بمشاركة نخبة من المفكرين والأدباء والشعراء من البلدين

الملتقى الإماراتي الفرنسي يحتفي بـ «زايد شاعر السلام والإنسانية» في «اليونيسكو»

صورة

بحضور نخبة من المفكرين والأدباء والشعراء الإماراتيين والفرنسيين، وعدد من الطلبة وأبناء الجاليات العربية في فرنسا، ووسائل الإعلام، أقيمت أول من أمس، في مقر منظمة اليونيسكو، فعاليات الملتقى الإماراتي الفرنسي 2018، تحت شعار «زايد شاعر السلام والإنسانية»، بالتزامن مع فعاليات الاحتفاء بـ«عام زايد».

80

قصيدة مُغناة

للشيخ زايد.

57

فناناً وفنانة غنوا من

قصائد الشيخ زايد.

وأقيم الملتقى بدعوة مُشتركة من الوفد الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى منظمة اليونيسكو، ولجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وبالتعاون مع شركة أبوظبي للإعلام، إلى جانب حضور عدد من السفراء والمندوبين الدائمين العرب والأجانب المُعتمدين لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.

وانطلقت فعاليات الملتقى بفيلم مُترجم للغة الفرنسية، حول الدور الكبير للمغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على الصعيدين المحلي والدولي، وبشكل خاص تأسيسه دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أصبحت تتبوأ مكانة عالمية مرموقة اليوم في مختلف المجالات، وتُسهم بشكل فاعل في حوار الثقافات والحضارات، ونشر المحبة والسلام، وحاز الفيلم تقدير الحضور من ممثلي دول العالم في «اليونيسكو»، ونخبة من رموز الفكر والثقافة والإعلام في العاصمة الفرنسية.

وتضمّن برنامج الملتقى ثلاث جلسات، الأولى بعنوان «زايد جسر التواصل مع الثقافات والحضارات.. مشروع كلمة نموذجاً»، شارك فيها د.علي بن تميم، مدير عام شركة أبوظبي للإعلام الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، ود.كاظم جهاد، ود.سعد البازعي. أما الجلسة الثانية، فكانت أمسية شعرية مميزة بعنوان «زايد وتطور الشعر النبطي والفصيح في دولة الإمارات.. تجربتا شاعر المليون وأمير الشعراء نموذجاً»، أحياها كل من الشاعرات والشعراء من الإمارات والسعودية: زينب البلوشي، وأسماء الحمادي، وسعيد بخيت الكتبي، وإياد الحكمي. أما الجلسة الثالثة فجاءت بعنوان «التجربة الإنسانية والغنائية في أشعار الشيخ زايد»، تحدّث فيها كل من الأستاذ سلطان العميمي، ود.غسان الحسن، ود.كاظم جهاد. واختتم الملتقى بمعزوفات على العود لقصائد مُغنّاة للشيخ زايد، أدّاها الفنان والمُلحّن الإماراتي فيصل الساري، استقطبت إعجاب الجمهورين العربي والفرنسي على حدّ سواء.

وفي كلمته الافتتاحية للملتقى، أكد السفير عبدالله علي مصبح النعيمي، مندوب الإمارات الدائم لدى «اليونيسكو»، أنّ «التكريم هو تكريس للفرادة والريادة، ونحتفل به هذا اليوم كفعل ولاء وانتماء إلى فكر وشعر قائد عظيم، إنه أيقونة بناء ورخاء، وعبقرية فكر وشعر. ومن الطبيعي جداً أن نكرّم الشيخ زايد في هذه المنظمة الدولية، التي هي بيت الثقافات والحضارات، فهي أنشئت في الأساس لبناء السلام في عقول البشر، وهل هناك أكثر من مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة استجابة لمعادلة السلام والوئام الإنساني، سواء في قيادته السياسية أو في مقاربته الشعرية الإبداعية، وحتى في رؤيته الفكرية المشدودة إلى قيم الحق والخير والجمال والوفاء؟! هذه القيمة الفريدة والنبيلة والنادرة بين البشر، هي ما يحفزنا على تنظيم هذا الملتقى الإماراتي الفرنسي، تحت عنوان (زايد شاعر السلام والإنسانية)»، مضيفاً أن «هذه الكلمات الأربع تختصر شخصية هذا القائد الاستثنائي، وترسم خريطة عالمه الفكري والشعري والسياسي والأنطولوجي. إنه أولاً المؤسّس والحكيم، والرؤيوي الذي يستشرف الآتي من التطورات. وقد أغدق الله عليه هذا الفيض من نور العقل، وقوة الإرادة والعزيمة ليروض المصاعب، ويُحوّلها إلى فرص آفاق مفتوحة. وقد أرسى ركائز دولتنا التي غدت قدوة ومثالاً بين أّمم الأرض، والسقف الذي تستظله 200 جنسية من أقوام العالم، تكسب رزقها، وتعيش خصوصياتها بتناغم وتآلف الاختلاف وتكامله». من جهته، أكد عيسى سيف المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، أنّ إمارة أبوظبي شهدت خلال السنوات الماضية تحوّلاً بارزاً في إطار عملية التنمية الثقافية، انطلاقاً من رؤى القيادة الرشيدة في الارتقاء بمكانتها على الصعيد العالمي، وترجمة لتطلعاتنا في ترسيخ أبوظبي مدينة مُستدامة تصون تراثها الثقافي، وتُسهم في إرساء مستقبل واعد للأجيال المقبلة. وهذا ما يُمثل متابعة لتنفيذ رؤية المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، في الحفاظ على هوية وثقافة شعب الإمارات، وذلك عبر إدراك المخاطر التي تواجه الثقافة في سائر أنحاء العالم، وأهمية صون تراث الأجداد ونقله للأجيال القادمة، بالتوازي مع متابعة المسيرة الحضارية والتفاعل مع مختلف الثقافات.

وأكد أنّ جهود دولة الإمارات تُعتبر معروفة في تعزيز السلم العالمي، ونشر الحب والتعايش، من خلال الفن والأدب والشعر، وذلك سيراً على نهج زايد في نشر ثقافة الأمل والخير والتكاتف الإنساني. ولطالما كان الأمن والسلام، وسيبقيان، الأمنية التي تُراود أحلام ملايين البشر.

د.علي بن تميم، مدير عام شركة أبوظبي للإعلام الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، قدّم ورقة عمل مهمة بعنوان «زايد جسر التواصل مع الثقافات والحضارات»، تحدّث فيها عن مشروعين ثقافيين كبيرين في أبوظبي، هما مشروع كلمة للترجمة وجائزة الشيخ زايد للكتاب بوصفهما جسرين معرفيين يُجسّدان قيم الاستنارة الثقافية في أبوظبي، ونموذجان لما تقوم به أبوظبي، ولما يمثله زايد من قيم الانفتاح والتواصل والدعوة إلى التسامح وحوار الحضارات.

وأكد في كلمته أنّ الشيخ زايد كان يؤمن بأنّ الاختلاف سنّة من سنن الكون والحياة، ولم يكن يسعى عبر الحوار إلى فرض رأي على آخر، بل ظلّ يهدف إلى تعظيم القواسم المشتركة بين الناس والتقليل من الخلاف الذي يقود إلى الصراع والعنف، فهو ابن الحضارة العربية القائمة على التنوع في إطار الوحدة. ويؤكد الشيخ زايد أهمية الانفتاح على الأبعاد الإنسانية في الحضارات المختلفة، ويرى أنّ جوهر الحضارة الغربية بني على هذا اللون من الانفتاح والمثاقفة الإيجابية، وأنّ علينا أن نفيد من التجارب الحضارية، لنتمكن من بناء تصور حضاري يجمع بين «ماضٍ تليد ونهضة عصرية».

أما الكاتب والباحث الإماراتي سلطان العميمي، فقد كشف عن حقائق فريدة في جلسة بعنوان «التجربة الإنسانية والغنائية في أشعار الشيخ زايد». وأوضح أنّ اهتمام الشيخ زايد بن سلطان بالشعر بشكل كبير إنما جاء لقيمته الإنسانية والأدبية المؤثرة والمهمة. وكذلك من جهة اعتباره عنصراً مهماً من عناصر الهوية الإماراتية، وقد بادر الشيخ زايد في سبيل هذا الاهتمام لتأسيس مجالس شعرية تلفزيونية في أبوظبي، طباعة وإصدار عدد من الدواوين الشعرية في وقت مبكر، تأسيس لجنة التراث والتاريخ التي اهتمت بالشعر النبطي بصفته جزءاً من التراث الإماراتي. وتشجيعه الفنانين الإماراتيين على غناء القصائد النبطية لكبار شعراء الإمارات. استقباله الدائم للشعراء في مجلسه، وعند زيارته لمختلف المناطق. وتشجيعه المستمر ودعمه وسائل الإعلام بمختلف أشكالها للاهتمام بالشعر النبطي، فظهرت برامج إذاعية وصفحات ومجلات محلية تهتم بالشعر النبطي، وظهرت مؤسسات ومراكز ثقافية وتراثية وبحثية تهتم بالشعر النبطي ودراسته.

كما قرض الشيخ زايد الشعر النبطي، وقد صدرت دواوين شعرية عدة تضم قصائده، وقد نظم على مختلف الأوزان، لكنه أبدى اهتماماً واضحاً بأوزان الشعر النبطي وفنونه التي اشتهرت بها إمارات الدولة منذ القدم، خصوصاً «الونة والردحة والتغرودة». أما الأغراض الشعرية التي كتب عليها الشيخ زايد، فهي عديدة، وتتنوع بين الغزل وقصائد الحكمة والقصائد الوطنية والاجتماعية، إضافة إلى قرضه ما يعرف باسم المساجلات الشعرية، وهو أسلوب من أساليب الشعر يبدي فيها الشاعر إعجابه بقصيدة شاعر آخر فيجاريها، أو يشكو فيها معاناته لشاعر آخر، أو يستقبل قصيدة شكوي من شاعر آخر فيرد عليها.

وباستعراض قصائد الشيخ زايد المغناة، نجد في إحصائية سريعة أن عدد قصائده المغناة يزيد على 80 قصيدة، غني بعضها بصوت فنان واحد، وبعضها بصوت 11 فناناً وفنانة. وبلغ عدد الفنانين الذين غنوا قصائده 57 فناناً، منهم 14 فنانة، منهن خمس فنانات إماراتيات، في مقابل 30 فناناً إماراتياً، بما يصل مجموعه إلى 35 فناناً وفنانة إماراتيين، أي أكثر من نصف الأغاني. وهناك ثلاثة فرق غنائية غنت قصائد الشيخ زايد، كما غنيت القصائد وأدّيت بالموسيقى وبأداة الربابة «وهي أداة موسيقية وترية فردية»، وبصوت «الشلّة»، وهو فن يعتمد فيه الفنان على أدائه الصوتي فقط. وإضافة إلى فناني الإمارات الذي غنوا قصائد الشيخ زايد، نجد أن جنسيات الفنانين الآخرين تتنوع بين المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وسلطنة عمان والمغرب وغيرها من الجنسيات العربية الشقيقة.

كذلك فقد قدّم الناقد والباحث المعروف في الشعر النبطي د.غسان الحسن، عضو لجنة تحكيم شاعر المليون، تحليلاً مميزاً للأغراض الشعرية للشيخ زايد، والذي كانت قصائده عاملاً مهماً في توحيد أبناء الإمارات وتأسيس دولة الاتحاد، فضلاً عن مضامين شعرية جميلة، وباختصار يرى الحسن أنّ الشيخ زايد كان يبني جيلاً بهذه القصائد النبطية المُبدعة. وأكد الحسن، بأن الشيخ زايد، شاعر من الطراز الأول، وأن أهم شيء في هذا الشاعر أنه كان يعي ماذا يقول وماذا يفعل. وتابع: لذلك وجدنا أن الشيخ زايد في قصائده يذهب إلى منحى خاص جداً عن الشعراء الآخرين، كان يقول ويدرك الوظيفة التي يجعل الشعر فيها عاملاً من عوامل بناء الدولة.

تويتر