«هريس» و«ثريد» و«لقيمات» على طاولة الإفطار

الجدة خيرية: أكلاتنا القديمة ضيف عزيز على مائدة رمضان

صورة

لشهر رمضان المبارك خصوصيته وطقوسه الفريدة في الإمارات من تجهيزات واستعدادات، ومجالس يومية، ومأكولات شعبية تتزيّن بها المائدة، خلال أيام الشهر الفضيل. عادات وتقاليد وحكايات وقصص رمضانية ترويها لـ«الإمارات اليوم»، جدات وأمهات، في رحلة إلى حياة الآباء الأولين وعاداتهم لاستقبال الشهر الفضيل.


أكلات شعبية إماراتية غنية بالعناصر الغذائية، تتميز بها مائدة شهر رمضان المبارك، تتميز بكثرتها وتنوّعها، فضلاً عن طعمها الطيب ورائحتها الذكية المميزة، التي تتفنن الأمهات والجدات في صنعها.

وعن طبيعة المائدة الإماراتية في شهر الصوم، تسرد الجدة خيرية محمد، لـ«الإمارات اليوم»، خبايا وأسرار الأطعمة الرمضانية التي لا يخلو منها أي بيت إماراتي خلال الشهر المبارك قائلة: «تعبق البيوت الإماراتية برائحة أطباق مميزة قفزت فجأة من سبات الماضي لتحط رحالها فجأة على مائدة إفطار رمضانية في مطلع الألفية الثالثة، وهو استحضار لا يتم لأطباق الطعام التراثية وحدها، وإنما يجري استدعاء كل ما يحيط بهذا الطقس الديني والاجتماعي من أنشطة ترى الحياة وقد دبت فيها فجأة، التي تتسم بروح العمل الجماعي في تحضير المائدة الرمضانية»، وتضيف الجدة: «في أيام الصيام تجتمع نساء معظم الأسر والأقارب وحتى الجيران، للاشتراك في تحضير أطباق الإفطار منذ فترة مبكرة من النهار، تصل إلى ذروتها قبيل وقت قصير من موعد أذان المغرب».

«الهريس» و«الثريد»

وعن الأطعمة التي تتلوّن بها المائدة الرمضانية في الإمارات توضح الجدة خيرية، التي تمتهن صناعة الطبخ الشعبي منذ أكثر من 30 عاماً أن «شهر رمضان ارتبط في الماضي ارتباطاً وثيقاً ببعض المأكولات الشعبية، في مقدمتها (الهريس) الذي يعد وجبة رمضانية بامتياز، لاحتوائها على ما يحتاجه الصائم من غذاء، ولسهولة أكلها لمن امتنع عن الأكل لساعات طويلة، إضافة إلى (الثريد - خبر الرقاق مع المرق)، الذي يعد طبقاً رمضانياً مميزاً».

وتضيف: «الحلويات أساسية للشهر الفضيل، من أشهرها (اللقيمات والساقو، والفرني)، إلى جانب شراب اللبن والماء الذي يعدّ من أهم المشروبات التي لا يخلو منها أي منزل إماراتي خلال أيام الشهر الفضيل».

«الجشيد» و«البثيث»

تذكر الجدة خيرية أنه «حتى ستينات وسبعينات القرن الماضي، كانت المائدة التراثية الإماراتية والخليجية بشكل عام بسيطة كل البساطة، وتتسق مع شظف العيش في الماضي، وكان مجرد ظهور أطباق الأناناس والخوخ والمانجو المعلب، إلى جانب الأطباق الرئيسة البسيطة والمعدودة أيام شهر رمضان، يعتبر ضرباً من ضروب الوجاهة والحداثة، وربما الترف أيضاً». وتكمل: «يعدّ السمك من أشهر المأكولات التي تطبخ في وصفة تحمل اسم (الجشيد)، كما يشكل التمر المتوافر بكثرة في الإمارات، أساساً لعمل أنواع مختلفة من الحلويات، مثل (البثيث والمدبس والرنجينة)، إضافة إلى الحلويات الإماراتية من (اللقيمات والعصيدة والخنفروش والقرص العقيلي) التي يفضلها أبناء الإمارات بعد صلاة التراويح في مجالسهم، التي تمتد إلى ساعات متأخرة من ليل رمضان».

أطباق وافدة

وتؤكد الجدة خيرية أن «المطبخ الشعبي الإماراتي، خصوصاً في الشهر المبارك، يتميز بغناه وتنوّعه بأطباق الأسماك بشكل أساسي، نظراً إلى طبيعة البيئة الإماراتية الساحلية».

لافتة إلى أن «الأطباق التي تتميز باللحوم ما عدا اللحم المشوي بالتنور، وأطباق البرياني، وغيرها هي أطباق جديدة وافدة أخذت حيزاً على الموائد الإماراتية، لكنها ليست أطباقاً إماراتية أصيلة، مثل (الهريس والخبيص والبثيث)، وسائر الأكلات التي تقدم خصوصاً في شهر رمضان».

وتوضح الجدة خيرية أن «هناك مواد مخصصة للطبخ صنعتها المرأة الإماراتية بنفسها أوجدتها من البيئة المحيطة بها، مثل (الرحى)، وتعدّ من أقدم أدوات صنع الطعام، وهي عبارة عن قطعتين مستديرتين من الحجارة الصلبة توضعان الواحدة فوق الأخرى، ويوجد في القطعة العلوية ثقب تثبت به قطعة من الخشب، وذلك لتدويرها إذ يمكن بواسطتها طحن الحبوب». وتضيف الجدة خيرية أن «هناك أدوات عدة لا يخلو بيت إماراتي منها، أهمها (المضرب) وهو عبارة عن مغرفة كبيرة تستخدم لخلط وترقيق اللحم مع الحبوب بعد أن ينضج على النار لإعداد (الهريس)، أضافة إلى (الجفير) وهي السلة التي تحمل بها الأشياء، ومنها نوعان الأول صغير يستخدم في حمل المواد والمشتريات من السوق، أما الثاني فيخصص لنقل الأسماك من موقع صيدها في البحر إلى الأسواق لبيعها، ويسمى (مزماة)، ويصنع (الجفير) من سعف النخيل، وعادة تقوم النساء بصنعه، وذلك يعدّ جزءاً من العمل الذي يقمن به في مجتمع الإمارات».

وتستطرد: «أمّا (المسف)، فأشبه بصينية كبيرة، وكانت النسوة تصنعها من الحصير أو سعف النخيل، وكن يستخدمنها في تنظيف الأرز وتخليصه من القشور العالقة أو الأتربة، وذلك قبل طبخه، أما (المنخل) فهو من الأدوات التي يستعان بها في تحضير الطعام للطهي، وهو نوع من الغربال يستخدم لغربلة الدقيق، فيساعد على تنقيته من الشوائب».

تويتر