5 دقائق

«كورونا الجديد» والعقول المتحجرة!

عبدالله القمزي

منذ أن ضرب «كورونا الجديد» الصين، ونحن نثبت أننا أمة لا تقرأ وتعتمد على القيل والقال والشائعات، وبالطبع المؤامرات التي لابد منها لإضافة البهارات على القصص التي تصبح مستساغة للعقول المتحجرة.

أولى علامات التخلف الثقافي والفكري العربي وصلتني عبر الـ«واتس أب»، وكانت عن الفيلم الأميركي Contagion لستيفن سوديربيرغ، الذي حسب الرسالة تنبّأ أن مصدر المرض الخفافيش. كاتب الرسالة مستغرب جداً من قدرة صناع الفيلم على التنبؤ! وهذه الرسالة انتشرت كالنار في الهشيم بين مستخدمي تطبيق التراسل الشهير ووجدت طريقها إلى «تويتر».

موضوع انتشار فيروس ليس جديداً على السينما «إلا عند العرب طبعاً، الذين قلنا مراراً وتكراراً إنهم لا يشاهدون الأفلام ثم ينبهرون بأي شيء يشاهدونه ويبجلونه». قبل الفيلم المذكور في الفقرة السابقة كان هناك فيلم Outbreak الشهير عام 1995، الذي يتناول قصة انتشار فيروس من قرد في دولة إفريقية.

ثم عام 2011 جاء فيلم سوديربيرغ، الذي اقتبس من أحداث حقيقية وهي انتشار وباء سارس في هونغ كونغ عامي 2002 و2003، وكتب صناع الفيلم النص بالتعاون مع خبراء منظمة الصحة العالمية الذين أشاروا في ذلك الوقت إلى أن الخفاش غالباً مصدر الفيروس. يعني الفيلم لم يتنبّأ إطلاقاً بل نحن قوم لا نقرأ.

انتشرت أيضاً رسائل تقول إن الفيروس انتشر نتيجة حرب بيولوجية ضد الصين، أو أنه تسرب من مختبر بيولوجي. طبعاً هذا خيال خصب يحدث في الأفلام فقط أو داخل العقول المعطلة وهو كلام غير مثبت وغير علمي، وأنا شخصياً شاهدت عشرات الأفلام عن فيروس يتسرب من مختبر في مركبة فضائية.

من علامات التخبط الثقافي والفكري أيضاً تكذيب خبر اكتشاف الصين للقاح جديد، وأن هناك فيلماً وثائقياً يثبت ذلك وأن وزارة الصحة الصينية لم تصرح قط بذلك. هؤلاء لا يقرأون الأخبار، وإن قال لك إنه قرأها فهو لا يتجاوز العنوان أو الفقرة الأولى فقط، لأنه لو قرأ الخبر كاملاً لوجد التصريح باكتشاف اللقاح كاملاً في منتصفه ومن مركز الأوبئة الصيني.

ثم يأتيك آخر ليؤكد لك استحالة اكتشاف لقاح في أيام معدودات، وأنها أكذوبة عظمى هي الأخرى! سئمت شخصياً من الردّ على هؤلاء، لأن عقولهم معطلة ولا يكلفون أنفسهم بحثاً بضغطة زر على «غوغل». كيف يستحيل إيجاد لقاح وهو أصلاً مستحضر بيولوجي من الفيروس نفسه، وهو يصنع من الأشكال الضعيفة للفيروس، ويحقن في الجسم حتى يتخزن في ذاكرة نظام المناعة البشري. بالعربي: كنت جالساً مع صديق في مجلسه، فتناول كيس بطاطس مقرمشة (تشيبس) كان أمامه وحاول فتحه فلم يفتح. فمزقه بقوة وتناثرت قطع البطاطس على ملابسه فلعن تخلف الشركة المنتجة. تناولت الكيس الممزق، وأشرت له بإصبعي إلى عبارة (افتح هنا) مع سهم على طرف الكيس العلوي. هذا أبسط مثال على أننا لا نقرأ!

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


انتشرت رسائل تقول إن الفيروس انتشر نتيجة حرب بيولوجية، طبعاً هذا خيال خصب يحدث في الأفلام فقط.

تويتر