ملح وسكر

طارت طيارة المونديال

يوسف الأحمد

لن أسهب كثيراً في إخفاق المنتخب وخروجه بخيبةٍ وحسرةٍ لم يكن أكثرهم تشاؤماً يتوقعها عند انطلاق المشوار المونديالي، إذ كانت المعطيات والمقومات تشير إلى عكس ذلك، وتؤكد على إمكانية الوصول إلى الهدف وتحقيقه بسواعد وأقدام هذا الجيل.

•لن يفيد البكاء الآن على ما ضاع بعد أن كان كل شيء في قبضة اليد، فقد طارت ورقة التأهل، ومعها طيارة المونديال.

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة وهي نهاية حلم وطن، الذي تمنى تكرار إنجاز طال انتظاره.. نعم خرجنا بخفي حنين وذهبت الجهود وتعب السنوات الماضية هباءً منثوراً، كيف لا والعمل الماضي كان تحضيراً وإعداداً لهذه المرحلة التي بُنيت لها كل الخطط والمراحل السابقة من خلال تجهيز هذه المجموعة التي وأدت الحلم بأقدامها وأسدلته بصفحة سوداء، أكاد أجزم بأنها غارقة ندماً وحسرةً على ضياعه.

بالطبع اللاعبون لا يتحملون المسؤولية وحدهم وإنما تتشارك معهم أطراف أخرى من جهاز فني واتحاد كرة وإعلام، خصوصاً الأخير الذي أخفق في التعامل مع هذا الملف بعد أن باع الوهم للجماهير، ومارس بعض منتسبيه كعادتهم نفاقاً متلوناً بالعزف على الوترين، اللذين انقطعت حبالهما بسبب نشاز الصوت ورداءته.

أتساءل كغيري: مَن الذي كبّر وضخّم الأمور وجعل اللاعبين يعيشون الدور ويعتقدون أنهم جيل لن يتكرر وكأنهم من كوكبٍ آخر؟ أليست الرواتب والمكافآت التي حظوا بها كانت سبباً لإفسادهم فنياً وبدنياً، كونها متطلبات جاءت متواكبة مع عصر الاحتراف ومع من يدفع أكثر؟! لكن الأضواء والشهرة لعبتا دوراً رئيساً هنا، فقد حصلوا عليهما بعد أن قدمهما لهم البعض على طبق من ذهب، فكيف بشخصٍ مغمور ومجهول في مجتمعه أن يتحول فجأة إلى نجم مرغوب يستحوذ على اهتمام ومتابعة الناس في كل مكان؟! هو ليس ذنباً أو جرماً نلوم ونتهم به اللاعبين؛ لأنهم لم يطلبوه، وإنما جاءهم لظروف الزمن والمكان، فلا يوجد في العالم من يرفض الشهرة والمال، لكن في الواقع هناك من صنع وجعل منهم نجوماً وقدوات في المجتمع، فمن الذي كان يهرول خلفهم ويسترجي لقاءاتهم ويخطب ودّهم ولو بكلمة؟ من الذي كان يلاحقهم حتى في غرف نومهم مع الفلاشات والمايكات؟ ومن كان يفبرك ويداهن من أجل سبقٍ وانفرادٍ وغيره؟

الجميع هنا يتحمّل المسؤولية، فهم من ذبحوا هذا الجيل وخدعوهم بواقع مغاير وأكبر من حجمهم. نعم كنا نستطيع، لو حافظنا على تلك المنظومة الإدارية والفنية التي كانت مُحكمة ومنضبطة قبل أن تتغلغل إليها أيادٍ معادية للنجاح، عبثت بنظامها ودقت الإسفين في أركانها، ليختل توازنها في ما بعد ويحدث ما حدث. لن يفيد البكاء الآن على ما ضاع بعد أن كان كل شيء في قبضة اليد، فقد طارت ورقة التأهل، ومعها طارت طيارة المونديال!

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر