أوشليك» الفرنسية، فكانت عبارة عن تقرير يتضمن 37 صورة، جميعها توثق أحداث الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة.

وتقول المصورة الصحافية الشابة: «إن التقرير المصور رشح أيضاً لجائزة ريمي أوشليك الفرنسية، بواسطة محرري الصور في وكالة (غيتي) للصور، وشمل جميع مشاهد الدمار والتشرد، كما تميزت هذه الصور بأنها رصدت كل تفاصيل مآسي الشعب، جراء مجازر القتل والقصف، التي ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين العزل».

دافع إيجابي

الشابة فاطمة ترى أن فوزها بالجائزتين الأوروبيتين وتفوقها على صحافيات العالم، يعد نجاحاً لصوت المرأة الفلسطينية التي تكافح وتثابر من أجل إثبات جدارتها، وإيصال رسالة إبداعها إلى كل حدب وصوت.

وتقول: «إن تكريمي بجوائز أوروبية، هو دافع إيجابي لكل امرأة فلسطينية كي تحقق طموحها، متحدية نظرة الانتقاد السلبية من المحيط المجتمعي، ففي قطاع غزة خمس سيدات فقط، يعملن في مجال التصوير الصحافي، والمرأة تمتلك قدرات لا حدود لها، تؤهلها للتفوق على الكثير من سيدات أوروبا والعالم أجمع».

وتضيف: «إن جائزة (أنيا نيدرينغهاوس) تمنح لأكثر صحافية شجاعة في العالم تعمل في مناطق الصراع، وبفضل مثابرتي كنت أصغر صحافية تحصل عليها منذ انطلاقها في عام 2015».

دعم والدتها

شقت الشابة فاطمة أولى خطواتها في مشوار التصوير الصحافي، عندما كانت طالبة في المرحلة الثانوية، حيث سعت لتتعلم التصوير بشكل مستقل، وكان دعم والدتها هو الأساس منذ بداية رحلتها إلى ما لا نهاية.

وتقول: «تعلمت التصوير بشكل ذاتي، بواسطة البحث والقراءة عبر الإنترنت، وقد واجهت تحديات كثيرة في البداية، أبرزها، نظرة المجتمع وانتقاداته السلبية، التي حاولت أن تنتقص من جهدي وعملي، إلى جانب عدم توافر الإمكانات اللازمة للعمل، حيث كنت أسير مشياً على الأقدام لمسافات طويلة من أجل الوصول إلى المناطق النائية والحدودية، لتوثيق حياة ومعاناة السكان عن قرب».

وتواصل شبير حديثها قائلة: «ومن الصعاب التي واجهت طريق عملي، عدم توافر كاميرا خاصة بي، ولكن في عام 2017 أهدتني والدتي التي كانت تشجعني دوماً أول كاميرا، وقد فرحت كثيراً بشكل يصعب وصفه، فعلى الفور نزلت بها إلى ميدان العمل، وكانت أول صور التقطتها للسكان اللاجئين في مخيم الشاطئ غرب غزة، لتعكس معاناتهم، ونشرتها إلى العالم عبر وسائل الإعلام الاجتماعي».

وفي العام ذاته، نضجت ثمار دعم الأم لابنتها، فقد شاركت فاطمة في مسابقة «لحظات»، التي أطلقتها مجلة «ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي»، إذ فازت بالمركز الأول في فئة الصورة الوثائقية.

وتقول الصحافية الشابة: «إن جائزة ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي تعد تمجيداً للإرث التقليدي (ليلة الحناء) المصورة، التي وثقتها بعدسة كاميرتي، لتسليط الضوء على أهم العادات والتقاليد التراثية في الأفراح، والتي مازالت حاضرة في المجتمع الفلسطيني رغم تعاقب الأجيال، والجائزة أيضاً تعد تكريماً لدعم والدتي الدائم وتشجيعها المستمر لي».

وكانت انطلاقة الشابة فاطمة للعمل في مجال التصوير الصحافي في عام 2019، بعد سنوات طوال من التعلم الذاتي والمثابرة، حيث بدأت العمل كمساهمة مع وكالة «غيتي» للصور، كما تنشر أعمالها المصورة في العديد من الصحف ووكالات الأنباء العالمية، ومنها، «نيويورك تايمز»، ووسائل إعلامية عالمية أخرى.

• تعرضت فاطمة، البالغة من العمر 24 عاماً، للكثير من الانتقادات من محيطها المجتمعي، وواجهت تهكماً وسخرية كونها فتاة تعمل ضمن مجتمع تحكمه العادات والتقاليد، إلا أنها واصلت مشوارها الصحافي، محاولة التغلب على كل التحديات والصعاب، التي أبرزها عدم توافر الإمكانات اللازمة.

تويتر