«مساء الجنة».. إنسانية في خندق الحرب

المخرج جمعة السهيلي يدير فريق العمل في موقع التصوير في منطقة العوير. من المصدر

انتهى المخرج الإماراتي جمعة السهلي، من تصوير فيلمه الجديد «مساء الجنة» الذي يمثل أول تعاون للسهلي مع الكاتب والسيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد، وتدور أحداثه في فترة حرب الخليج ،1990 ويروي حكاية انسانية في الخندق خلال حرب الخليج، ويشارك الفيلم في مهرجان الخليج السينمائي الثاني الذي سيعقد في ابريل المقبل، في دبي كعرض أول للفيلم بعد الانتهاء من العمليات الفنية عليه.

وقال السهلي لـ«الإمارات اليوم»: إن «مساء الجنة» يمثل نوعية جديدة من الأفلام، سواء بالنسبة له كمخرج أو بالنسبة للأفلام الإماراتية بشكل عام، وأضاف «أسعى دائما لاختيار موضوعات متنوعة للأفلام التي أقدمها حتى تضيف إلى تجربتي كمخرج، فعلى سبيل المثال يدخل فيلمي السابق «عودة أم الدويس» ضمن أفلام الرعب، وهو لون مختلف عن الفيلم الذي قدمته من قبل «أسرار سارة»، وهو تنوع مقصود لأنني اعتدت التخطيط المسبق لأفلامي، ولعل هذا ما يجعل هناك فترات توقف بينها، فانا أؤمن بأن تقديم عمل واحد جيد أفضل من تقديم أعمال متعددة لا تضيف جديدا لصاحبها».

حدث حقيقي

وعن تنفيذ فيلم «مساء الجنة» أشار السهلي «يعد الفيلم من الأفلام الصعبة والتي تختلف كثيرا عن الأفلام الأخرى، نظرا لأنه يرتبط بحدث حقيقي جرى في فترة زمنية قريبة نسبيا هي حرب الخليج، وكنت أشعر بالقلق الشديد خلال إعداد الفيلم، الذي يتطلب دقة عالية في التنفيذ حتى نستطيع ان ننقل الواقع المرتبط بتلك الفترة بتفاصيله مثل الملابس والأسلحة وغيرها، حتى لا يفقد الفيلم مصداقيته لدى المشاهد الذي عاصر تلك الفترة، ولذا استعنا بأحد الأشخاص الذين شاركوا في الحرب ليتابع ما نقوم به من استعدادات للتصوير ونستفيد من ملاحظاته، وقد استغرقنا وقتاً جديداً قبل بدء التصوير حتى نحصل على الملابس العسكرية والأسلحة التي تماثل التي كانت تستخدم خلال حرب الخليج، وأحضرنا طائرة عسكرية بالمواصفات نفسها، بينما اضطررنا لطلاء سيارة مدنية لتبدو عسكرية، كما حفرنا الخندق الذي تدور فيه أحداث الفيلم.

وذكر السهلي، ان الفيلم الذي قامت بتمويله «مؤسسة الإمارات»، و«مجموعة ابوظبي للثقافة والفنون» وهدى كانو، استغرق تصويره ثلاثة أيام متواصلة، في منطقة العوير في دبي، حيث استعان بفريق عمل محترف ضم 30 شخصا، وتولى ادارة التصوير مدير التصوير هاني السعداوي. وأضاف «يتناول الفيلم حكاية جنديين إماراتيين «يوسف وجمعة» أثناء حرب الخليج، في أحد الخنادق العسكرية، حين كانت القلوب تنذر بالولاء بينما الموت كان يقف حارسا للصمت، ويروي الحكاية الجندي يوسف وهي من الحكايات الكثيرة والحقيقية التي بقت حبيسة في ذاكرة الجنود الذين شاركوا في حرب الخليج سنة 1990م، قبل 18 سنة، وانا اعتبر ان التمثيل هو صاحب البطولة في الفيلم، وبالفعل استطاع بطلا العمل محمد إسماعيل في دور «الجندي يوسف»، وحسن بالهول في دور «الجندي جمعة»، أن يقدما مستوى متميزاً من الاداء، خصوصاً حسن بالهول الذي ابهرنا جميعا بأدائه رغم انه مازال وجهاً جديداً في عالم التمثيل».

أفلام طويلة

وكشف السهلي، ان «مساء الجنة» هو فيلمه القصير الأخير، حيث سيتجه بعد ذلك إلى الأفلام الطويلة بداية من العام المقبل، وقال: «أتوقع اننا قدمنا عددا كبيرا من الأفلام القصيرة الجيدة، استطاعت فرض نفسها على المشهد السينمائي في الخليج وان تحوز جوائز في مهرجانات عربية وعالمية عدة، ولذا أصبح علينا الاتجاه الى الأفلام الطويلة لنخطو نحو إثبات وجودنا في الفعاليات والمهرجانات المتخصصة في هذا المجال»، وأوضح ان الفيلم الجيد يمكنه ان يشارك في المهرجانات وأن يحصد جوائز، كما يمكنه ان يحقق أيضا جماهيرية ونجاحا على مستوى دور العرض التجارية. ونفى السهلي، ان تكون التجارب الإماراتية السابقة لتقديم فيلم سينمائي طويل لم تحظَ بنجاح جماهيري كبير، موضحا «قد تكون الأفلام التي تم تقديمها من قبل تفتقر للتنفيذ الجيد أو التسويق الكافي لها، ولذا علينا التعلم من أخطاء الماضي، وأن ندرك ان مستوى تنفيذ الفيلم له دور كبير في نجاح الفيلم، ولذلك احرص على الاستعانة بفريق جيد، يتميز بالحرفية في تنفيذ أفلامي».

خطوة جريئة

وقال محمد حسن أحمد لـ«الإمارات اليوم»: إن فيلم «مساء الجنة» يمثل خطوة جريئة تحسب للسينما الخليجية، فهناك قصص كثيرة داخل بيوتنا وفي قلوب الناس التي لم نتطرق إليها بعد، ومن بينها قصص عن حرب الخليج وغير ذلك من الأحداث المهمة، ومن خلال قصص حقيقية لجنود شاركوا في هذه الحرب كنت اسمعها منذ صغري وعلى مدى 20 عاما. وأضاف «جاءت قصة فيلم «مساء الجنة» التي حرصت على تناولها من الجانب الإنساني عبر تناول حالة جنديين يقضيان وقتهما في خندق خلال الحرب، وما يدور بينهما من حوار عن الحياة والموت والحرب، وما يمران به من مشاعر وأحاسيس، من دون أية أبعاد سياسية أو تغليب لطرف على الآخر، لأبتعد تماما عن السياسة، كما حرصت على إهداء الفيلم لكل جنود العالم الذين سقطوا في الحروب».

وذكر محمد، انه كتب الفيلم منذ ما يقرب من اربع سنوات، وهو واحد من أفلام كثيرة كتبها ومازالت في الأدراج، نظرا لحساسية موضوعاتها، «لكننا في الوقت الحالي بدأنا نتطرق لهذه الموضوعات وهو أمر لو اتجهنا لتقديمه منذ خمس أو أربع سنوات كان سيواجه بالرفض، واعتقد ان هذا الفيلم سيشجع آخرين على طرح المزيد من الموضوعات على القدر نفسه من الجرأة والاختلاف»، وأضاف «من غير المنطقي ان نعيش في منطقة تشهد كل هذه الأحداث والحروب، من دون ان نمتلك قصصنا الخاصة وان نطرحها في أعمالنا فلابد لللكاتب ليتمكن من تناول مثل هذه الموضوعات بنجاح، ان يتسم بالبحث والأمانة والحيادية.

معادلة الفوز

وعن فوز أفلامه بجوائز داخل الدولة وخارجها، قال «ليست هناك معادلة حسابية للحصول على الجوائز، وعموما أؤمن بأنه ليس هناك فيلم يمكن ان يحصل على جائزة بسبب فكرته فقط، ولكن تأتي الجوائز كنتيجة لتكامل عناصر الفيلم من بناء درامي وتمثيل وتصوير وإضاءة وديكور وموسيقى وإخراج، وقد يرجع فوز أفلامي بالجوائز إلى حرصي على التعاون مع مخرجين قادرين على ان يضيفوا للقصة ويمنحوها جماليات فنية إضافية»، وأكد ان لديه الكثير من القصص غير المعتادة والتي سيطرحها في الأفلام التي يكتبها، وانه قدم اخيرا فيلما بعنوان «مريمية» مع مخرج بحريني يندرج تحت هذا النوع من الأفلام التي تتميز بالجرأة، حيث يتناول فيه قصة راقصة كانت تعيش في فترة الستينات، إلى جانب فيلم آخر مع المخرج الإماراتي عبدالحليم قائد، بعنوان مؤقت هو «أسـود فاتح» عن ملامح الحياة في دبي بكل ما تشهده من حداثة وتطور.

مزيد من الوقت

قال صاحب افلام «بنت مريم» و«تنباك» والفيلم التلفزيوني«صورة ناقصة» محمد حسن أحمد: إن «اتجاه السينما الإماراتية نحو الفيلم الطويل ليس غريبا بعد ان حققت خلال السنوات الماضية، تطورا ملحوظا على مستوى مختلف عناصر العمل الفني» وأضاف «كنا نحتاج إلى المزيد من الوقت والنضج للاتجاه نحو الأفلام الطويلة التي تمثل مرحلة جديدة ولابد ان ندخلها». لافتا إلى انه بدأ في كتابة مشروعات افلام طويلة، وان تنفيذ الفيلم الطويل اسهل من القصير الذي يتميز بالكثافة ويحتاج إلى التركيز. وأعرب محمد عن ايمانه بقدرة المخرجين الإماراتيين على النجاح في مجال الافلام الطويلة والمشاركة في مهرجانات عربية وعالمية بما سيشكل انطلاقة جديدة للسينما الخليجية لتنافس شقيقاتها العربية.

 

تويتر