المظليون.. نسور محلّقة في الأعـالي

رياضة القفز بالمظلات تمنح ممارسيها متعة خاصة.                تصوير: لؤي أبوهيكل

تختلف رياضة القفز بالمظلات عن رياضات كثيرة، في أنها تتطلب شجاعة كبيرة وثقة بالنفس، وتدريبا طويلا، وقبل ذلك كله، خلو الجسم من الأمراض. ويتمتع ممارس القفز المظلي باللياقة البدنية التي تؤهله للتحليق في الجو، والقفز من ارتفاعات كبيرة قد تصل إلى آلاف الأقدام، وتتيح تلك الرياضة، بحسب محترفين وممارسين لها التقتهم «الإمارات اليوم»، لأصحابها متعة الطيران والتحليق عاليا مثل النسور في السماء، وتجربة اكتشاف عالم آخر، ومراقبة المناظر الجميلة من ارتفاعات شاهقة.

وقال قائد فريق الإمارات للقفز بالمظلات، يوسف الحوسني، «رياضة القفز بالمظلات أحد أبرز الرياضات التي تنظم لها مسابقات على مستوى العالم، وتحظى بشعبية واسعة، وهي رياضة تجمع ما بين الثقة بالنفس والشجاعة واللياقة البدنية وخلو الجسم من العاهات». وأشار إلى أنه على خلاف ما يعتقد بعضهم من أنها رياضة تقتصر على القفز من الطائرة التي تحلق عالياً في السماء، إذ «تتنوع لتشمل إلى جانب القفز الفوري، القفز اليدوي والتزلج على الماء بالمظلات والتماسك التي يشارك فيها مجموعة من القافزين، من ارتفاع قد يصل إلى 10 آلاف قدم، ومسابقة دقة الهدف الذي يوازي حجم الدرهم الإماراتي وغيرها، الأمر الذي يشعل المنافسة دائماً بين الفرق المشاركة، ويتطلب التدريب المستمر لضمان تحقيق النجاح والهدف المرجو»، وفق الحوسني.

وأوضح مدير إدارة فريق فزاع للقفز بالمظلات، راشد الرستماني، والذي أدى 167 قفزة، أن رياضة القفز إحدى أبرز الرياضات المكلفة، وتتطلب ممارستها تكاليف باهظة تتنوع ما بين مستلزماتها المختلفة، لاسيما الطائرة المستخدمة في عمليات القفز المكلفة الثمن. كما أن ممارستها تستدعي توفير مساحات خاصة على الشواطئ، ما يتطلب التنسيق المسبق، لضمان خلوها من خطوط الطيران المحددة للطيارات، ولابد من توافر الأجواء المناسبة لممارستها، حيث تصعب ممارستها في الحرارة العالية. وأضاف «رياضة القفز بالمظلات تمنح ممارسيها فرصة يندر وجودها في الرياضات الأخرى، وهي السباحة في السماء، والاستمتاع برؤية المناظر المختلفة بشكلٍ مغاير عن الآخرين، فتظل صورتها عالقة ومحفورة في الذاكرة».

 
رقم قياسي

سجل المواطن ناصر النيادي، من فريق فزاع للقفز بالمظلات أخيراً، رقماً قياسياً عالمياً جديداً في القفز المظلي من نقطة ثابتة على مبنى أو سارية، حيث نجح مع مدربه عمر الحجيلان في الهبوط ببراعة تامة بالمظلات، انطلاقاً من برج خليفة في دبي، أعلى مبنى في العالم. واستطاع النيادي، هو والسعودي عمر الحجيلان، الهبوط ببراعة تامة محلقين في نزول عمودي من على ارتفاع 672 متراً (2205 أقدام)، ونجحا في إتمام القفزة خلال 10 ثوان من السقوط الحر و30ـ40 ثانية من التحليق بالمظلات.
تجربة غنية

وقال عضو فريق فزاع للقفز بالمظلات والحاصل على بطولة العالم في القفز بالمظلات (فردي) أربع مرات، عيسى محمد، «تعد رياضة القفز بالمظلات من أبرز الألعاب الرياضية على الإطلاق، ومن أهم متطلباتها الشجاعة والثقة الكبيرة بالنفس، لاسيما أن ممارستها على بعد آلاف الأقدام من الأرض». ووصف تجربته في ممارسة هذه الرياضة بأنها «غنية جداً، حيث حققت فيها، بفضل الله ودعم المسؤولين وجهودي الذاتية، إنجازات كبيرة تمثلت في ظفري ببطولة العالم في القفز بالمظلات (فردي)، أربع مرات، ورصيدا من 78 ميدالية».

وعن بدايته في هذه الرياضة، قال إنها بدأت منذ فترة طويلة، حين انضم إلى فريق الإمارات للقفز الحر، وخاض دورات تدريبية عديدة داخل الدولة وخارجها، الأمر الذي أهله للمشاركة في مجموعة كبيرة من المسابقات والبطولات الداخلية والخارجية على مستوى العالم، وظفر فيها بمراكز أولى ومجموعة كبيرة من الميداليات. و انضم عيسى محمد إلى فريق فزاع للقفز بالمظلات الذي تأسس حديثاً، وشارك في بطولة دبي الدولية وبطولة كأس الخليج الأولى للقفز بالمظلات 2010 في دبي، والتي تعتبر أول بطولة له، معربا عن أمله أن يحقق فيها النجاح إلى جانب أفراد الفريق.

ورأى عضو فريق الإمارات للقفز بالمظلات، محمد عبيد السويدي، أن القفز بالمظلات، بأنواعه المختلفة، رياضة تحتاج إلى جانب الثقة الكبيرة بالنفس والشجاعة واللياقة البدنية، التركيز الشديد الذي يضمن تحقيق النجاح والسلامة في الوقت نفسه . وعن التحاقه بالفريق، ذكر السويدي الذي حصل على المركز الثاني في مسابقة للقفز بالمظلات في 2008 «خلال تعرفي إلى الفريق، ومشاهدتي ممارساته المختلفة لأنواع رياضة القفز بالمظلات، قررت الالتحاق به وبالدورات التدريبية التي تعلمت فيها أساسيات ومهارات هذه الرياضة وأنواعها المختلفة».

تدريبات

وقال عادل المطروشي «يعد القفز بالمظلات من إحدى أبرز الرياضات التي تبث في روح ممارسيها الشجاعة والقوة، وتمنحهم فرصة الاستمتاع برؤية المناظر من مسافات بعيدة، بعد بذل مجهود مضنٍ من التدريبات المكثفة التي تشمل المبادئ والأساسيات اللازمة لهذه الرياضة». وكان المطروشي قد التحق بفريق الإمارات للقفز بالمظلات منذ خمس سنوات، وانضم أخيراً إلى فريق فزاع للقفز بالمظلات.

ولا يقتصر دور سعيد مصبح السويدي في فريق الإمارات للقفز بالمظلات على القفز فقط، بل يتعداه ليشمل التصوير. وقال «انضممت إلى فريق الإمارات، في ،1996 ونظراً لامتلاكي موهبة التصوير، قررت العمل مصوراً في الفريق، وفي 1998 احترفت التصوير لأصبح مصوراً رسمياً للفريق».

وعن التصوير في الجو، أفاد السويدي بأن له ميزة خاصة، حيث تسمح السماء المفتوحة للمصور الذي يسبح فيها بالتحكم بالمناظر التي يود التقاطها بشكلٍ أكبر، والتي تحمل في العادة تفاصيل دقيقة يصعب على المصور في الأرض التقاطها .

وكان السويدي قد التحق بفريق فزاع للقفز بالمظلات، إذ يشارك في بطولة دبي الدولية وبطولة كأس الخليج الأولى للقفز بالمظلات ،2010 التي انطلقت في السادس من الشهر الجاري في دبي، على شاطئ الميناء السياحي في جميرا، وشهدت مشاركة أكثر من 400 قافز وقافزة يمثلون 55 دولة، برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس مجلس دبي الرياضي، وبتنظيم جمعية الإمارات لقفز المظلات وبالتعاون مع الاتحاد الدولي للرياضات الجوية.

ومثل الدولة في هذه البطولة فريق الإمارات للقفز بالمظلات التابع للقوات المسلحة (تم تأسيسه في 1976)، والذي استطاع بعد نحو سنتين من تأسيسه الظفر بالمركز الأول في بطولة قبرص للقفز بالمظلات، لتتوالى من بعدها نجاحاته على المستويين المحلي والعالمي. وشارك فيها فريق فزاع للقفز بالمظلات الذي أسسه أخيراً سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، لتكون بذلك أول بطولة يشارك فيها.

 

تحقيق حلم مواطنات

لم يعد تحقيق حلم الإماراتيات بالطيران الحر بالقفز بالمظلات، أسوةً بنظيرهن الرجل، أمراً صعب المنال، إذ تسعى جمعية الإمارات للطيران حاليا، إلى تأسيس فريق خاص للسيدات للقفز بالمظلات، وفق المعايير العالمية المعتمدة، للمشاركة في الأحداث والأنشطة المحلية والعالمية، حسب ممثل الشرق الأوسط وآسيا في رياضة المظلات، مدير بطولة دبي الدولية وبطولة كأس الخليج الأولى للقفز بالمظلات ،2010 محمد يوسف الذي قال ل «الإمارات اليوم» «المرأة الإماراتية تمتلك المقومات والمؤهلات التي تساعدها على خوض غمار تجربة الطيران الحر، تماما مثل الرجل، وكذلك نظيراتها من النساء في الدول الأوروبية، فالإماراتية صاحبة نجاحات في مختلف المجالات داخل الدولة وخارجها»، مشيرا إلى أن جمعية الإمارات للطيران عبر تكوينها فريق قفز بالمظلات خاص بالسيدات ستتيح تلك التجربة الممتعة للمواطنات.

وأضاف «إننا متأكدون من أن الفريق سيشهد إقبالاً كثيفاً، لاسيما من الصبايا اللاتي يهوين خوض غمار مختلف الرياضات المثيرة، التي تحمل نشاطاتها المختلفة تجارب غنية، من شأنها أن تضيف إليهن الكثير، ويعد القبول الذي حظي به إعلان جمعية المظلين سابقاً، عن فتح باب التسجيل أمامهن في إحدى الدورات خير شاهدٍ على ذلك، إذ فاق عدد الشباب، وزاد على الـ70».

وقال محمد يوسف «ممارسة رياضة القفز بأنواعها المختلفة لا تؤثر في المرأة، إذا ما كانت تتمتع بصحة بدنية عالية، وكغيرها من الرياضات تتطلب الحيطة والحذر عند القيام بها، ويتم توفير احتياطات الأمن والسلامة فيها، وتحفظ للمرأة حشمتها ووقارها، إذ إن الملابس التي ترتديها في أثناء ممارستهارياضية محتشمة».

أعضاء من فريق الإمارات للقفز بالمظلات.            تصوير: لؤي أبوهيكل
تويتر