يضم ملاعب تنس ومطاعم وأجنحة فاخرة

أجمل سجن في الهند مخصص للبرلمانيين بائعي الذمم

صورة

تفتقت الأذهان السياسية الهندية عن حلول طريفة ومبتكرة، فعندما تكون نتائج الانتخابات متقاربة بين الأحزاب المتنافسة، ويتطلب الأمر تسوية وتنازلاً أو شراء ذمم سياسيين لكي يستطيع حزب من الأحزاب السيطرة على البرلمان، يرسل الحزب المنافس نوابه المستهدفين إلى «سجن خمس نجوم في بنغالور»، لكنه عبارة عن منتجع، ليضمن ألا يقعوا فريسة مساومات ورشى من الحزب المنافس. ويقع منتجع إيغلتون على مشارف بنغالور، ويضم ملاعب تنس وخمسة مطاعم وأجنحة فاخرة تطل على ملعب الغولف العالمي، ولهذا يطلق عليه الهنود «أجمل سجن في الهند».

في الهند ذهبت

الأيديولوجيا في

مهب الريح، وأصبح

الأمر كله يتعلق

بالمال، أو العضلات،

أو المكانة، أو القرابة،

أو الروابط العائلية أو

الطبقة، أما الأفكار

فهي ببساطة لا

تشكل أبداً جزءاً من

المعادلة.

يوم الثلاثاء الماضي تم الإعلان عن نتائج الانتخابات التي جرت في ولاية كارناتاكا جنوب الهند، وأظهرت النتائج أن حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، وحزب المؤتمر الحاكم، لم يفوزا بما يكفي من المقاعد، ليسيطرا على الأمور داخل البرلمان.

ويبدو أن الأمر أصبح واضحاً تماماً، إذ يحتاج بهاراتيا جاناتا إلى إقناع ثمانية من أعضاء البرلمان المعارضين بالانشقاق أو الانضمام إلى ائتلافه. ورداً على ذلك نقل حزب المؤتمر وحليف إقليمي أصغر ما لا يقل عن 40 من نوابهم بالحافلات إلى منتجع إيغلتون، وحبسهم هناك بعيداً عن متناول مفاوضي حزب بهاراتيا جاناتا الذين قد يساومونهم أو يشترون ذممهم.

وظل هذا المنتجع منذ ثمانينات القرن الماضي يقترن بالمساومات السياسية في الانتخابات في أكبر ديمقراطية في العالم.

ويقول عضو حزب المؤتمر والوزير السابق بي كي تشاندرا شيخار، إن هذه الطريقة تساعد الأحزاب على «بناء جدار حول المشرعين، حتى لا يتعدى الطرف الآخر عليهم». ويمضي قائلاً «إنها لعبة قذرة للغاية تستخدم لحماية السياسيين، ولكن أيضاً وسيلة للتأكد من أنهم لا يهربون».

وأظهرت جلسة البرلمان المعلقة يوم الثلاثاء أن السياسة الهندية في فوضى، حيث اتهم حزب المؤتمر وحليفه جاناتا دال (العلماني) حزب بهاراتيا جاناتا بتقديم رشى تصل إلى مليار روبية (نحو 50 مليون درهم) للمنشقين، بينما نفى بهاراتيا جاناتا هذه الادعاءات.

وأفادت الأنباء بأن اثنين على الأقل من أعضاء البرلمان لم يُعثر عليهما، ما أثار شائعات بأنهما متورطان في مفاوضات مع بهاراتيا جاناتا، وسيصبحان أعضاء في ائتلاف الحزب.

صباح يوم الخميس تم الإعلان عن فوز حزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات، بشرط أن يتمكن من إثبات أغلبيته في البرلمان، وفي واحدة من خطواته الأولى لتحقيق الأغلبية، طرد زعيم بهاراتيا جاناتا الجديد بي بي يديورابا مسؤول الشرطة، الذي كان يشرف على منطقة منتجع إيغلتون، وسرعان ما اختفت الشرطة التي تحرس المنتجع، وزعم حزب المؤتمر أن مسؤولي بهاراتيا جاناتا دخلوا الفندق في محاولة للاتصال بالمشرعين، ونقلوا عشرات النواب مرة أخرى في الحافلات التي سارت بهم تسع ساعات إلى مدينة حيدر آباد ليتم إيواؤهم داخل فندق خمس نجوم. لم يستطع الحزب في ما بعد إثبات الأغلبية وقدم يديورابا استقالته كوزير ولائي.

هذا المشهد هو تذكير آخر «للطبيعة الأنانية والدارونية البحتة» للسياسة الهندية، كما يقول مدير برنامج جنوب آسيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، ميلان فايشناف، ويضيف قائلاً «في الكثير من البلدان الأخرى يكون بمقدورك الاعتماد على الأيديولوجية أو الولاء الحزبي، أما في الهند فقد ذهبت الأيديولوجيا في مهب الريح، وأصبح الأمر كله يتعلق بالمال، أو العضلات، أو المكانة، أو القرابة، أو الروابط العائلية أو الطبقة، أما الأفكار فهي ببساطة لا تشكل أبداً جزءاً من المعادلة».

ويبدل بعض أعضاء البرلمانات الهندية ولاءاتهم الحزبية بانتظام في وقت الانتخابات اعتماداً على اتجاه الرياح السياسية، وعادةً ما يتم اختيارهم من جانب الأطراف الأخرى، لقدرتهم على حشد الناخبين وليس لمهاراتهم السياسية. ويقول فايشناف: «يكاد يكون من المستحيل هذه الأيام في معظم الولايات الهندية أن تنتسب إلى حزب كبير ما لم تكن عضواً في أسرة مشهورة، أو أحد المشاهير وتتمتع بقاعدة جماهيرية، أو شخصاً ثرياً بشكل مستقل».

وتعتبر ولاية كارناتاكا مثالاً فاضحاً في هذا الاتجاه، فقبل عقد من الزمن، كانت ثروة نحو 63٪ من أعضاء البرلمان في الولاية لا تزيد على 100 ألف جنيه إسترليني، وهذا العام يتباهى 97٪ من أعضاء البرلمان بثرواتهم، حيث يصل رصيد الواحد منهم إلى عشرة أضعاف ما كان يحصل عليه في السابق، ولهذا عندما تكون نتائج الانتخابات متقاربة، فبدلاً من التمسك بالولاء أو الأيديولوجية، يفضل مسؤولو الحزب إجبار نوابهم على اللجوء إلى المنتجعات، حيث يقضون أياماً في البوفيه والمسبح. ويقول تشاندرا شيخار: «إنهم لا يفعلون شيئاً بل يأكلون جيداً، ويجتمعون، ويقضون وقتاً لطيفاً».

تويتر