فواتير الكهرباء في الشارقة تربك الموازنات العائلية

قرار الزيادة جاء بعد سلسلة من انقطاعات الكهرباء عن المناطق السكنية والصناعية في الإمارة.                      تصوير: غلام كرغار

قال مقيمون في الشارقة إن فواتير الكهرباء التي تلقوها أخيراً، للمرة الأولى منذ صدور قرار مجلس إدارة هيئة كهرباء ومياه الشارقة رفع تسعيرة الكهرباء نحو 50٪، سببت خللاً في موازناتهم الشهرية، ودفعتهم إلى التفكير في اتخاذ إجراءات عدة «لتخفيف العبء المالي الجديد»، مثل الاستغناء عن هاتف المنزل الثابت، والإنترنت، وتقليل الفسح العائلية، وإعادة تقييم فواتير الشراء، مشيرين إلى أن بعضهم أكد رغبته في الانتقال للسكن في إمارات أخرى، غير مستبعدين وجود خطأ في المبالغ التي تضمنتها الفواتير.

ولم يتسن لـ«الإمارات اليوم» الحصول على رد من هيئة كهرباء ومياه الشارقة، على الرغم من تعدد محاولاتها. وجاء قرار زيادة التعرفة بعد سلسلة من انقطاعات الكهرباء عن المناطق السكنية والصناعية في الإمارة، على مدى أشهر الصيف. وكانت الانقطاعات تستمر ما لا يقل عن 10 ساعات، وتتجاوز هذه المدة في بعض المناطق لتستمر أياماً، ما دفع عائلات كثيرة إلى مغادرة منازلها والتوجه الى مراكز تجارية مكيفة، في إمارات مجاورة، هرباً من ارتفاع درجات الحرارة.

كما تسببت انقطاعات الكهرباء في تعطل مصانع وورش ميكانيكية، وبقالات، ما دفع كثيرين من أصحابها إلى الشكوى عبر الصحف المحلية وبرامج البث المباشر الإذاعية، مطالبين بتعويضات مالية «لأن الهيئة هي المسؤول الوحيد» عما لحق بهم من خسائر، ولكنهم فوجئوا بالإعلان عن زيادة لم تكن في الحسبان، وفق تعبيرهم.

وفي الأيام الأولى من هذا الشهر، بدأت فواتير الكهرباء تحمل قيمة الاستهلاك بالتعرفة الجديدة.

ولكن هذه المرة لا تشبه ما قبـــلها، لأن القرار حمل المستهلكين عبئاً مالياً إضـــافياً ثقيلاً، خصوصاً بالنسبة إلى محـــدودي الدخل، وفقاً لمستهلكين.

وكانت الهيئة قررت زيادة تعرفة استهلاك الكهرباء للقطاع الصناعي إلى 40 فلساً لكل كيلوواط في الساعة، وللقطاع التجاري والسكني التجاري إلى 30 فلساً لكل كيلوواط في الساعة، بدأ احتسابها اعتباراً من أول الشهر الماضي.

وعزت الهيئة قرارها إلى ارتفاع إنتاج وتوليد الطاقة الكهربائية إلى أكثر من 65 فلساً لكل كيلوواط في الساعة، لافتة إلى أن حكومة الشارقة ستدعم الفرق (35 فلساً) في تسعيرة الاستهلاك حسب التسعيرة الجديدة.

ووفقا لإحصاءات منشورة، فقد ارتفع عدد مستهلكي خدمات الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي في الشارقة خلال النصف الأول من العام الجاري، إلى أكثر من 319 ألف مستهلك، بنسبة زيادة قدرها 10٪ مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وبحسب الفواتير الجديدة، فقد ارتفعت قيمة استهلاك الكهرباء للمنزل المكون من غرفتين وصالة، من نحو 1000 درهم إلى ما يقارب 1500 درهم شهرياً، وهو ما يمثل عبئاً مالياً جديداً، كما يقول أمين خالد، بائع في محل نظارات، موضحاً أن منزله يحتوي على الأجهزة الكهربائية الأساسية التي لا يكاد يخلو منها منزل في المنطقة عموماً. متابعاً أن «الترشيد الذي حثت عليه هيئة الكهرباء عندما أعلنت قرار زيادة التعرفة، يعني الاستغناء تماماً عن الثلاجة، أو الغسالة، أو أجهزة التكييف، أو التوقف عن استخدام الإضاءة. وهو أمر غير ممكن طبعاً».

ويضيف أنه يفكر، عوضاً عن ذلك، في الاستغناء عن خط الإنترنت الشامل، وجهاز الهاتف الأرضي، حتى يعوّض الفرق في فاتورة الكهرباء.

ويأمل سكان في العثور على حلول أخرى، أكثر جدوى، مثل الانتقال إلى إمارات مجاورة، لافتين إلى عدم قدرتهم على الاستغناء عن الإنترنت، لأن ذلك سيضاعف حاجتهم إلى الهاتف المحمول للبقاء على اتصال مع ذويهم في بلدانهم.

وقال وليد صادق، وهو معلم تربية إسلامية، إنه لا يتوقع زيادة في الرواتب هذا العام، بسبب تأثيرات الأزمة المالية العالمية، مضيفاً أن الانتقال إلى إماراة مجاورة، قد يكون أنسب الحلول في المرحلة الراهنة.

وتابع أن «الانخفاض في إيجارات الشقق الذي شهدته الإمارة أخيراً، بعد سنوات متصلة من الارتفاع، فقد معناه بعد رفع أسعار الكهرباء، خصوصاً بالنسبة إلى العائلات التي يصل عدد أفرادها إلى خمسة أو أكثر، لأن مجموع المبالغ الشهرية التي تحصلها زيادة تعرفة الكهرباء، يتجاوز ضعف التخفيض.

وأعرب محمود عارف، ويعمل في مجال صيانة الآليات، عن شعوره بالصدمة لدى قراءته الفاتورة الشهرية، مؤكداً عزمه تقليل الفسح العائلية الأسبوعية، والتوقف عن استخدام الهاتف الأرضي.

وطالب الجهات المعنية بالتراجع عن القرار، لأنه «يزيد حياة السكان تعقيداً، ويجعل الحلول صعبة جداً والخيارات ضيقة».

ورأى محمد الحاج أن الحل الأمثل هو إعادة تقييم فواتير الشراء الأسبوعية، واللجوء إلى بدائل أقل تكلفة. واقترح تقليل استهلاك المباني الحكومية للكهرباء، وترشيد إضاءة الشوارع، خصوصاً الخارجية منها.

وفي المناطق الصناعية، أكد أصحاب ورش ميكانيكية أنهم يواجهون تهديداً حقيقياً لاستمرار عملهم، لافتين إلى تدني دخولهم خلال الفترة الماضية بسبب تراجع أعمالهم. وأضافوا أن فواتير الكهرباء أصبحت كابوساً مرعباً بالنسبة إليهم.

وأكد «أبوخليل» صاحب ورشة ميكانيكية، أن فاتورة الكهرباء وإيجار الورشة والمنزل ورسوم المدارس والمصاريف اليومية، تتجاوز دخل الورشة الشهري بكثير، مطالباً بأخذ حجم الورشة في الاعتبار عند اتخاذ قرارات من هذا النوع. ولم يستبعد علي حسن وجود خطأ في الفواتير، لافتاً إلى أنه تعرض لحادثة من هذا النوع سابقاً، مطالباً بتسهيل إجراءات التحقق من الفواتير.

تويتر