يسيطر عليها تجار المخدرات في البرازيل

«كراكلاند» منطقة لا تمتد إليها سلطة القانون ولا تجرؤ الشرطة على دخولها

صورة

حياة مرعبة في هذه المنطقة، حيث يبتعد معظم الناس عن الأكل والنوم، وينفقون ما يستطيعون إنفاقه من الأموال في سبيل الحصول على مخدر «الكراك». تقع هذه المنطقة في مدينة ساو بولو، التي أصبحت تعرف بـ«كراكلاند»، أي أرض الكراك.

تتشارك البرازيل حدوداً غير مخفورة مع دول منتجة للمخدرات، هي بوليفيا وكولومبيا وبيرو، كما تعتبر ساو باولو أيضاً قاعدة لأقوى عصابات الاتجار في المخدرات بالبرازيل.

مئات من الناس يجلسون في الشارع، يلفون أنفسهم بالبطانيات، ويدخنون الكراك علناً. آخرون يهيمون على وجوههم، تظهر الشراسة من عيونهم، يبحثون عن علب الصفيح ليبيعوها، معظمهم مصابون بالهزال، ومضطربون ذهنياً، جراء سنوات من تعاطي هذا المخدر. هنا تنتشر القمامة في كل مكان، وتفوح روائح قوية من الأجساد الآدمية.

وتسيّر الشرطة دوريات في محيط المنطقة، وتراقب الأمور من بعيد، لكنها لا تتدخل في عمليات ترويج المخدرات أو التعامل معها، وبدلاً من ذلك، فإنها تراقب وقوع جرائم أخرى، مثل السرقة. وهناك خيام للتخفيف من آثار الأذى الذي يصيب المدمنين، وبعض موظفي البلدية ومركبات لمنظمات غير حكومية يقدمون المساعدة.

في وقت مبكر من صباح أحد أيام الآحاد في مايو الماضي، ظهرت مروحيات في سماء المنطقة، هبط منها 900 من رجال الشرطة، مدججين بالسلاح وعناصر من الأمن، واستخدمت الشرطة الرصاص المطاطي، والقنابل الصوتية لتفريق الحشود. وبدأت الشرطة ترمي القنابل على أي شخص، وأصيب الكثير منهم بجروح، ولجأ العديد منهم إلى محطة وقود قريبة، وذهب آخرون لتلقي العلاج في المشافي الحكومية، أو اصطحبهم موظفو الخدمات الاجتماعية إلى ملاجئ المشردين في المدن. وبعد تفكيك سوق الكراك، دهمت الشرطة ممتلكات محلية، واعتقلت العشرات من المشبوهين بالاتجار في هذه المادة المخدرة.

وأعلن مسؤولو الحكومة المحلية نجاح العملية، وأن «كراكلاند» لم تعد موجودة، ولن تظهر مرة أخرى، لكن بعد ستة أشهر من ذلك ظهرت «كراكلاند» مرة أخرى على بعد أمتار قليلة من المكان نفسه الذي كانت فيه من قبل.

تنتعش المنطقة المحيطة بـ«كراكلاند» جراء خطة طموحة، من المقرر أن تبدأ في عام 2018، بإنشاء 1200 شقة جديدة، بيد أن هذا المشهد المشين الذي خلقته المخدرات ظل يشوه وسط مدينة ساو باولو لأكثر من عقدين.

ظهرت «كراكلاند» للمرة الأولى في تسعينات القرن الماضي، عندما دخل هذا النوع من المخدرات سريع الإدمان من الكوكايين سوق المخدرات في المدينة، وظلت سلسلة من الحكومات تسعى جاهدة للقضاء على هذه السوق، لكنها فشلت لأن هذه المساعي كانت تتضمن تدابير قمعية.

لا توجد بيانات دقيقة عن عدد مدمني مخدر «الكراك»، لكن يعتقد أن البرازيل هي موطن لأكبر عدد من مدمني هذه المادة المخدرة في العالم. ووفقاً لمسح وطني عن «الكراك» في عام 2014، يوجد نحو 370 ألف مستخدم عادي في 27 عاصمة ولائية، إضافة إلى المنطقة الاتحادية حول العاصمة، برازيليا.

وتتشارك البرازيل حدوداً غير مخفورة مع دول منتجة للمخدرات، هي بوليفيا وكولومبيا وبيرو. كما تعتبر ساو باولو أيضاً قاعدة لأقوى عصابات الاتجار في المخدرات بالبرازيل. وتقول السلطات إن هذه القاعدة تلعب دوراً محورياً في توريد المخدرات لـ«كراكلاند».

ووفقاً للسلطات، فإن الحملة كانت ضرورية للقضاء على الاتجار بالمخدرات في هذه المنطقة. ويقول سكرتير التنمية الاجتماعية لحكومة ولاية ساو باولو، فلوريانو بيسارو، معلقاً «استطاعت الولاية من خلال عملية (مايو) أن تستعيد أراضيها التي كان يسيطر عليها تجار المخدرات، وأن تسهل عمل موظفي الصحة والرعاية الاجتماعية». وكدليل على نجاح استراتيجيتها، استعرضت حكومة الولاية دراسة تبين أن «كراكلاند» أصبحت بعد عودتها مرة أخرى أصغر مما كانت عليه من قبل، إذ ضمت 1861 شخصاً قبل العملية في مايو، ليتقلص العدد إلى 414 في يوليو، بانخفاض قدره 77٪.

وتقول منسقة الدراسة، كلاريس ساندي مادروغا، إن هناك العديد من الأسباب وراء هذا الانخفاض، فقد سعى بعض المدمنين للمساعدة، واستغل آخرون هذه الفرصة للهروب من تجار المخدرات المدينين لهم. ما هو أكثر من ذلك، أن ثلث سكان «كراكلاند» الآن هم أناس جدد، جاءوا للاستفادة من الخدمات، مثل العلاج الصحي، والوجبات التي تقدمها صالة المدينة، إضافة إلى الأمن النسبي الذي أصبحت تتمتع به المنطقة.

تويتر