احتواء بكين من أولويات أميركا حالياً

الصين لن تستفيد كثيراً من الحرب المحتملة في أوكرانيا

صورة

العلاقات الصينية الروسية هي الأقوى منذ 70 عاماً. وعندما يرحب الرئيس شي جين بينغ بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يسميه «أفضل صديق له»، في قمة مخططة قبل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية بالعاصمة الصيني، في 4 فبراير، فإن المصالح القوية ستلزم الرجلين.

والصين لديها رأس مال للاستثمار، وتكنولوجيا للبيع، وشهية متنامية للنفط والغاز والسلع الأخرى. وعلى الرغم من الصعوبات التي يعانيها الاقتصاد الروسي، فإنه يكمل الاقتصاد الصيني، إذ يقدم الموارد الطبيعية التي يمكن توفيرها عبر خطوط الأنابيب والسكك الحديدية التي هي، على النقيض من طرق الإمداد البحرية، محصنة ضد الحصار من قبل القوات البحرية الأجنبية.

والشعور بالتاريخ يوحد القادة. ويرى كلاهما أن النظام العالمي يعاد تشكيله بسبب التعب الأميركي، ما يخلق فرصاً لاختبار وتقسيم الغرب الديمقراطي. ويقوم الدبلوماسيون وأجهزة الدعاية الصينية والروسية بنقل وتضخيم الروايات الموازية حول فوائد نظام القبضة الحديدية على النمط الأميركي. وتدل التدريبات العسكرية المشتركة على ثقة متنامية.

وفي خطاب ألقته، أخيراً، في أستراليا، بهدف حشد «الديمقراطيات المحبة للحرية»، وصفت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تروس، الصين وروسيا بأنهما متحالفتان و«أكثر جرأة بطريقة لم نشهدها منذ الحرب الباردة». ويشير المعلقون في واشنطن إلى أن الصين وروسيا تريان مصلحة مشتركة في مغامرة روسية مسلحة في أوكرانيا تختبر تصميم الرئيس جو بايدن.

ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك، بحجة أن بينغ قد يعتبر هجوماً روسياً دون منازع على أوكرانيا، على أنه يستطيع غزو تايوان بأمان، المتمتعة بالحكم الذاتي والبالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، والتي تطالب الصين باستعادتها. وفي هذه الرواية، فإن مخاوف الصين بشأن أوكرانيا هي في الغالب بشأن التوقيت.

وزعمت خدمة إخبارية أميركية أن الرئيس الصيني طلب من بوتين عدم الهجوم خلال الأولمبياد، نقلاً عن دبلوماسيين لم تسمّهم. ووصفت سفارة الصين في موسكو هذا التقرير بأنه «خدعة واستفزاز».

ولأن هذه الأسئلة مهمة، سعت «الإيكونومست» إلى الحصول على آراء الخبراء المتخصصين. وهم يرون أنه من الجهل تخيل أن زعماء الحزب الشيوعي قد يؤيدون الهجمات على أوكرانيا، ناهيك عن أن يروا فيها محاكاة تجريبية لغزو تايوان.

وصحيح أن العلماء الصينيين عادة ما يتذمرون عندما يشك الأجانب في أن الصين ليست سوى عملاق محب للسلام. وهؤلاء الأكاديميون ملزمون، أيضاً، برفض المقارنات بين الغزو الأجنبي والهجوم على تايوان، التي تعتبر الصين مصيرها مسألة داخلية. والأكثر إقناعاً أن الخبراء الصينيين شعروا بإهانة لفكرة أن الصراع في أوكرانيا سيشكل سابقة لشيء خطير مثل الحرب على تايوان. وهم لا يخفون اعتقادهم بأن روسيا ببساطة لا تهم أميركا بقدر أهمية الصين.

وفي الواقع، يقر هؤلاء بأن الصين ترد الجميل، وتفكر في المواجهة مع أميركا أكثر من الصداقة مع روسيا. وقد تكون العلاقات بين الصين وروسيا أقرب مما كانت عليه منذ أيام ماو وستالين، عندما كان الاتحاد السوفييتي هو «الأخ الأكبر» للصين، وقد كان راعياً متعجرفاً، لكن لا غنى عنه.

كانت الصين حذرة بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2014. وتماشياً مع تمسكها بوحدة أراضيها، امتنعت الصين عن التصويت عندما نظر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أزمة أوكرانيا في عام 2014. وألقى المسؤولون الصينيون باللوم على تدخل القوات الغربية المعادية بدلاً من روسيا. ولكن الصين لم تعترف قط بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وعملت منذ ذلك الحين على بناء التجارة مع أوكرانيا.

وانتقدت الصين العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على المسؤولين والبنوك والشركات الروسية، بعد عام 2014. ولكن البنوك والشركات الصينية الكبيرة لم تحاول خرقها، واضعة الوصول إلى الأسواق والأنظمة المالية الغربية أولاً. وساعدت الصين روسيا على تقليل نقاط ضعفها أمام العقوبات، ما سهّل استخدام الـ«يوان» الصيني، في بعض المدفوعات، بدلاً من الدولار. ولكن مثل هذه المبادرات كانت دائماً مقيدة بالضوابط الصينية على رأس المال.

وفي عام 2014، كانت لدى النخبة الروسية «توقعات ساذجة للغاية» بشأن المساعدة التي ستقدمها الصين، كما يقول ألكسندر جابيف، الخبير في الشؤون الصينية في مركز كارنيجي موسكو. والآن أصبح البلدان أكثر واقعية في ما يتعلق ببعضهما بعضاً، كما يقول، والعلاقات أقوى.

ويشير الخبير في شؤون روسيا في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، يانغ تشينغ، إلى أن صراعاً كبيراً في أوكرانيا لن يجلب سوى القليل من الفوائد لبوتين. ولكنه يجادل أيضاً بأن أميركا لديها القليل من الخيارات الجيدة. وعلى سبيل المثال، فإن العقوبات التي تضر بصادرات الطاقة الروسية تخاطر بتغذية التضخم الذي يضر بأميركا، كما يقول.

أما بالنسبة لمطالب روسيا بضمانات أمنية شاملة كثمن للسلام، فيمكن لبايدن إما قبولها والتأكيد على تراجع نفوذ أميركا، أو رفضها والمخاطرة بالاضطراب في أوكرانيا. ومع ذلك، لا يرى يانغ أي فائدة محددة للصين في مثل هذا الصدام، لأنه متأكد من أن الأولوية الخارجية لأميركا ستظل «الاستراتيجية الكبرى لاحتواء الصين».

إنه ليس وحده في تحليله. ومن منظور الصين، فإن الخلاف في أوكرانيا هو عرض جانبي محفوف بالمخاطر، وليس نافذة على أي نظام عالمي في المستقبل.

• يشير الخبير في شؤون روسيا في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، يانغ تشينغ، إلى أن صراعاً كبيراً في أوكرانيا لن يجلب سوى القليل من الفوائد لبوتين.

• عندما يرحب الرئيس شي جين بينغ بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يسميه «أفضل صديق له»، في قمة مخططة قبل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية فإن المصالح القوية ستلزم الرجلين.

تويتر