كـل يــوم

مُجبرٌ أخاك لا بطل!

سامي الريامي

صديق عزيز اندهش من ارتفاع سعر فاتورة العشاء بمطعم اعتاد الذهاب إليه في مول تجاري معروف، وأثناء مغادرته بعد أن دفع الحساب، لمح بالمصادفة صاحب المطعم، الذي تربطه به صداقة بسيطة، فتوجه إليه وقال له معاتباً: «لِمَ رفعتم أسعار الوجبات في هذا التوقيت؟».

صاحب المطعم لم يندهش من السؤال، وأعرب له عن أسفه الشديد لاضطراره إلى اتخاذ هذا الإجراء، رغم أنه يعرف الأثر السلبي لذلك في المطعم أولاً، ومن ثم في الزبائن ثانياً، وهو مدرك تماماً أن الوقت غير مناسب لمثل هذا التغيير في الأسعار، فالعالم بأسره يمر بظروف اقتصادية متذبذبة، والمستهلك الآن لا يرغب في إنفاق المال بالطريقة ذاتها التي اعتادها قبل سنوات عدة، حيث أصبحت هناك أولويات تتحكم في جميع العادات الاستهلاكية دون شك!

«ومادمت تعرف هذه الحقائق.. فلماذا رفعت الأسعار؟ وما الذي اضطرك لهذا الأمر؟»، هكذا سأله صديقي العزيز، فأجاب: «مُجبرٌ أخاك لا بطل، الكلفة تضاعفت عليَّ، وأنا هنا لن أتحدث عن رسوم أو تكاليف عمال أو أسعار المواد الغذائية، فهي أمور يعلم الجميع أنها مكلفة، ومع ذلك كنا نتحملها، لكن هل يُعقل أن يجبرني المركز التجاري على تغيير ديكور المطعم بشكل جذري كل ثلاث سنوات؟ على الرغم من أن الديكور، كما تراه، فخم جداً وحديث جداً، وصرفت عليه ملايين الدراهم، لكن ذلك لم يشفع لي، وأنا الآن مضطر لإغلاق المطعم، وتغيير كل هذا الأثاث لأتكبد خسائر إضافية، وهل تعلم أن المول يجبرنا على تنفيذ الديكورات عند شركات معيّنة من قِبَله، لا نملك اختيار غيرها، ما يجعل فرصة الحصول على أسعار أفضل أكثر صعوبة»!

دهشة صديقي من جواب صاحب المطعم كانت أكبر بكثير من دهشته من ارتفاع سعر فاتورة العشاء، لكن صاحب المطعم قطع اندهاشه، وقال له: هل تريد معرفة المزيد؟ هل تصدق أن المول لا يكتفي بمبلغ الإيجار السنوي الذي ندفعه له، على الرغم من أن مبلغ الإيجار عالٍ جداً ومرهق جداً، وهو قابل أيضاً للزيادة، ومع ذلك فإن إدارة المول تشاركنا الأرباح بشكل سنوي، فهي تفرض علينا دفع نسبة من الأرباح بخلاف الإيجار السنوي، لذلك فالمؤجر عملياً يشاركنا في رزقنا، ولا يكتفي بكونه طرفاً مؤجراً، ويفترض ألا علاقة له بما نبيع أو بما نكسب، وحتى مبدأ الشراكة فيه نوع من الظلم، فهي مقتصرة على الربح، أما في حالة الخسارة فلا علاقة للمول بذلك، وعلينا تحملها وتحمل دفع الإيجار كاملاً دون نقصان!

صديقي العزيز بعد أن صُدم مما سمع، لم يملك إلا أن يوافق صاحب المطعم على إجراء رفع الأسعار، لأنه لا يملك طريقة أخرى لتقليل خسائره، أو أن يُغلق المطعم ويترك المول، فأجابه سريعاً: لا أملك إلا الخيار الأول، لأن إغلاق المطعم سيجعلني أدفع غرامات كبيرة فرضها المول شرطاً جزائياً! فهل يعقل ذلك؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر