دعوات لتقنين الشراء على المكشوف قبل فصل الحسابات


تجددت الدعوات في أسواق الأسهم المحلية إلى تأجيل هيئة الأوراق المالية والسلع بدء تطبيق قرار فصل الحسابات، نظرا للآثار السلبية للتعجيل بتطبيق مثل هذا القرار قبل الانتهاء من وضع قواعد التداول على المكشوف أو نظام الشراء الهامشي.


واعتبر محللون أن «النظامين وهما نظام فصل الحسابات ونظام التداول على المكشوف، يكمل أحدهما الآخر ولا يجب التعجيل بتطبيق أحدهما دون الآخر».


وقالوا إن «أسواق الأسهم الإماراتية لم تصعد أسوة بالأسواق الخليجية الأخرى، بسبب ضعف معدلات التداول، نتيجة لإحجام الكثير من شركات الوساطة عن منح سقوف ائتمانية للتداول على المكشوف، في ظل اقتراب انتهاء المهلة المحددة من هيئة الأوراق المالية والسلع لبدء تطبيق قرار فصل الحسابات».


ونبهوا إلى أن «وضع ضوابط التداول على المكشوف، يجعل من قرار فصل الحسابات قرارا ايجابيا يساعد بالفعل في تحقيق الهدف الذي تسعى إليه الهيئة، من جراء تطبيق ذلك القرار والمتمثل في حماية أموال المستثمرين».


وأشاروا إلى أن «تطبيق النظامين معا يحافظ على حجم السيولة الموجودة في الأسواق، بل ربما يشجع على زيادتها ما يجنب الأسواق التعرض لهزات هي في غنى عنها، خصوصا في مثل هذا التوقيت».

 

عوامل ومحفزات
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور همّام الشمّاع «على الرغم من توافر كل العوامل الإيجابية والمحفزات التي تكفل اتجاه أسواق المال المحلية للصعود، فإن الحال لم تكن مرضية خلال الأسبوع الماضي، خصوصا من حيث قيمة التداول أومن حيث ارتفاع المؤشر. فقد أغلق المؤشر العام لسوق الإمارات على ارتفاع بسيط قدره 0.58%. كما سجلت السوق تداول بمتوسط يومي قدره 2.757 مليار درهم».

 

ولفت الشماع إلى أن «عدم استجابة الأسواق الإماراتية خلال الأسبوع الماضي لهذه المحفزات، جاء بسب قرار فصل الحسابات، وبالتالي أغفل المستثمرون ليس فرص الشراء عند المستويات السعرية المغرية حاليا فقط ، ولكن الكثير منهم فوت فرص تجميع أسهم أعلنت عن توزيعات منحة مغرية جدا مثل «اتصالات» و«بنك الخليج الأول» اللذين شهدا تراجعا نسبيا في أسعار أسهمهما».


وحدد الشماع العوامل والمحفزات التي يفترض أن تكون دافعة، باتجاه أداء جيد في  تراجع التأثير النفسي الذي مارسته الأسواق العالمية على بورصات الخليج، وعلى سوق الإمارات في الأسابيع القليلة المنصرمة، إذ «زالت ظاهر تماثل أداء بورصات الخليج التي سادت أسابيع عدة، عندما كانت أسواق المال العالمية تنذر بعكس أدائها السيئ بشكل عمليات تسييل في أسواق الخليج. وثاني هذه العوامل هو اتضاح أبعاد تأثيرات أزمة الرهن العقاري وأزمة الائتمان على دول الخليج ودولة الإمارات، حيث لم يعد هناك شك من  أن الأزمة لن تتخطى حدود التسييل في الأسواق المحلية، إذا ما ظهرت إشارات لوجود خسائر أخرى غير مكشوفة بعد لدى المؤسسات المالية المعنية بالرهن العقاري».


وأضاف أن «العامل الثالث لتحسّن الأداء وصعود الأسهم، مرتبط أيضا بالاقتصاد العالمي وهو اتجاه الفيدرالي الأميركي لخفض الفائدة مجددا في الاجتماع القادم، وهو ما يعني أن يقوم المركزي الإماراتي بخطوة مماثلة، خصوصا أن المحافظ عاد وأكد  يوم الخميس التزام المركزي الإماراتي باستمرار ربط الدرهم بالدولار، نافيا إمكانية الاستجابة إلى دعوة الآن غرنسبان لفك الربط مع الدولار، الأمر الذي يعني استمرار الميكانيكية التلقائية في تتبع إجراءات الفدرالي الأميركي المتعلقة بأسعار الفائدة الأميركية».  


واستطرد الشماع انه «من جانب آخر فان الإفصاحات التي أعلنت حتى الآن، والتي تجاوزت معدلات نموّ الأرباح فيها نسبة 33% بالقياس للعام الماضي 2006، تعطي للسوق قوة وزخما صعوديا لم يظهر بعد.   


وأشار إلى أن «العامل الخامس والذي لا يقل أهمية عما سبقه، هو عودة أسعار النفط للارتفاع وتسجيل مستويات قياسية تقترب من 102 دولار لأول مرة في تاريخها، وبما يبشر بزيادات كبيرة في السيولة ترفع الأسواق إلى مستويات قياسية.

 

وهذا الارتفاع في أسعار النفط، الذي جاء بفعل العديد من العوامل ومنها بشكل خاص تردي قيمة الدولار وتراجع سعر صرفه تجاه اليورو والجنيه الاسترليني، يقدم ضمانة مطمئنة إلى الدول النفطية، مفادها أن أي تراجع في سعر صرف الدولار الذي بسعر به النفط سوف تعوضها السوق، من خلال ارتفاع أسعار النفط، ما يبقي تقريبا على القوة الشرائية لبرميل النفط ثابتة إلى حدّ ما، الأمر الذي يجب أن ينعكس ايجابا على أداء الأسواق المالية في الدولة».


واختتم بتأكيد  «أنه من المتوقع أن تبدأ الأسواق الإماراتية بالاستفاقة من الغفوة التي أعقبت قرار فصل حسابات العملاء عن حسابات شركات الوساطة، خلال الفترة القريبة القادمة، ما يعني أنه على المستثمرين الدخول الآن في هذا الوقت الذي لا يزال مناسبا».

 

انكماش التداول
ومن جانبه، قال مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر» للأوراق المالية الدكتور محمد عفيفي «إن الأسبوع المنقضي شهد انكماشا في حركة التداول اليومية، حيث انخفض متوسط قيمة التداول اليومية خلال الأسبوع ليصل إلى 2.75 مليار درهم  بعد أن بلغ 3.34 مليارات درهم خلال الأسبوع السابق. كما شهد الأسبوع تذبذبا واضحا في حركة المؤشر العام اليومية ما بين الارتفاع والانخفاض».


ولفت إلى أن «السوق استمرّ في المحافظة على اتجاهه الصاعد ولكن بوتيرة بطيئة للغاية، وذلك على الرغم من الارتفاعات أو الاختراقات السعرية التي حققتها غالبية الأسواق الخليجية في ضوء الاستقرار النسبي لغالبية الأسواق المالية الدولية، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات ووضع الكثير من علامات التعجب عن الأسباب التي تقف وراء تلك الظاهرة، والتي تعوق حركة السوق وتمنعه من الانطلاق في ضوء بيئة ممهدة بل ومحفزة على ذلك». 

 

وتابع أنه «بدا للجميع أن هناك شيئا مختلفا في السوق الإماراتي قيّده عن اللحاق بباقي الأسواق الخليجية التي كان في الماضي القريب يسبقها وبقوة في حالات الارتفاع، كما كبّل حركة السوق بحيث كانت السوق الإماراتية خلال الثلاث جلسات الأولى من الأسبوع ترتفع بما يوازى 50 نقطة، ثم ما تلبث أن تعاود الانخفاض مرة أخرى، وتفقد سريعا ما اكتسبته من نقاط وتغلق مرتفعة ارتفاعا هامشيا لم يتجاوز 0.5% مقارنة بالجلسة التي تسبقها وسط حالة من الذهول والاستغراب فيما بين المتابعين لحركة السوق وأدائه».


وفسر عفيفي تلك الظاهرة في أن «هناك شريحة كبيرة من المستثمرين لا تشارك حاليا في جلسات التداول، انتظارا لاجتماعات الجمعيات العمومية للشركات وإقرارها للتوزيعات المختلفة ومواعيد التوزيع الفعلي، بحيث تستطيع حساب ريع الأسهم وفقا للأسعار التي تكون سائدة في تلك التواريخ ومقارنتها مع البدائل الاستثمارية المختلفة الأخرى خاصة البنكية منها».

 

تفسير واقعي
سوّغ عفيفي عدم صعود أسواق الأسهم الإماراتية أسوة بالأسواق الخليجية الأخرى، قائلا «إن التفسير الأقرب للواقع يتمثل في أن شريحة المضاربين اليومين المسيطرة على أداء وحركة الأسواق المحلية خلال هذه الفترة أصبحت حركتها ضعيفة، من حيث الحجم وسريعة في الوقت نفسه من حيث المدة الزمنية لدورة المضاربة، بحيث تنشط هذه الشريحة جزئيا مع بداية الجلسات بحجم تداولات ضعيفة، ثم تعاود سريعا جني الأرباح مع اقتراب الجلسات من نهايتها في ضوء إحجام الكثير من شركات الوساطة عن منح سقوف ائتمانية للتداول على المكشوف في ظل اقتراب انتهاء المهلة المحددة من «هيئة الأوراق المالية والسلع» لبدء تطبيق قرار فصل الحسابات».


وأضاف أن «الجميع سبق أن نبّه إلى الآثار السلبية للتعجيل بتطبيق مثل ذلك القرار،قبل الانتهاء من وضع قواعد التداول على المكشوف أو نظام الشراء الهامشي وذلك على اعتبار أن النظامين (نظام فصل الحسابات ونظام التداول على المكشوف) هما نظامان يكمل أحدهما الآخر. ولا نستطيع التعجيل بتطبيق أحدهما دون الآخر».  

 


حماية المستثمرين  
أشار مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر» للأوراق المالية الدكتور محمد عفيفي إلى أن «هيئة الأوراق المالية بالإضافة إلى كونها معنية بحماية أموال المستثمرين، فإنها معنية أيضا باستقرار الأسواق وتنميتها وتطويرها، إذ إن وضع ضوابط التداول على المكشوف، يجعل من قرار فصل الحسابات قرارا إيجابيا يساعد بالفعل في تحقيق الهدف الأسمى الذي تسعى إليه الهيئة من جراء تطبيق ذلك القرار، والمتمثل في حماية أموال المستثمرين، كما يعمل في الوقت ذاته على وضع الإطار  القانوني المنضبط لعمليات الشراء على المكشوف والذي يخدم ذات الهدف».


واختتم عفيفي بالقول «إن تطبيق النظامين معا فضلا عن أنه يؤدي إلى تحقيق ذات الهدف، فإنه يحافظ على حجم السيولة الموجودة في الأسواق، بل ربما يشجع على زيادتها ما يجنب الأسواق التعرض لهزات هي في غنى عنها، خصوصا في مثل هذا التوقيت، أما تطبيق قرار فصل الحسابات منفردا قد يخدم الهدف المتمثل في حماية أموال المستثمرين لدى شركات الوساطة، ولكنه سوف يقيد حركة السوق ويحد منها، وكذا فإن العديد من الأطراف المرتبطة بالسوق، لا ترى ضرورة واضحة للبدء في تطبيق ذلك القرار منفصلا عن نظام الشراء بالمكشوف».  

 

تويتر