فصل جديد من أعماله في «أيام غاليري» بدبي

ثائر هلال.. ضوء الأمل يتشكل «تحت الأنقاض»

صورة

«تحت الأنقاض» هو عنوان المعرض الذي يستكمل من خلاله الفنان ثائر هلال، تجربته مع اللون والوسائط المتعددة، حيث أزاح الستار عن فصل جديد من أعماله الفنية في المعرض الذي افتتح أخيراً، في أيام غاليري بدبي، والذي يكرّس فيه تجربته التجريدية التي تقوم على التكرار في الشكل اللوني، مع السطوح المفعمة بالمواد. يجسد هلال من خلال أعماله الأخيرة الركام والخراب، ويرسم بالأبيض والأسود المسافة الفاصلة بين الحياة والموت، فهو يسعى إلى تسليط الضوء على الوجع والألم الذي حل بوطنه سورية، ولكن مع مزجه بالأمل، وبداية بيضاء أجمل. تطور معالم التجربة التجريدية، هو أبرز ما نلاحظه في أعمال هلال التي نجدها تحمل الكثير من الخشونة والصلابة، بفعل الطبقات اللونية المتماسكة التي تبدو في غاية القسوة، وكأننا أمام مسطحات صخرية التكوين. نجد الفنان يسعى من خلال أعماله إلى تجسيد التغييرات المأساوية التي تحدث في بلده سورية، فيطرح الأسئلة الجدلية المتعلقة بالوجود ومعناه، وحالة الوجع التي تستنزف البشر، وتنهك أرواحهم. الخشونة التي نجدها في الأعمال، تشكل جانباً من خشونة القدر، وصلابة وقسوة المصير، فهي خشونة مفعمة بالألوان في بعض الأحيان، وكأن هذه الألوان هي الحياة بكل تجاربها.

تراوح الأعمال بين الأمل والألم، يستخدم فيها هلال الأبيض والأسود والرمادي، ونجد الألوان الترابية في مجموعة من الأعمال أيضاً. ويرسم من خلال الألوان حالتين متضادتين، فالأبيض الذي يسيطر على مجموعة من اللوحات، يقودنا إلى حالة من الهدوء والسلام الداخلي، بينما يبعث الأسود والرمادي المنتشران على لوحة أخرى مشاعر متناقضة تماماً، قوامها الألم والمعاناة. هذا الألم الذي تعكسه الألوان يؤكده سطح اللوحة أيضاً، فتبدو الأعمال كأنها تعكس حالة من الخراب والدمار.

كل هذا الاشتغال الفني، والرؤية البصرية الخاصة التي ميّزت أعمال هلال في معارضه السابقة، نجدها تعكس علاقته بالطبيعة، فهو يعمل على إعادة تمثيل العمليات الفيزيائية، للتشكلات الصخرية، وكأنه يجسد لدينا في العمل الفني معاني التناغم والانسجام ويرسخها في الذاكرة البصرية. يتحاور في العمل الضوء والظل، ولكن بأسلوب خاص يبدو فيه الضوء كأنه يتشكل من غموض الأنقاض.

وعن معرضه الذي يستمر حتى 28 ديسمبر الجاري، قال هلال، لـ«الإمارات اليوم»: «المواد التي استخدمتها في هذه الأعمال، هي نفسها التي طالما كانت تشغل مساحاتي اللونية، حيث أمزج الورق مع الألوان في عجينة تمنحني هذه الكثافة العالية، لدرجة المبالغة، وأحبها وأرى أنها تؤدي الغرض الذي أتطلع إليه في العمل». ولفت إلى أن المادة الأساسية، وهي الورق، التي يستخدمها بهذا الشكل الخشن، تمثل الشفافية والليونة، فهي مادة لطيفة، ولكن رغم كل المعاني السلبية التي قد تظهر في اللوحة إلا أنها تحمل الإيجابية، موضحاً أنها تأخذه إلى عالم حسّاس. أما في ما يتعلق بالألم الذي يسيطر على العمل، فنوّه بأنه كفنان ليس معزولاً عن العالم الخارجي وما يحدث في بلده، فكل ما يقدمه من أعمال هي محاولات مستمرة لقول شيء، والتعبير عما يحدث بين الناس، ويتأثر به. أما الأمل الموجود في الأعمال فيتجسد بأكثر من طريقة، ومنها الشفافية واللون، فكلها أمور تدل على أننا أحياء. وعن أسلوبه اللوني التجريدي الذي يتطور من معرض إلى آخر بالحفاظ على الشكل البصري نفسه، رأى هلال، أن الشغف بالعمل الفني والموهبة، والاهتمام والتركيز العالي، كلها أمور تسهم في جعل اللوحة تتطور باستمرار، مع الحفاظ على معالمها، فتبقى تعكس روح الفنان في العمل بشكل صادق.

سيرة لونية

ولد الفنان ثائر هلال في سورية عام 1976، درس الفنون في سورية، وانتقل للعيش في الإمارات عام 1990، ويُدرّس حالياً الفنون في كلية الفنون بجامعة الشارقة. خلال إقامته في الإمارات، شارك هلال في مجموعة من المعارض الفنية الخاصة في الخليج، ومنها بينالي الشارقة عام 1997، بالإضافة إلى معرضه في متحف الشارقة للفنون. وكانت له مجموعة من المعارض الفردية بين الإمارات ولندن.

تويتر