"المركب يغرق".. دولة عربية تعلن انهيار المنظومة الصحية بسبب كورونا

قالت المتحدثة باسم وزارة الصحة التونسية، اليوم الخميس، إن المنظومة الصحية في البلاد انهارت مع امتلاء أقسام العناية الفائقة وإرهاق الأطباء والتفشي السريع لجائحة كورونا.

وسجلت تونس قرابة 10 آلاف إصابة جديدة بفيروس كورونا و134 وفاة أمس الأربعاء، في زيادة قياسية يومية منذ بدء الجائحة مع تزايد المخاوف من ألا تتمكن الدولة من السيطرة على التفشي.

وقالت نصاف بن علي لراديو موزايك "نحن في وضعية كارثية.. المنظومة الصحية انهارت.. لا يمكن أن تجد سريراً إلا بصعوبة كبرى. نكافح لتوفير الأكسجين. الأطباء يعانون ارهاقا غير مسبوق."

وأضافت أن "المركب يغرق" داعية الجميع إلى توحيد الجهود.

وفرضت تونس عزلاً عاماً في بعض المدن منذ الأسبوع الماضي، لكنها رفضت فرض العزل العام على المستوى الوطني بسبب الأزمة الاقتصادية.

وقرر والي المنستير أكرم السبري، غلق حدود الولاية ومنع التنقل بين مدن المنستير خلال نهاية هذا الاسبوع السبت والاحد 10 و11 يوليو.

كما تقرر أيضا رفع الكراسي والطاولات بالمقاهي   المطاعم، وغلق الشواطئ نهاية هذا الأسبوع، وتعليق الأسواق الأسبوعية بداية من يوم السبت حتى 15 يوليو.

وارتفع إجمالي عدد الإصابات إلى حوالي 465 ألفا بينما تجاوزت الوفيات 15700 حالة.

ولا يوجد سرير شاغر في قسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة فجميع الغرف مكتظة بمرضى كوفيد-19 ويجلس معظم المصابين على الكراسي لتلقي الاكسيجين في حين ينتظر عدد كبير في الخارج دورهم.

وعلى مدار اليوم تقضي كثير من العائلات التونسية ممن تقطعت بهم السبل في البحث عن سرير شاغر في أقسام مرضى الكوفيد بمستشفيات تونس الكبرى التي تضم العاصمة وثلاث ولايات مجاورة.

وأصبحت مشاهد الانتظار أمام المستشفيات العمومية المتهالكة أمرا مألوفا لدى التونسيين، لكنه يثير مخاوف مما هو آت في ظل الأعداد القياسية من المصابين يوميا، والتي بلغت أقصاها عند نحو عشرة آلاف إصابة في 6 يوليو، في حين بلغ العدد الإجمالي للوفيات 15735 منذ مارس 2020.

وليس بمقدور الغالبية العظمى من التونسيين تأمين المبالغ الكبيرة التي تطلبها المصحات الخاصة قبل الموافقة على التعهد بمرضاهم. إذ لا يقل هذا المبلغ عن 30 ألف دينار (10.78 آلاف دولار أميركي) كضمان مسبق.

ولهذا يتوجه التونسيون الى المستشفيات العمومية المكتظة أملا في الحصول على العناية الطبية على الرغم من النقص الكبير في عدد الأطباء والممرضين في أقسام كوفيد 19.

وقال رئيس اللجنة الطبية بمستشفى شارل نيكول نزار العذاري، لوكالة الأنباء الألمانية "في شارل نيكول لا نرفض استقبال المرضى لكن لا يمكن ضمان ظروف استقبالهم. الوضع صعب جدا. المكان المخصص لفرد واحد بات يضم أربعة كما نستخدم الكراسي".

وأوضح العذاري "قمنا بزيادة طاقة الاستيعاب غير أننا أصبحنا غير قادرين على مواكبة الزيادات الكبيرة في أعداد المرضى والدليل على ذلك الاكتظاظ الكبير في قسم الاستعجالي".

ومع تطور الوضع الوبائي نجح المستشفى وبشكل تدريجي في زيادة عدد أسرة الانعاش من 12 الى 16 وأسرة الاكسيجين من 75 إلى 200 لكن الوضع ظل يواجه ضغطا مستمرا على مدى أسابيع.

وفي المتوسط يستقبل قسم الاستعجالي يوميا قرابة 200 مصاب بالفيروس ويجري الاحتفاظ بنحو 70 إلى 80 مريضا ويضاف إلى ذلك ما بين 300 الى 400 مريض من غير المصابين بكورونا، وفق ارقام قدمها رئيس لجنة الأطباء.

ويقول العذاري "نحاول تجهيز 30 سريرا والأمر نفسه يتكرر في الغد".

تسبب الوباء في كلفة اقتصادية واجتماعية ضخمة في وقت تواجه فيه تونس أسوأ نمو في تاريخها حيث بلغ أكثر من 8% من الانكماش في 2020 بجانب خسارة الآلاف من الوظائف وتوتر اجتماعي.

وتفيد بيانات وزارة الصحة بأن كلفة التكفل بمرضى كورونا بلغت حتى الآن ما يقارب مليار دينار بينما بلغ حجم التبرعات المالية قرابة 20 مليون دينار. ويوضح العذاري أن وزارة الصحة والمستشفيات تحملت وحدها عبء الحرب على الوباء.

وفي مسعى لمساعدة المستشفيات على الصمود في معركتها ضد كورونا يحاول نشطاء ومنظمات جمع أموال لشراء تجهيزات.

ويقول العذاري: "المشكلة هي أن التجهيزات في المستشفى قديمة ولا يمكنها مواكبة الزيادات في أعداد المصابين. نحتاج لخزانات جديدة للأكسيجين وأجهزة التنفس وأسرة ومواد تنظيف وكمامات وحفاضات لكبار السن. يمكن المساعدة بأي شيء".

وتضغط مستشفيات من أجل ان يصدر البرلمان قانون الطوارئ الصحية ما قد يساعد على تبديد العوائق البيروقراطية المضنية والمعطلة لاستلام التبرعات الوافدة من منظمات وأشخاص خارج تونس عبر الجمارك.

وحذر رئيس لجنة الأطباء من وضع أكثر صعوبة في شارل نيكول خلال أسابيع، مشيرا "نتوقع فترة صعبة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة ستتضاعف أعداد المصابين خمس مرات والسؤال اين سنضع المرضى؟ وهل يمكننا زيادة طاقة الاستيعاب؟".

وتابع العذاري "الاكتفاء بالعلاج فقط مقابل تزايد أعداد المرضى كل يوم، هذا لن يفضي إلى حل، سنبقى في حلقة مفرغة ولن نكسب هذه المعركة".

وللحد من تفشي العدوى مددت الحكومة من ساعات حظر التجوال الليلي وفرضت قيودا على التنقل بين المدن بينما أعلنت عدة ولايات الحجر الصحي الشامل مع تخطي نسبة الاصابات 400 لكل 100 ألف ساكن.

لكن تتردد شكاوى يومية في وسائل الإعلام ولدى اللجنة العلمية لمكافحة كورونا من خرق واسع النطاق للإجراءات الصحية في الشوارع مثل الامتناع عن ارتداء الكمامات والاكتظاظ في المقاهي والأسواق ووسائل النقل.

واقترحت اللجنة فرض حجر صحي شامل في البلاد مدته ستة أسابيع لكسر حلقات العدوى، لكن الحكومة استبعدت هذا المقترح لكلفته الاقتصادية.

ومن بين 11 مليون نسمة تلقى أكثر من مليوني مواطن فقط اللقاح من بينهم قرابة 698 ألف تم تحصينهم بالكامل.

تويتر