5 دقائق

معايير جودة الرعاية الصحية

الدكتور علاء جراد

بدأت عام 2021 بمبادرة شخصية للإسهام في نشر ثقافة الجودة والتعلم من خلال سلسلة من الدورات التطوعية والتخصصية أيضاً، ولم أواجه تحدياً في الإعداد لأي تدريب مسبق مثلما حدث لي هذه المرة، فالموضوع متشعب وشائك وصادم أيضاً من حيث تدني جودة الرعاية الصحية في معظم دول العالم، خصوصاً في الولايات المتحدة وبريطانيا، وهما الدولتان اللتان يفد إليهما الناس من مختلف دول العالم طلباً للعلاج.

في بريطانيا، وبحسب المجلة الطبية البريطانية، وهي مجلة مرموقة، ولها سمعة عالمية في البحث العلمي، فإن عدد الأخطاء الدوائية في إنجلترا وحدها، وليس بقية أجزاء بريطانيا، يصل سنوياً إلى 237 مليون خطأ، سواء في تشخيص الدواء أو صرفه أو شرح طريقة استعماله، ويكلف ذلك الميزانية 98 مليون جنيه إسترليني، ويتسبب في وفاة 1700 شخص سنوياً، هذا في حال كان الخطأ مقتصراً على المرضى الذين يصرف لهم الدواء ويغادرون دون أن يبقوا في المستشفى، ولكن في حالة البقاء في المستشفى لمدة 14 يوماً مع استخدام خدمات صحية أخرى، فإن الأخطاء الدوائية المشار إليها هنا ستكلف الميزانية 1.6 مليار جنيه إسترليني سنوياً، مع وفاة 22 ألفاً و303 مرضى.

ويمكن الاطلاع على تفاصيل أكثر باللغة الإنجليزية، وبمجرد كتابة Medication Errors في إنجلترا ستظهر الدراسة المشار إليها.

أما الولايات المتحدة الأميركية، فليست أحسن حالاً، ومعظم العاملين في القطاع الطبي وسلامة المرضى لديهم علم بالتقرير الشهير «كل ابن آدم خطاء» أو To Err is Human، ويمكن البحث أيضاً والحصول على التقرير المنشور في عام 2000، وبه معلومات صادمة، منها أن 98 ألف إنسان يموت سنوياً بسبب أخطاء طبية مباشرة، وصدرت دراسة، أخيراً، عن مؤسسة «جونز هوبكنز»، ونشرتها شبكة «سي إن بي سي»، تفيد بأن عدد الوفيات بسبب الأخطاء الطبية سنوياً يزيد على 250 ألفاً، بل إن الأخطاء الطبية تسهم بثلث عدد الوفيات في الولايات المتحدة.

ولكن الجانب الجيد في هذه المأساة أنه يتم تسجيل الحالات والأخطاء، وتتم دراستها، للوقوف على أسبابها، ومن هنا أصدرت لجنة الاعتماد المشتركة JCI ستة أهداف عالمية لسلامة المرضى، وهي أيضاً متاحة، ويمكن الاطلاع عليها باللغتين العربية والإنجليزية، كما شرع الكثير من الدول، وبجدية، في فرض الاعتماد الطبي، وإلزام مقدمي الخدمات بالحصول على الاعتماد، سواء اعتماداً دولياً، أو اعتماداً وفقاً لمواصفات ومعايير وطنية.

من المتوقع أن يؤدي الالتزام بالتطبيق الفعال لمعايير الاعتماد إلى تقليل الأخطاء الطبية والدوائية، ولكن الأمر في المقام الأول والأخير يرتبط بالثقافة والشفافية، خصوصاً في تسجيل وتحليل الأخطاء، وكذلك حماية الأطباء والأطقم العاملة في القطاع الصحي، فالغالبية العظمى من الأخطاء يمكن تجنبها باتباع خطط وآليات الجودة.

وختاماً، أتوجه بالشكر للعاملين في القطاع الصحي، لما يتحملونه من معاناة ومشقة في ظل جائحة «كورونا».

عافانا الله وإياكم.

• من المتوقع أن يؤدي الالتزام بالتطبيق الفعال لمعايير الاعتماد إلى تقليل الأخطاء الطبية والدوائية.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر