حكي الخرائط

وادي كُرم.. صورة باكستانية لما يجري في أفغانستان

إنه واد ساحر وارف الظلال، يتميز بخضرته، وأشجاره المتنوعة وغابات الصنوبر، وطقسه الصيفي المعتدل، إنه وادي كُرّم، الواقع في منطقة كرم أيجنسي الواقعة في منطقة أكبر فاتا شمال غربي باكستان، المتاخمة للحدود الأفغانية.

وتعود تسمية الوادي الى النهر الذي يحمل الاسم والذي تحفه في الجزء الشمالي من مجراه جبال سافدكوه التي تكسو الثلوج قممها معظم اوقات السنة وتشكل جزءاً طبيعيا من الحدود مع أفغانستان. ويتحدث سكان هذا الوادي ومعظمهم من قبائل الباشتون لغة الباشتو، بعد ان استقروا فيه منذ نحو 600 سنة، وكان الوادي قديما طريقا حيويا ورئيسا الى العاصمة الأفغانية كابول وإلى مدينة غارديز، ويتقاطع مع ممر كوتال باس الذي يصل طوله الى قرابة الثلاثة كيلومترات ونصف الكيلومتر.

وحتى بدايات القرن التاسع عشر، كان هذا الوادي تحت سيطرة حكومة كابول التي كانت تبعث بقوة عسكرية كل خمس أو ست سنوات لجباية العوائد، وبعد عام 1884 استقر حاكم للوادي عينته كابول في السلطة وقام بتثبيت أركان حكمه ولكن تحت اشراف البريطانيين.

وبعد الغزو الغربي لأفغانستان في ،1002 أصبح وادي كُرم بؤرة للتوتر والعنف باعتباره مركزاً لهجمات حركة طالبان الأفغانية أولا ومن ثم الباكستانية، ما جعله هدفا كبيرا مفضلا للقوات الغربية وطائراتها، ومن ثم قوات الجيش الباكستاني، رغم ان جماعات من مسلحي القبائل ومعظمهم من الشيعة وجهوا مرات عدة ضربات الى حركتي طالبان والقاعدة ومسلحيهما من السنة، اعتاد الأهالي والصحافيون في الوادي حالة من العداء المستحكم واليومي بين مسلحي قبيلة التوراي وهي إحدى قبائل الباشتون في الوادي وحركة طالبان.

ولم يتوقف العنف عند هذا الحد بل أصبح يتخذ شكل العنف القبلي بين أبناء القبائل، ويعتقد سكان كثيرون أن الحكومة الباكستانية تمارس ضغوطا على قبيلة التوراي للموافقة على طلب طالبان بالعبور من مناطقها وأراضيها، وأي اتفاق قد يتم التوصل اليه بين الطرفين سيترك آثارا بلا شك على عمليات قوات حلف الأطلسي في افغانستان. ويقول سياسيون في باكستان إن زعماء القبائل في وادي كرم وافقوا على مسودة اتفاق ينهي أربعة أعوام من العنف القبلي والطائفي في الوادي وأودت بحياة اكثر من 3000 شخص منذ عام 2007 في ضربة إلى القاعدة وطالبان اللتين يتهمهما قطاع كبير من سكان الوادي بإذكاء نيران ذلك العنف الذي ما هو إلا صورة مصغرة لما يجري في افغانستان.

تويتر