أقول لكم


 اتجهت الجمعيات التعاونية نحو الحل الأيسـر، فاختارت بيع المواد الغذائية الأسـاسية بسعر التكلفة، وهذا يعني أن قرارها مؤقت؛ لأنها تعرف أن مثل هذه الخطوة لا يمكن أن تسـتمر، فالبيع بسعر التكلفة يولد انطباعاً لدى الجميع بأن الاستمرار فيه سيؤدي إلى إفلاس الجمعيات، فمن يعمل دون ربح،

أو حتى تحقيق هامش بسـيط من الدخل لتغطية النفقات التي تبدأ بأجور العاملين وفواتير الكهرباء، وتنتهي بحقوق المساهمين؟ أقول لكم: من يعمل بهذه الطريقة إما أن يفلس، أو يتراجع عن قراره. 

وبدأت نُذر التراجع تلوح في الآفاق، ولأننا دوماً نجعل الوهم هدفاً للنقد  أو للتـسبب بأي مشكلة، فقد أصبحنا نسمع عن موردين لحليب أو بيض   أو دجاج، أو أي سـلعة، يطالبون بعدم البيع إلا بالسعر الذي يحدد من قِبلهم، 

أو بالصريح، تريد أن تقول لنا الجمعيات إن الموردين يريدون سـعراً موحداً في الجمعيات والمحال الأخرى، وأنها -أي الجمعيات- إذا استمرت في البيع بسعر التكلفة فلن تحصل على الكميات المطلوبة من المواد لتبيعها، بل وتنذرنا بأنها سـتختفي عن العرض في صالات البيع بها تدريجيـاً! 

ودون تبريرات عوجاء، وبلا أي مقدمات مكشوفة، نحن نعلم أن الجمعيات لن تواصل حركتها الإعلامية التي أقدمت عليها بعد أن اسـتنفدت الغرض منها، فهي تعتفد أنها كسـبت تعاطف المسـتهلكين، وجذبتهم نحوها بفارق السعر الضئيل الذي باعت به، وهذا الفاقد في الربح يمكن أن يدخل ضمن ميزانية الحملة الدعائية، والتراجع يحمل للموردين، وتنتهي المشـكلة، ويعود الربح، ومن يريد حلاً يبحث عن «فاتـن حمامة»! 

هكذا تتضح لنا الصورة، فلو أن إدارات الجمعيات كانت جادة في محاربة الغلاء لاسـتغلت قرار الحكومة بكسر احتكار المواد الأسـاسية، وذهبت إلى بلدان المنشـأ تبحث عن بدائل، وهي كثيرة جداً فليس الحليب المعروف لدينا هو الأفضل في العالم، وليس السكر أو الشـاي اللذان نسـتهلكهما ويحتلان قائمة الأكثر مبيعاً عندنا هما الأجود والأرخص في العالم،
 
بل هناك الأحسـن والأجود والأفضل والأرخص، وهناك أيضاً من يتطلع إلى أسـواقنا، ويريد أن يصل إليها، فلماذا اختصرت الجمعيات التعاونية الطريق؟ لماذا اختارت حلاً دعائياً لقضية بهذا الحجم؟ ولماذا لم تتعب نفسـها قليلاً للبحث عن حل دائم؟  لأنها لا تريد ذلك؟ بالتأكيد هي لا تريد ذلك، فهي مكتفية بالأرباح التي تصل إلى أيديها دون عناء، وإن اسـتغنت عن بعضها لأيام سـتعوّض في المسـتقبل. 

myousef_1@yahoo.com
تويتر