الإرهاب ينتقل من «القاعدة» إلى العمليات الفردية

فيصل شاه زاد نموذج للعمليات الفردية. أرشيفية

على الرغم من تميز العام المنصرم ببعض علامات التعافي الاقتصادي في الدول الغربية، فإنه شهد بروزاً لما يمكن تسميته الارهاب الجزئي أو المصغر، الذي قد يكون نتيجة منطقية لفشل السياسات الخارجية لتلك الدول في تحقيق إنجازات كبيرة، لاسيما في مناطق النزاعات وبؤر التوتر الساخنة.

ففي العراق الأمن مشلول، بسبب فشل قواته وأجهزته في وقف الهجمات وعمليات التفجير والاغتيالات، لكن الوضع العام مستقر ومتماسك في حده الادنى، وفي افغانستان الحال غير مستقر، لكنه لم يكن اسوأ مما كان عليه من قبل، والعلاقات بين الولايات المتحدة وبقية العالم تبدو معقولة ومنطقية في حدها الادنى.

وفاق عدد محاولات الهجمات التي استهدفت الولايات المتحدة خلال الاشهر التسعة الاخيرة من العام الماضي عددها في فترة 21 شهراً خلال الاعوام السابقة، وذلك استناداً إلى ما جاء في تقرير لوزارة الامن الداخلي الاميركية. ولربما تكفي الاشارة الى محاولات تفجير رحلات طائرات ركاب وشحن في اكتوبر الماضي باستخدام مواد متفجرة في علب حبر لطابعات كمبيوتر، أو من غير وجود اشخاص على متنها للقيام بالتفجير، كما ان الظاهرة ليست اميركية فحسب، ففي روسيا تقول وكالة نوفوستي إن عدد الهجمات على الاراضي الروسية قد تضاعف في .2010 وهذا النمط جديد من العنف «الارهاب الجزئي»، أو مايكرو تيروريزم يمكن وصفه بانه عمليات تفجير صغيرة في الساحة المحلية لدولة ما، يقوم بتنفيذها اشخاص عاديون وليس قادة أو اعضاء ناشطين منظمين. ويقول صحافيون إن تفكيراً ذا نزعة ترشيدية يقف وراء الارهاب الجزئي، بينما يقول صحافيون يعملون مع القاعدة «لا نحتاج الى ضربات أو عمليات كبيرة، المهم أن نهاجم عدونا ونبقيه في حال نزيف دائم من خلال الهجمات والانفجارات الصغيرة التي لا تستدعي سفر المنفذين أو تحركهم الى المكان المستهدف، بحيث يتم الانفجار من خلال تفجير جهاز هاتف نقال أو صندوق حبر طابعة أو غير ذلك».

وفي بلد مثل الولايات المتحدة، يبدو يسيراً وسهلاً الى حد كبير اجتذاب اشخاص ليكونوا عناصر وعملاء لتنفيذ الهجمات الصغيرة، كما حدث مع فيصل شاه زاد الذي حاول تفجير ساحة تايمز سكوير في نيويورك في اكتوبر الماضي، وخلال تسعينات القرن الماضي نفذت القاعدة عشرات التفجيرات والهجمات في كثير من الدول، وتم قسم منها بالتزامن، كانفجاري السفارتين الاميركيتين في كينيا وتنزانيا، وبعضها استهدف هدفاً مهماً مثل المدمرة الاميركية يواس اس كول، واستمر الوضع على هذا المنوال حتى عام .2001

وبعد سيل غارات الطائرات بلا طيار التي يقوم بها الاميركيون منذ سنوات في كل من افغانستان وباكستان، ويذهب ضحيتها المدنيون باسم ملاحقة عناصر القاعدة وقيادات طالبان، قررت القاعدة التركيز على تعكير صفو الحياة اليومية في الدول الغربية من خلال سلسلة كبيرة من الانفجارات الصغيرة التي يعكس تنفيذها قدرة على مواكبة تطور التكنولوجيا وتوسعاً في انتشارها واستخداماتها من المعاهد والمؤسسات الى الافراد، كما أن الارهاب الجزئي غير متناظر أساساً، ولا يقوم على التشابه وإنما على استخدام القوة الصغيرة والسريعة ودقة المتابعة والتحكم والمراقبة ويصدر عن دول فقيرة مثل اليمن والصومال وافغانستان، إذ يصعب على الاميركيين والغربيين بشكل عام محاربة الاعداء منفذي هذه التفجيرات والهجمات الصغيرة بقوات نظامية.

فريد زكريا - صحافي وكاتب سياسي أميركي

تويتر