نظراً لحالة انعدام الاستقرار بالمنطقة

آخر ما يحتاج إليه الشرق الأوسط هو سباق أسلحة نووية

صورة

في شهر سبتمبر الماضي، نظمت مجلة ناشونال إنترست منتدى حول سياسة الأسلحة النووية، والحد من انتشارها، خلال إدارة الرئيس جو بايدن. وطرح العديد من الخبراء المشاركين السؤال التالي: هل يتعين على بايدن أن يستغل فرصة مراجعة الموقف النووي لإدارته من أجل إعادة تحديد دور الأسلحة النووية في التخطيط للأمن في الولايات المتحدة؟ كيف يجب أن تتغير السياسة الأميركية بحيث تكون ملائمة لمعالجة تهديدات انتشار الأسلحة النووية التي تواجهها الولايات المتحدة؟ فيما يلي إحدى الإجابات المطروحة:

يتطلب إزالة خطر الأسلحة النووية من العالم قيام الدول التي تملك هذه الأسلحة حالياً بتخفيض مخزونها منها، وفي نهاية المطاف التخلص منها، وبذلك لا تقوم الدول غير النووية بامتلاكها. ولا يوجد حالياً أي خطر على الحد من انتشار الأسلحة النووية أكثر إلحاحاً مثل إيران، التي لا تمتلك الأسلحة النووية، لكنها تعمل على توسيع قدراتها النووية بسرعة، رداً على انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية إيران النووية عام 2018.

وعلى الرغم من أن إدارة بايدن اعتمدت التصرف على نحو معاكس لسياسة إدارة الرئيس دونالد ترامب، وأعلنت استعدادها المعلن للعودة إلى اتفاقية الخطة الشاملة والمشتركة للتحرك، والمعروفة باسم اتفاقية إيران النووية، إذا كان التزام إيران جيداً، إلا أن طهران تبدو مترددة في تخفيض نشاطاتها النووية. وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين امير عبداللهيان، يوم 24 سبتبمر، في جلسة مع خبراء أميركيين حول إيران على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة «حققت اتفاقية الخطة المشتركة نتائج كبيرة في ما يتعلق بتخفيف العقوبات عن إيران على الورق فقط»، وكان يشير إلى تجربة إيران في عام 2016، بعد أن أصبح الاتفاق ساري المفعول، حتى قبل أن يؤدي انتخاب دونالد ترامب للبيت الأبيض إلى قيام معظم الغربيين بسحب استثماراتهم من إيران.

وعلى الرغم من خضوع إيران لأشد أنواع العقوبات قسوة في تاريخها، بعد انسحاب ترامب من اتفاقية إيران النووية، إلا أنها تمكنت من البقاء عن طريق مواصلة بيع النفط إلى الصين، التي تعتبر العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران غير قانونية، وعن طريق تنويع صادراتها الأخرى، وإنشاء منتجات محلية. ويتساءل المسؤولون الإيرانيون ما إذا كانت اتفاقية إيران النووية تستحق الالتزام بها من أجل الحصول على تخفيف للعقوبات لبضع سنوات، في الوقت الذي يمكن أن يعود فيها ترامب الذي يكره هذه الاتفاقية إلى السلطة في واشنطن في بداية عام 2025. وأشار عبداللهيان إلى أن إدارة بايدن عليها أن تفعل الكثير سلفاً، مثل الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الأجنبية، للسماح لطهران بشراء اللقاحات المضادة لجائحة كورونا، قبل أن تفكر إيران في العودة إلى الاتفاقية النووية. ورفض أيضاً الالتزام باستئناف المحادثات في فيينا عند النقطة التي توقفت فيها في يونيو 2021، عندما تم إيقاف المفاوضات الأميركية الإيرانية غير المباشرة، للتحضير للانتخابات الرئاسية في إيران.

وفي هذا الوقت، تعمل إيران على زيادة اليورانيوم المخصب إلى أعلى درجة ممكنة، وتركيب أكثر المعدات تطوراً. وتعمل أيضاً على تقليل التعاون مع المنظمة الدولية للطاقة النووية، رافضة السماح للمفتشين بتغيير الكاميرات في منشأة الطرد المركزي التي تعرضت للتدمير في هجوم تخريبي اتهمت به إسرائيل. ويمكن اعتبار هذه الأفعال عبارة عن تعزيز لموقف طهران في المفاوضات المقبلة، ولكنها تقلل أيضاً من الزمن الذي تحتاجه إيران للحصول على القنبلة النووية، من نحو عام في ظل اتفاقية الخطة الشاملة والمشتركة إلى بضع أسابيع فقط من خلال نشاطات إيران الحالية.

وتجاهلت إيران مناشدات وتهديدات الدول الأوروبية المشاركة في اتفاقية إيران النووية، وهي بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والاتحاد الأوروبي، وقالت إن أوروبا فقدت أهميتها لأنها فشلت في استمرار التجارة مع إيران، بعد أن قرر الرئيس ترامب إعادة فرض العقوبات. وتبقى مواقف الدولتين الأخريين المشاركتين في الاتفاقية النووية، وهما الصين وروسيا، مهمة جداً بالنسبة لصانعي القرار السياسي في طهران. ويجب على كل من الصين وروسيا تشجيع إيران على العودة إلى الحظيرة الدولية، لأنه ليس من مصلحة أحد رؤية مزيد من الدول التي تمتلك الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. ومع وجود المليارات من الدولارات من عائدات النفط لاتزال محبوسة في المصارف الأجنبية، يتعين على إيران أن ترى الحكمة في العودة إلى الاتفاق الذي حظي بمباركة مجلس الأمن الدولي، والذي مثل انتصاراً نادراً للدبلوماسية الإيرانية.

وقال المسؤولون الإيرانيون مراراً وتكراراً إنهم لا يريدون الحصول على السلاح النووي، حيث أعلن القائد الأعلى لإيران، آية الله خامنئي أن جميع أسلحة الدمار الشامل تعتبر مناقضة للإسلام، ولكن قلة من جيران إيران يثقون بهذه الكلمات. ولو واصلت إيران توسيع برنامجها النووي، فسيؤدي ذلك إلى تحفيز الدول المنافسة لها في المنطقة لامتلاك قدرات تسليحية نووية أيضاً. وبالنظر إلى حالة انعدام الاستقرار التي تعاني منها المنطقة، فإن آخر شيء يمكن أن يحتاجه الشرق الأوسط هو العيش في سباق تسلح نووي.

باربرا سلافين  ■ صحافية أميركية متخصصة بالسياسة الخارجية

• إذا واصلت إيران توسيع برنامجها النووي، فسيؤدي ذلك إلى تحفيز الدول المنافسة لها في المنطقة لامتلاك قدرات تسليحية نووية أيضاً.

تويتر