صحف عربية

مراكش.. مدينة «البسكليت»

الدراجة في مدينة يوسف بن تاشفين ليست مجرد وسيلة للنقل، إنها أكثر من ذلك وأقرب إلى أن تكون سلوكاً مراكشياً، حيث يتحرك الحرفيون والتجار البسطاء والتلاميذ في قلبها بحميمية كما لو كانوا يتحركون في بيوتهم، يتنقلون بين أحيائها ودروبها كما لو كانوا يتنقلون بين غرف منازلهم.

أصحاب السيارات يتأففون من كثرة الدراجات الهوائية بطرقات مراكش وشوارعها، ويعلنون انزعاجهم منها لأنها تضايقهم في طريق يضيق بهم أصلاً. في الحقيقة العكس هو الصحيح، لأن المدينة الحمراء لم تكن أبداً للسيارات أو الشاحنات،فدروبها وطرقاتها خطتها الدواب وخطوات المشاة من الناس، ولهذا السبب فالدراجات تتمتع بوجود حميمي داخلها، لأنها تبدو كامتداد آلي للحصان والجمل، خلافاً تماماً للسيارات والشاحنات التي تظهر حضوراً عنيفاً يمزق هدنة مكان بناه التاريخ بتأن، فالسيارات تحول الطرقات إلى ساحة للتنافس الشرس، والقسوة والسرعة.

عندما حل الإسباني خيسوس غريوس بمراكش واختار العيش بحي القصبة كان يستخدم سيارة رباعية الدفع، وبعد استئناسه بالمدينة فترة قليلة استنتج أن سيارته تشكل نشازاً حقيقياً داخلها، فاقتنى دراجة نارية للتنقل إلى جليز أو الداوديات، بعد ذلك اقتنى دراجة هوائية للتحرك بين «حومات» ودروب المدينة العتيقة، محتفظاً بالسيارة للأسفار الطويلة أو لجولاته في محيط مراكش. ربما القرار في ذلك يعود إلى يوسف بن تاشفين الذي اختار أن يبني مدينته فوق أرض منبسطة. يذكر المراكشيون جيداً المستشرقة الفرنسية دونيس ماسون، التي أقامت بمراكش عقوداً طويلة منذ أيام شبابها إلى أن فارقت الحياة سنة 1994، حيث عكفت بمنطقة باب دكالة على دراسة الثقافة العربية الإسلامية وترجمة معاني القرآن بتصديق من الجامع الأزهر. يذكرون وفاءها للدراجة الهوائية التي كانت تمتطيها للتحرك بالمدينة ولقضاء أغراضها.

و«البسكليت» اسم يغطي فرحة خاصة بأطفال المدينة العتيقة في الستينات والسبعينات بل إلى حدود السنوات الأولى من الثمانينات.

تويتر