كاتبة أسترالية تحذر:

خطر «طالبان» سيتجاوز الحدود ما لم تتحرك الدول الكبرى

صورة

تواصل حركة «طالبان» تقدمها في أفغانستان مع سقوط مدينة تلو الأخرى تحت سيطرتها، بعد قتال في بعض الأحيان، وبعد استسلام في أحيان أخرى. ودخلت الحركة الآن العاصمة كابول، وهو ما سيعد انتصاراً واضحاً لها.

وتقول الكاتبة الصحافية الأسترالية، روث بولارد، في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء أخيراً، إن الأمر سيئ بطبيعة الحال، لكنه سيصبح أسوأ مع امتداد الصراع إلى دول ما وراء حدود أفغانستان، وقد بدأت بوادر ذلك بالفعل.

فالجماعات الإسلامية المسلحة الموجودة في تلك الدول، وبعضها لديها أجندات عابرة للدول مثل تنظيم «القاعدة»، لديها الآن نموذج لكيفية هزيمة الحكومات التي تدعمها دول كبرى، وتشعر الآن بالجرأة بعد ما لاحظته من تقدم خاطف وسريع لحركة «طالبان» في أفغانستان.

ضغط أقل

وتقول بولارد إن هذا يحدث في وقت تشهد فيه الجماعات الإسلامية المسلحة أقل ضغط في مجال محاربة الإرهاب طوال العقدين الماضيين، ما يمكنها من ممارسة نشاطها بحرية مطلقة في حقيقة الأمر.

ويرى محلل الأمن في جنوب آسيا بمعهد السلام الأميركي أسفانديار مير، أنه لأمر خطير أن تتضاءل جهود محاربة التهديدات في الوقت نفسه الذي تتزايد فيه التهديدات.

وقال مير إن «المسلحين الإسلاميين في وسط آسيا بدأوا يستعرضون عضلاتهم، وهاجم الإسلاميون المعادون للصين أفراداً صينيين في باكستان، ومن المحتمل للغاية أن يكون هناك مزيد من العنف في المنطقة، فالتهديد مستمر، ونحن نتحدث فقط عن تصعيد من هذه النقطة فصاعداً».

وتقول بولارد إن انهيار الجمهورية الأفغانية بعد رحيل الولايات المتحدة، سوف يكون له أهمية إقليمية تماماً مثلما كان لغزو ما بعد 11 سبتمبر، أو انسحاب القوات السوفييتية وسقوط النظام الشيوعي الذي كانت تدعمه، و«هذا تحول جذري سيؤدي إلى تغيير السياسة في هذا الجزء من العالم بطرق» يصعب التكهن بها.

ومن المتوقع أن يكون التغيير المباشر إقليمياً، فقد لحق الضرر بالمصالح الصينية في باكستان بالفعل.

وفي أبريل الماضي انفجرت سيارة مفخخة في فندق فاخر يقيم به سفير بكين في كويتا، التي لا تبعد كثيراً عن معاقل «طالبان» في جنوب أفغانستان. وأعلنت حركة «طالبان» باكستان مسؤوليتها عن الهجوم.

وتضيف بولارد أنه في الشهر الماضي، انفجرت قنبلة في حافلة كانت في طريقها إلى موقع سد ومشروع كهرومائي في داسو قرب حدود باكستان مع الصين، ما أسفرعن مقتل 12 شخصاً، بينهم تسعة صينيين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن بكين شعرت بالقلق البالغ لدرجة أنها استضافت ممثلين لـ«طالبان» للاجتماع مع وزير الخارجية وانغ يي. ولا شك أن أي هجمات أخرى ضد مواطنين صينيين يعملون في جنوب آسيا، سواء أعلنت «طالبان» أو غيرها ممن يعملون بموافقتها، المسؤولية عنها، سوف تؤثر على العلاقات المستقبلية، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما سوف تفعله الصين رداً على ذلك.

ترقب

وفي حال عدم بذل أي جهود سياسية أو دبلوماسية رئيسية لوقف تقدم «طالبان»، أو كبح الجماعات التي تعمل في ظلها، بما في ذلك تنظيم «القاعدة» الذي تم إضعافه إلى حد كبير، فسيكون هناك ترقب إلى متى ستحدث زيادة في الهجمات الإرهابية. وسوف يكون الخطر شديداً بوجه خاص بالنسبة لست دول مجاورة لأفغانستان، والتي تشمل، بخلاف الصين، إيران وباكستان، وكذلك الهند القريبة، التي سوف تراقب عن كثب إقليم كشمير ذا الأغلبية المسلمة، لاحتمال اندلاع العنف فيه. وسوف تشعر روسيا بالقلق بالنسبة للتأثير على أوزبكستان، وتركمانستان وطاجيكستان، وبالنسبة لأي رد فعل إرهابي تتعرض له أراضيها.

تدخل

وتقول بولارد إن هناك احتمالاً بأن تتدخل الدول الكبرى، الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وأن تقوم بإقناع حلفائها وأصدقائها بإنهاء الأعمال القتالية، ولكن المحللين يعتقدون أنه ليس من المرجح حدوث ذلك، فالوضع تفاقم منذ توصلت الولايات المتحدة و«طالبان» إلى اتفاقهما في فبراير العام الماضي، وسوف يستمر على هذا النحو.

ويتمثل الأمر الآخر المتوقع بالنسبة لأفغانستان، والمثير للقلق، في بدء المقاتلين الأجانب في التدفق مرة أخرى عليها من أنحاء العالم. وهناك متمردون من دول آخرى في أفغانستان بالفعل، لكن معظمهم من دول مجاورة، وبمجرد وصولهم من دول بعيدة، سوف يزداد احتمال انتشار الهجمات على نطاق أوسع.

ويقول سفير باكستان السابق لدى واشنطن، والمدير الحالي لشؤون جنوب ووسط آسيا في معهد هودسون، حسين حقاني، إن «طالبان» لاتزال مرتبطة أيديولوجيا بتنظيم «القاعدة» وغيره من الجماعات الإرهابية الدولية، وهناك تشارك في الأمور المالية والتدريب، وحتى التزواج في ما بينهم.

وقال حقاني: «نظراً لأن الإسلاميين المسلحين لا يفكرون كثيراً في مسألة الحدود الدولية، ويعتبرون الحدود العالمية الحالية غير إسلامية، فإن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يتجهوا بأنظارهم نحو أوروبا والولايات المتحدة مرة أخرى».

وتختتم بولارد تقريرها بالقول إن من الصعب معرفة كيف ستنتهي الأمور. وما لم تفعل الدول الكبرى ما هو أكثر من مجرد حبس أنفاسها، والتعلق بأمل حدوث ما هو أفضل، فسوف يتجاوز الشعور بنتيجة عدم مبالاتها حدود أفغانستان.

• الجماعات الإسلامية المسلحة، وبعضها لديه أجندات عابرة للدول مثل تنظيم «القاعدة»، لديها الآن نموذج لكيفية هزيمة الحكومات التي تدعمها دول كبرى، وتشعر الآن بالجرأة بعد ما لاحظته من تقدم خاطف وسريع لحركة «طالبان» في أفغانستان.

• يتمثل الأمر الآخر المتوقع بالنسبة لأفغانستان، والمثير للقلق، في بدء المقاتلين الأجانب في التدفق مرة أخرى عليها من أنحاء العالم.


شوارع كابول خاوية.. وتكدس بالمطار

بدت شوارع كابول مهجورة، أمس، بعد يوم من سيطرة حركة «طالبان» على العاصمة الأفغانية دون قتال، لكن مئات المدنيين تكدسوا في المطار سعياً للهرب.

وأظهر مقطع مصور على وسائل التواصل الاجتماعي المئات يسرعون صوب المطار حاملين أمتعتهم بينما ترددت أصوات إطلاق نار.

وانتشرت قوات أميركية عند المطار لتأمين إجلاء القوات الأميركية وأطلقت النار في الهواء لردع مئات المدنيين الذين هرولوا باتجاه مدرج الطائرات في محاولة لركوب طائرة. وقال مسؤول أميركي لـ«رويترز» عبر الهاتف «كان الحشد خارج السيطرة». وأضاف «كان الهدف من إطلاق النار هو نزع فتيل الفوضى فحسب». وبدت منطقة وزير أكبر خان التي تتركز فيها السفارات خاوية مع مغادرة معظم الدبلوماسيين وأسرهم المدينة، أو انتقالهم إلى المطار لحين المغادرة.

وقال سكان إن المكاتب الحكومية أيضاً كانت خاوية.

وقال جول محمد حكيم الذي يملك مخبزاً بالمنطقة «أمر غريب أن ترى الشوارع خاوية، لم تعد هناك مواكب دبلوماسية كبيرة». وأضاف «سأصنع الخبز هنا لكنني سأكسب القليل. حراس الأمن كانوا أصدقائي لكنهم رحلوا». وتابع «تأكدت أنا وزوجتي من أن لديها براقع تكفي لها وللبنات».

تويتر