‏تاريخه يعود إلى ما قبل الميلاد‏

‏عيد الأم.. تعبير عن حب استثنائي‏

عيد الأم مناسبة للتعبير عن المشاعر الجياشة نحو الأم. فوتوز.كوم

‏قد يجد كثيرون في مناسبة «عيد الأم» الذي يوافق اليوم، في بعض دول العالم، وأياماً أخرى في بعضها، فرصة للتعبير عن الحب الاستثنائي والمشاعر الجياشة التي يحملونها لهذه الشخصية التي مجدتها كل الديانات والأعراف، والتي تعود في أهميتها إلى بداية التاريخ، إذ يجعل مجرد ذكر اسم هذا اليوم، محاولة بسيطة للتذكير بما تعنيه كلمة الأم، ما قد يحوله أحياناً إلى يوم للاحتفال بمن يلقبها الجميع بـ«أعظم نساء العالم»، بينما يرى البعض أن تحديد يوم واحد من أيام العام قد يكون مجحفاً في حق من تستحق الحب والتقدير في كل أيام العمر وساعاته.

ويعتقد مؤرخون أن تاريخ الاحتفال بالأم يعود إلى الإغريق والرومان، عبر تقديسهم فكرة الأم، في مهرجانات الربيع، إذ كانوا يحتفلون في مهرجان «سيبيل» وهو الاسم الذين كان يعبر عما يعتبرونه «الأم العظيمة» أو «الأم الأرض» التي تحمي الأحياء فوقها، وهي أيضاً الأم العظيمة لآلهة الإغريق، بينما كان يحتفل الرومان بيوم آخر، يعرف باسم «ماتروناليا»، الذي كان مهدى إلى الإلهة الرومانية «جونو» ابنة عطارد، واخت وزوجة المشتري، وأم المريخ، ومينيرفا وفولكان، حيث كانت تعتبر إلهة الإنجاب «جونو من تجلب الأطفال إلى النور»، إلا أن الاحتفاء بها، كان يعني أيضا الاحتفاء ببقية الأمهات، وتقديم الهدايا لهن، ما كان يعني الاحتفال بالأمومة، وبالمرأة عموماً.

منحى مختلف

على الرغم من أن الفكرة الرئيسة هي الاحتفال بالأمومة، إلا أن تاريخ تلك الاحتفالات مر بمراحل مختلفة، في إحداها كانت احتفالاته تستمر ثلاثة أيام في معبد تلك الإلهة، وينتشر فيها الرقص والألعاب المختلفة والحفلات التنكرية، وهي الاحتفالات التي يعتقد أنها بدأت قبل 250 سنة قبل الميلاد، والتي كان يتم خلالها تقديم قرابين لأم المريخ، في معبدها، إلا أن مجون تلك المهرجانات جعل تابعي تلك الآلهة يُطردون من روما.

ويعود الاحتفال بالأمومة أيضاً إلى المسيحيين القدامى، إذ كانوا يحتفلون خلال مهرجان الأحد الرابع من السنة المسيحية، التي يتم خلالها تكريم القديسة مريم العذراء، باعتبارها أماً للمسيح، عليه السلام، وهي المناسبة التي كانت تتوسع في انجلترا لتضم جميع الأمهات، وهو اليوم الذي كان يعرف باسم «أحد الأمومة»، وهي الفترة التي تعود في التاريخ إلى عام ،1600 خلال الأحد الرابع للسنة المسيحية، وهي فترة الـ40 يوما التي تنتهي بالاحتفال بعيد الفصح، التي تنتهي بإهداء الأطفال الهدايا والزهور لأمهاتهم في الكنيسة بعد انتهاء الصلاة على القديسة مريم العذراء، بينما كان الخدم من الأطفال والكبار والمتدربين والعاملين في أماكن بعيدة عن منازلهم وعائلاتهم، يتخذون من ذلك اليوم عطلة سنوية لزيارة أمهاتهم، إلا أن هذا التقليد سرعان ما اندثر كلياً مع دخول القرن الـ،19 إلا أن التقليد عاد للظهور مرة أخرى بعد الحرب العالمية الثانية، عندما أعاد التقليد مجموعة من رجال الدين الأميركيين، بينما استغل التجار الأميركيون تلك الفكرة لزيادة مبيعاتهم.

‏زهور القرنفل

تعتبر زهور القرنفل واحدة من أقدم الزهور التي تمت زراعتها عبر التاريخ، كما تتميز بألوانها وأنواعها، وتعتبر زهور القرنفل الزهور الرسمية المتعارف على إهدائها خلال عيد الأم، وذلك بعد أن قامت آنا جارفيس بإرسال زهور القرنفل إلى كنيسة غرافتون غرب ولاية فيرجينيا الأميركية، حيث قبر والدتها، تقديرا لها، خصوصاً أنها الزهور المفضلة لدى والدتها، معتبرة إياها الرمز الأكثر مناسبة للتعبير عن حب الأم الخالص، ما جعلها تتحول إلى الزهرة الرسمية لعيد الأم

 

جوليا وورد هاو

على الرغم من وجود ارتباطات عدة في تاريخ الإنسانية بالاحتفال عامة بالأمومة، إلا أن الفضل الرئيس لما يطلق عليه «عيد الأم» الحديث، يعود للناشطة، والكاتبة، والشاعرة الأميركية جوليا وورد هاو في عام ،1872 التي لاقت أعمالها شهرة واسعة، بعد نشرها أغنية «ترنيمة معركة الجمهورية» خلال الحرب الأهلية الأميركية، إذ اقترحت أن يخصص الثاني من يونيو من كل عام يوماً للاحتفال بعيد للأم، مهدى للسلام والمحبة، بينما قامت بكتابة نداء عاطفي تحث فيه النساء على النهوض ضد الحرب، في إعلانها الشهير «إعلان عيد الأم»، الذي كتبته في ولاية بوسطن الأميركية عام ،1870 كما أنها بادرت بإطلاق احتفال سنوي في الثاني من شهر يونيو كل عام، سُمي بـ«احتفال سلام الأمهات» في بوسطن، حيث أقامت اجتماعاته على مدى سنوات، وحاولت على مدى سنوات طويلة، من دون كلل، أن تطالب باحتفالات رسمية بعيد الأم، واعلان رسمي، باعتباره عطلة رسمية، وانتشرت أفكارها بين الولايات المختلفة، إلا أنه ومع الوقت استبدل التاريخ من يونيو إلى مارس.

آنا جارفيس

إضافة إلى هاو، تعد آنا جارفيس مؤسسة عيد الأم في الولايات المتحدة، على الرغم من أنها لم تتزوج قط، ولم تنجب الأطفال، إلا أنها عرفت باسم «أم عيد الأم»، وهو اللقب الذي استحقته بعد محاولات حثيثة للحصول على تقدير رسمي للمرأة، وهو الشغف والرغبة الشديدان اللذان ورثتهما واستلهمتهما جارفيس من والدتها، آنا ماري ريفز، التي كانت ناشطة وموظفة اجتماعية، إذ دائماً ما كانت تعبر عن رغبتها في أن يكون هناك يوم لتكريم كل الأمهات، الأموات والأحياء، تقديم التقدير والاحترام لما صنعنه وقدمنه من تضحيات.

 

لم تنس الابنة حلم الأم، وجاء قرار البدء بتحقيق تلك الأمنية بعد وفاة الأم عام ،1905 خصوصاً مع تزايد انتشار السلوكيات غير المبالية تجاه الأمهات من قبل الأميركيين، ما جعل الأمر جديراً بالعناء، حيث بدأت «آنا» رحلتها مع أتباعها بكتابة رسائل تطالب فيها أصحاب السلطة والمناصب بتعيين يوم رسمي للإعلان عن «عيد الأم» من خلال عطلة رسمية، وهو ما حصلت عليه «آنا» عام ،1911 حيث تم بعد ذلك العام الاحتفال بعيد الأم في معظم أنحاء الولايات المتحدة.

تويتر