الرئيس الجمهوري حول حزبه إلى «ملوث أفكار»

أميركا تحتاج إلى جيل كامل لتنظيف مخلّفات ترامب

صورة

لن يكون الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رئيساً مدى الحياة، وسيرحل، إن ساعدته الظروف، بعد أكثر بقليل من ست سنوات، لكن ميراثه المرير سيظل باقياً، فقد حول السياسة الأميركية إلى ممول متميز لتنظيف ما لوثته أفعاله، وحول الحزب الجمهوري إلى «ملوث أفكار» رائد في أميركا. قد يستغرق الأمر جيلاً كاملاً، لتنظيف السموم التي أطلقها ترامب، فهو شخص عنصري، ومتآمر، ويكره الأجانب، وحزبه يعكس بشكل متزايد كل تلك التشوهات العقلية.

ويشير ترامب إلى أن جهود فلوريدا في عد الأصوات بعد الانتخابات - وهي ممارسة معتادة - هي جزء من مؤامرة دبرها الديمقراطيون لسرقة الانتخابات. وقال في تغريدة: «لم يعد فرز الأصوات مجدياً بعد الآن، يجب أن يكون ذلك في ليلة الانتخابات»، ولكن لا يوجد أي دليل - لا شيء - عن أي تزوير. وعندما سئل عن دليل يثبت ما قاله، أجاب ترامب: «أنا لا أعرف، أخبروني أنتم».

لكن مؤيديه في نظرية التآمر ردوا على ذلك، منهم حاكم فلوريدا، والمرشح لمجلس الشيوخ، ريك سكوت (الجمهوري)، الذي تعهد قائلاً «لن أجلس مكتوف الأيدي، بينما يحاول الليبراليون غير الأخيار سرقة هذه الانتخابات»، والسيناتور ماركو روبيو (الجمهوري) - الذي ادعى أن «طاقم الانتخابات غير المؤهل قانونياً يوفر فرصة للمحامين لسرقة الانتخابات». لقد عملت في حملة روبيو الرئاسية لعام 2016، لذلك أشعر بالحزن لرؤية «روبيو الصغير» يتحول إلى جانب الشخص الذي ظل يسخر منه، وهو ترامب.

الدفع إلى الأسفل

هذا هو تأثير ترامب: إنه يدفع الجمهوريين العاقلين إلى أسفل وصولاً إلى «جحر التآمر». وكل ذلك يصنع أخباراً مهمة عندما ترغب المرشحة الجمهورية، مارثا ماكسلي، في ولاية أريزونا، في التنازل عن سباقها في مجلس الشيوخ دون أن تدعي أنها كانت ضحية للاحتيال. ما اعتاده الناس أن يكون عادياً أصبح الآن غير عادي. ماكسلي، هي، بعد كل شيء، عضو في الحزب الجمهوري نفسه مثلها مثل النائب الجمهوري مات جايتز، الذي غرد على شريط فيديو يصور رجلاً يسلم أموالاً لنساء وفتيات تحت عنوان: «خبر عاجل: لقطات في هندوراس، شخص يعطي أموالاً لسيدات وأطفال لينضموا إلى قافلة المهاجرين ليجتازوا الحدود الأميركية في وقت الانتخابات». والمصدر جورج سوروس، منظمات غير حكومية مدعومة من الولايات المتحدة. لقد حان الوقت للتحقيق في المصدر! وغرد ترامب في رده على الفيديو «ألا تصدقون هذا؟ وما يفعله الديمقراطيون لبلدنا؟»، وتبين في ما بعد أن اللقطات كانت من غواتيمالا، وليس هندوراس، وهي لتجار محليين يساهمون بأموال لقافلة اللاجئين. لم يكن لها أي ارتباط بجورج سوروس، لكن ذلك لم يمنع ترامب وجايتس من الاتجار بنظرية المؤامرة المعادية للسامية هذه.

إهانة ذكاء الأفارقة

لم يخجل ترامب، أيضاً، من إهانة ذكاء الأميركيين الأفارقة، حيث وصف النائبة الديمقراطية، ماكسين ووترز، أحد أطول أعضاء مجلس النواب خدمة في منصبها، بأنها «محدودة الذكاء بشكل غير عادي»، ومذيع «سي إن إن»، دون ليمون، بأنه «أغبى رجل في التلفزيون». ويقول ترامب إنه «ليس من السهل أن يتحول لاعب كرة السلة الأميركي الأسود، ليبرون جيمس، إلى شخص ذكي»، وأن مراسلة شبكة «سي إن إن»، آبي فيليب، وهي خريجة جامعة هارفارد «تطرح الكثير من الأسئلة الغبية»، وأن ستايسي أبرامز، خريجة كلية الحقوق بجامعة ييل، وزعيمة الأقلية السابقة في مجلس النواب في جورجيا «غير مؤهلة» لتكون حاكماً لجورجيا. ويهين ترامب الكثير من الناس، بما في ذلك البيض مثل مراسل الـ«سي إن إن» في البيت الأبيض، جيم أكوستا، ويصفه بأنه «شخص فظ، وفظيع»، لكن انتقاداته عن الذكاء تستهدف في المقام الأول الأقليات.

المهاجرون من أميركا اللاتينية هدف مفضل آخر لترامب. في حملة التجديد النصفي، أطلق إعلاناً حاول فيه أن يجعل قاتل شرطي واحد من الجيش الغازي المفترض من المهاجرين غير الشرعيين. كان الإعلان عنصرياً جداً وغير سوي لدرجة أن شبكة فوكس نيوز، شبكته المفضلة، ترفض بثه.

تعصب صارخ

مثل هذا التعصب الصارخ من الرئيس يشجع أيضاً على التعصب الشديد وسط أتباعه. النائب الجمهوري، ستيف كينغ (من ولاية أيوا) يصف المهاجرين المكسيكيين بـ«قذارة»، ويحذر المرشح لمنصب حاكم فلوريدا، رون دي سانتيه، الناخبين من عدم انتخاب خصمه الأميركي الإفريقي مشيراً إليه بـ«القرد»، كما أن السيناتور سيندي هايد سميث (الجمهورية)، التي تمثل ولاية ذات تاريخ طويل من الإعدام بلا محاكمة، وهي ولاية مسيسيبي، تمزح بأنها تجلس في الصف الأول من أجل «شنق الجمهور».

وكان العضو السابق في مجلس الشيوخ عن ولاية مسيسيبي، وهو ترينت لوت، قد استقال من منصبه عام 2002، على الرغم من كونه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، بعد أن مزح بأنه لو تم انتخاب ديكسيكرات ستروم ثورموند رئيساً فقط في عام 1948 «لما واجهنا كل هذه المشكلات». ثورموند كان معارضاً لقانون الحريات المدنية وإلغاء الفصل العنصري في البلاد. ولكن كان ذلك في عام 2002، عندما كان الحزب الجمهوري لايزال لديه بعض المعايير. اليوم، أعطى ترامب مثيري الكراهية الإذن ليعبروا عن كرههم في العلن. ولا عجب في أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كشف أن جرائم الكراهية ارتفعت بنسبة 17٪ العام الماضي، وأن جرائم الكراهية المعادية للسامية ارتفعت بنسبة 37٪. بعد أن أعلن ترامب نفسه بأنه «شعوبي»، صرخ مؤسس موقع صحيفة «الديلي ستورمر» التابعة لمجموعة النازيين الجدد، ببهجة: «إنه صديقنا، إنه يقرب المسافة بيننا».

إلغاء الحواجز

ترامب لا يكتفي بتقريب المسافة، وإنما يلغي الحواجز تماماً. إنه يقوم بتطبيع التعصب والتآمر بطرق لم يكن من الممكن تخيلها قبل بضع سنوات فقط. بعد رحيله، وربما قبل ذلك، سيكون من الضروري إعادة بناء حواجز ثقافتنا. لا يمكننا القضاء على التعصب الأعمى، لكن يمكننا الحد من انتشاره، وأن نجعل التعبير عنه في العلن أمراً غير مقبول. وتقدم لنا حملة مكافحة التبغ، التي تنشر مخاطر التدخين، نموذجاً لجهود تثقيف الجمهور، وهذا التثقيف سيكون ضرورياً لتنظيف بقايا ترامب السامة. والتاريخ يعلمنا أن الكراهية تقتل تماماً كالتدخين.

ماكس بوت: كاتب عمود بالصحيفة

- لم يخجل ترامب من إهانة ذكاء الأميركيين الأفارقة، حيث وصف النائبة الديمقراطية، ماكسين ووترز، أحد أطول أعضاء مجلس النواب خدمة في منصبها، بأنها «محدودة الذكاء بشكل غير عادي»، ومذيع «سي إن إن»، دون ليمون، بأنه «أغبى رجل في التلفزيون».

تويتر