تترقب تنفيذ قانون الدين العام لضخ سيولة لا تقل عن 100 مليار درهمالأسواق

المحلية تواصل التراجع والعالمية إلى صعود

قيمة تداولات الأسهم انخفضت كنسبة من الناتج المحلي إلى 45٪ العام الماضي بعد أن كانت 213٪ في عام .2008 تصوير: أشوك فيرما

واصلت أسواق الأسهم المحلية أداءها المتراجع في الأسبوع الأول من العام الجديد، فيما واصلت البورصات الأميركية والعالمية ارتفاعاتها لتكمل مسلسل الصعود الذي أنهت العام الماضي عليه.

وبحسب محللين، فإن مؤشر سوق الإمارات تراجع خلال 2010 بنسبة 4.19٪ ليسير على نهج مؤشرات أسواق الدول التي تتسم بارتفاع المديونية، مثل فرنسا وإسبانيا، مشيرين إلى أنه خلال عام 2010 ارتفعت مؤشرات الأسواق الأميركية والأوروبية بنسب متباينة.

وأوضحوا أن مشكلة السيولة التي تعصف باقتصادات عدد من الدول، أدت إلى استمرار تراجع كل الأسواق، ومنها المحلية، إذ انخفضت قيمة تداولات الأسهم كنسبة من الناتج المحلي من 213٪ في عام 2008 إلى 113٪ في عام ،2009 وإلى 45٪ فقط في عام ،2010 كما انخفضت قيمة تداولات العقارات في دبي كنسبة من الناتج المحلي من 33٪ في عام 2008 إلى 18٪ في 2009 وإلى 13٪ في عام .2010

وأكدوا أن زيادة القروض المصرفية تعتمد على إجراءات الدولة في تنفيذ قانون الدين العام الذي أقره المجلس الوطني، والذي سيمكن الدولة ــ بالتعاون مع المصرف المركزي ــ من ضخ سيولة لا تقل عن 100 مليار درهم في دورة الأعمال الاقتصادية، لافتين إلى أن إقرار خفض الضرائب في الولايات المتحدة واعتماد إجراءات تحفيز إضافية أسهما في الوصول إلى توقعات أفضل حول السوق الأميركية، ما يمثل بدوره عاملاً إيجابياً لاحتمالات الانتعاش الشامل على مستوى العالم.

أداء ضعيف

وتفصيلاً، قال المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إن «أسواق الأسهم المحلية واصلت أداءها الضعيف مع بداية العام الجديد، في ظل غياب شبه كامل للمستثمرين وهيمنة مطلقة للمضاربات اليومية التي تُحركها الشائعات والأخبار المؤكدة وغير المؤكدة».

وأضاف أنه «خلال أيام الأسبوع المنقضي ارتفعت قيمة التداول بشكل طفيف عن الأسبوع الفائت بسبب كثرة الشائعات التي روجها المضاربون، ما أدى إلى تذبذب أكثر من المعتاد في حركة المؤشر ساعد على تدوير التعاملات مرات عدة خلال الجلسة، ما رفع جزئياً من قيمة التداولات».

موضحاً أن «قيمة التداولات الاجمالية ارتفعت من معدل 208 ملايين درهم خلال الأسبوع الأخير من العام الماضي إلى معدل زاد على 260 مليوناً للأسبوع الأول من العام الجاري، لتبقى التداولات عند ربع معدل التداول الذي كانت عليه الأسواق في الأسبوع الأول من عام ،2010 وبنسبة 4٪ فقط من معدل قيمة تداولات السوقين في الجلسات الخمس الأولى من 2008».

وذكر الشماع أن «مؤشر سوق الإمارات كان ضمن الأسواق المتراجعة خلال العام الماضي، فيما كانت مؤشرات الأسواق الأميركية ضمن المؤشرات المرتفعة».

وأوضح أنه «خلال عام 2010 ارتفع مؤشر (داو جونز) 11٪، و(ناسداك) 17٪، و (ستاندرد آند بورز) 12.7٪، كما ارتفعت مؤشرات الأسواق الأوروبية (فوتسي) و(داكس) بنسبة 9٪ و16٪ على التوالي»، واستطرد «لكن مؤشر سوق الإمارات تراجع خلال العام ذاته بنسبة 4.19٪ أسوة بأسواق الدول التي تتسم بارتفاع المديونية، مثل فرنسا وإسبانيا، إذ تراجع مؤشر (كاك كارانت) الفرنسي بنسبة 3.3٪، فيما انخفض مؤشر السوق الإسبانية بنسبة 19.1٪».

السيولة والتراجع

وأكد أن «مشكلة السيولة التي تعصف بالاقتصادات الأكثر مديونية، أدت وتؤدي إلى استمرار تراجع كل الأسواق، ومنها أسواق الإمارات، إذ لا يقتصر الأمر على أسواق الأسهم والعقار، وإنما يمتد إلى تداولات كل الأسواق، التي قد لا تتوافر عنها بيانات».

واستشهد على ذلك بانخفاض قيمة تداولات الأسهم كنسبة من الناتج المحلي من 213٪ في عام 2008 إلى 113٪ فقط في عام 2009 وإلى 45٪ في العام .2010

وأكمل «انخفضت قيمة تداولات العقارات في دبي كنسبة من الناتج المحلي من 33٪ في عام 2008 إلى 18٪ في 2009 وإلى 13٪ في عام 2010».

زيادة القروض

واعتبر الشماع أن «زيادة القروض المصرفية تعتمد على إجراءات الدولة في تنفيذ قانون الدين العام الذي أقره المجلس الوطني، والذي سيمكن الدولة بالتعاون مع المصرف المركزي من ضخ سيولة لا تقل عن 100 مليار درهم في دورة الأعمال الاقتصادية».

وقال إن «معامل الارتباط بين السيولة الكلية والقروض الإجمالية يعني أن القروض المصرفية مسؤولة بنسبة 85٪ عن زيادة السيولة في الاقتصاد».

وأشار إلى أن «ارتفاع نسبة صافي التدفق النقدي السنوي السلبي للقروض في الإمارات إلى نسبة تصل إلى أكثر من 7٪ من الناتج المحلي، تعني أن 7٪ من الدخل القومي يقتطع من دورة الدخل»، لافتاً إلى أنه «في حال استخدام المصارف هذه الأموال لتسديد التزامات خارجية (قروض سابقة) أو استخدمتها لشراء شهادات إيداع من المصرف المركزي، فإنها تتسبب في ضغوط انكماشية في الاقتصاد».

انتعاش عالمي

من جهته، قال كبير محللي العملات في شركة «فوركس.كوم» براين دولان، إن «تحسن احتمالات النمو في الولايات المتحدة يمكن أن يحقق مكاسب للأصول التي تنطوي على المخاطر، مثل الأسهم والسلع، في حين أن أزمة الديون في أوروبا قد تزداد سوءاً قبل أن تبدأ بالتحسن».

وأضاف أن «إقرار خفض الضرائب في الولايات المتحدة واعتماد إجراءات تحفيز إضافية أسهما في الوصول إلى توقعات أفضل حول السوق الأميركية، ما يمثل بدوره عاملاً إيجابياً لاحتمالات الانتعاش الشامل على مستوى العالم». وأكد أن «احتمال حدوث تراجع كبير انتهى الآن»، لافتاً إلى أن «منطقة اليورو، ستتواصل المشكلات فيها مع بداية عام ،2011 وعلى الرغم من أن أزمة الديون لم تتطور إلى أزمة للعملة في الدول المتأثرة، لكن ذلك كان ليتغير لو احتاجت إسبانيا إلى خطة إنقاذ».

انخفاضات خليجية

ذكر تقرير لشركة المركز المالي الكويتي «المركز» أن «أسواق الأسهم الإماراتية تابعت تأخرها، إذ أنهت العام المنصرم بانخفاض، وخسر سوقا أبوظبي ودبي 1.5٪ و10٪ على التوالي في ،2010 أما السوق القطرية والمؤشر الوزني للسوق الكويتية فكانا من أبرز المرتفعين على المستوى الخليجي». وقال إن «إجمالي قيمة الأسهم المتداولة في دول الخليج بلغ 296 مليار دولار في ،2010 بانخفاض سنوي قدره 42٪، ليعادل 58٪ فقط عن إجمالي قيمة الأسهم المتداولة في 2009»، مضيفاً أن «هذه الأرقام لا تزال بعيدة جداً عن القمة التي وصلت إليها قيمة التداول في 2006 عندما بلغت 1.6 تريليون دولار».

وأشار إلى أن «المخاطر في أسواق الدول الخليجية انخفضت بنسبة 40٪ في ديسمبر الماضي، وشهدت انخفاضاً بنسبة 72٪ في ،2010 إذ شهدت نصف أسواق الدول الخليجية انخفاضاً في مستوى التقلب خلال ديسمبر المنصرم». وأكد أن «أكبر الانخفاضات في ديسمبر الماضي في مؤشر (المركز للتقلب)، كانت للسوق الكويتية التي انخفضت بنسبة 26٪، في حين شهدت قطر وعُمان والبحرين زيادات طفيفة في نسبة المخاطر، ارتفع عندها مؤشر التقلب في السوق القطرية بنسبة 7٪»، لافتاً إلى أن «أكثر الانخفاضات السنوية بين أسواق الدول الخليجية في مؤشر (المركز للتقلب) كانت في سوق أبوظبي، الذي هبط بنسبة 84٪، في حين شهدت السعودية والكويت انخفاضاً في المخاطر لسنة 2010 بنسبة 60٪ لكل منها».

وعن أداء الأسواق العالمية أفاد تقرير «المركز» بأن «أسواق العالم أنهت 2010 بنتائج إيجابية، إذ دفعت المؤشرات الاقتصادية القوية الأسهم نحو الأعلى حتى آخر لحظة، وارتفعت أسعار النفط الخام 7.6٪ في ديسمبر الماضي، ليصبح سعر برميل النفط في نهاية العام 92.81 دولاراً، بزيادة سنوية قدرها 20٪، وهو أعلى مستوى تصل إليه هذه الأسعار بعد الأزمة العالمية». وأوضح أن «مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال لأسواق العالم ارتفع 7٪ في ديسمبر المنصرم، ليصل بذلك العائد السنوي إلى 13٪ عن سنة 2010».

ولفت إلى أن «العوائد الشهرية كانت إيجابية مع نهاية ،2010 إذ شهدت أسواق أوروبا وأستراليا والشرق الأقصى مكاسب بنسبة 8٪ لكل منها، في حين أن مؤشرات مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال لأسواق العالم، ومؤشر (فوتسي)، وآسيا باستثناء اليابان، ومؤشر (ستاندرد آند بورز 500) ارتفعت جميعها بنسبة 7٪ في ديسمبر الماضي، على عكس بورصة شانغهاي التي تابعت تأخرها، وظل أداؤها راكداً خلال ديسمبر الماضي، وانخفض 14٪ عن سنة 2010 كلها».


إفراط في التوسع والتشدد

أشار المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية، الدكتور همام الشمّاع، إلى أن «مشكلة السيولة التي تهدد أسواق الأسهم وكل الأنشطة والأسواق جاءت نتاج سياسات مصرفية محلية انساقت وراء موجة عالمية للإفراط في التمويل، قادت بدورها إلى فقاعات تفجرت أثناء الأزمة العالمية وأدت إلى قلب السياسات المصرفية رأساً على عقب، من سياسات مفرطة في التوسع إلى سياسات مفرطة في التشدد»، لافتاً إلى أن «هذا التشدد حوّل التدفقات النقدية للقروض المصرفية إلى تدفقات سالبة، ما يعني أن الفوائد المستحقة على المقترضين من أفراد وشركات عن قروضهم المستحقة عن السنة السابقة، أصبحت أكبر من القروض السنوية التي تمنحها البنوك في السنة اللاحقة، وهذا الفارق بين الفوائد والقروض هو تدفق نقدي داخل إلى المصارف وتدفق نقدي خارج من الأفراد والشركات».

 

تويتر