كـل يــوم

قرار شجاع صنع تاريخاً جديداً في عالم الخيل

سامي الريامي

قد يجهل الإنجليز الكثير من جوانب شخصية محمد بن راشد آل مكتوم، فهم لا يعرفون الكثير عن شجاعته في اتخاذ القرارات الصعبة، لذلك خيّمت أمس عليهم علامات الذهول، وبدت عليهم ملامح الصدمة، إثر فوز الجواد «بلو بوينت» في سباق «1200»، ضمن منافسات مهرجان رويال أسكوت للخيول في العاصمة البريطانية لندن.

وقد يفقه خبراء عالم الخيل والمختصون والمهتمون بها الكثير من المعرفة والعلم والخبرة في سلالاتها وتدريبها وتقييمها وترشيحها للسباقات، لكنهم بالتأكيد لم يكونوا على علم كافٍ بجرأة وشجاعة وحنكة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وفراسته في معرفة إمكانات خيوله وقدراتها وطاقاتها، لذلك كانت صدمتهم عندما غيّر جميع المفاهيم التي كانوا يعتقدون أنها عِلم مُسلَّم به يصعب تغييره!

ما فعله محمد بن راشد في رويال أسكوت وصفته الصحافة العالمية بـ«الانتصار التاريخي الفريد»، وهو فعلاً كذلك، فلماذا هو «فوز تاريخي»؟

سموه اتخذ قراراً جريئاً جداً، لا يمكن لغيره من ملاك الخيل، وحتى أعتى وأفضل مدربيها، أن يتخذه، وهو قرار إشراك الجواد «بلو بوينت» في السباق بعد أربعة أيام فقط من مشاركته في سباق ضمن الحدث نفسه، حيث استطاع الجواد أن يظفر في اليوم الأول من المهرجان ويفوز في مسافة «1000 متر»، ولذلك فإنه، ووفقاً لخبراء الخيل، من المستحيل أن يستطيع أن يستعيد لياقته وعافيته بشكل كامل في هذه المدة البسيطة، لأن الخيول عادة ما تفقد طاقاتها ووزنها أيضاً عقب كل سباق، لأنها تبذل جهداً غير اعتيادي، خصوصاً في السباقات ذات السرعة العالية، فكيف وهذا الجواد فاز بالسباق، ما يعني أنه بذل جهداً مضاعفاً، ويحتاج لأكثر من 10 أيام حتى يستطيع استعادة قوته!

هؤلاء الخبراء والمراقبون والمهتمون بنوا تحليلاتهم على خبراتهم السابقة، ووضعوا كلمة مستحيل هُنا، لأنها مناسبة للمعطيات التي يرونها ويعرفونها، خصوصاً أنهم يعلمون أن هذا الجواد فاز في السباق نفسه من مهرجان العام الماضي، ما يعني أنه اليوم في سنٍ أكبر، لكنهم لم يكونوا على علم بأن محمد بن راشد يكره تماماً كلمة مستحيل، فأثبت لهم أن الشجاعة والجرأة في اتخاذ القرار، إذا ما توافقتا مع قائد يعرف كيف يستثمر إمكاناته، فإنه حتماً سيصنع الفرق، وسيهزم المستحيل، وسيسجل تاريخاً جديداً لم يعهده التاريخ، ففاز «بلو بوينت» في السباقين، وفي ظرف أربعة أيام فقط!

اتخاذ القرارات الجريئة والصعبة وغير المتوقعة صفة من صفات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لكنه لا يفعل ذلك عشوائياً، بل يعتمد في ذلك على معرفة ودراية وبصيرة ورؤية، مدعومة بمعرفة دقيقة بتفاصيل الإمكانات والقدرات والطاقات التي يشرف عليها، ويعرف تماماً كيف يستثمرها بأفضل صورة ممكنة، وأعلى مستوى ممكن. ففي مهرجان رويال أسكوت، وهو مهرجان عريق، بدأت فكرته في عام 1711، يحرص جميع الحضور على الالتزام بضوابط لا يتنازل عنها المنظمون، للمحافظة على شكل وهوية وتقاليد هذا السباق، سواء في اللبس والثياب الرجالية والنسائية أو غيرها، خصوصاً أن هذا السباق ترعاه وتحضره بشكل دائم ملكة بريطانيا، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يحافظ خلال حضوره على جميع تقاليد وأعراف السباق خارج الميدان، لكنه في تخطيطه وتكتيكاته داخل ميدان السباق يكسر جميع القواعد والترشيحات، فما فعله في المهرجان، أول من أمس، لم يشهد له رويال أسكوت مثيلاً منذ أكثر من 20 عاماً، ومن جوادٍ لم يشتره بمال، بل هو إنتاج خالص رأى النور في مزارع سموه، من نسل الفحل «شمردل» والفرس «رويال أبلس».

لذا يحق لسموه الفرحة والفخر، ويحق له التعبير عن بهجته بـ«يولةٍ» خاصة في وسط ميادين بريطانيا.. و«الناموس» الدايم لمحمد بن راشد.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر