سعف النخيل والبيض الملوّن وشم النسيم تحوّله إلى عيد وطني

أسبوع احتفالي مصري يتعانق فيه الدين المسيحي.. بالفرعوني.. والتراثي

صورة

يحتفل أقباط مصر بـ«أسبوع الآلام»، الذي يبدأ بيوم «سبت النور»، وينتهي بيوم «عيد القيامة المجيد»، عبر احتفالات دينية متواصلة. بدأت الاحتفالات بـ«أحد السعف»، وهو ذكرى دخول السيد المسيح (عليه السلام) القدس، واستقبال أهل المدينة له بالسعف والزيتون وأغصان الشجر، وحتى «سبت النور» حيث ظهر النور في كنيسة القيامة، بحسب الاعتقاد المسيحي.

• تتداخل مع الاحتفالات الدينية المسيحية، ومع المناسبة الفرعونية، احتفالات أخرى، استنها «أهل الصعيد» عبر العصور الإسلامية المختلفة، توازياً وتضامناً وابتهاجاً بهذه الاحتفالات، حيث صنعوا يوماً موازياً لكل أيام الأسبوع الاحتفالي.

ويعتبر كل يوم من أسبوع الآلام تجسيداً لمعنى أو واقعة معينة، في المفهوم الديني المسيحي، فـ«الأحد»، هو أحد السعف ذكرى استقبال السيد المسيح (عليه السلام)، كما سبقت الإشارة، و«الإثنين» هو يوم «التينة الملعونة»، حيث ذكرى لعن السيد المسيح (عليه السلام) لشجرة التين الخادعة، التي تبدو من الخارج مزدانة بالأوراق ومن الداخل فارغة، والثلاثاء هو يوم «حماة بطرس»، الذي يوافق ذكرى مواجهة السيد المسيح (عليه السلام) لمجمع السنهدريم اليهودي، وأسئلته عن مصدر سلطاته، والأربعاء هو أربعاء يهوذا الخائن، والخميس هو خميس العهد، ذكرى العشاء الأخير، والجمعة هو جمعة الحزن العظيم على السيد المسيح (عليه السلام).

وقد تداخلت مع هذه الأعياد احتفالات عيد شم النسيم، الذي يعود أصله الفرعوني إلى 2700 قبل الميلاد، واسمه مشتق من كلمة «شمو»، التي تعني بالهيروغليفية «الحياة»، حيث تتساوى ساعات الليل بساعات النهار، بحسب خبراء مصريات.

وتتداخل مع الاحتفالات الدينية المسيحية، ومع المناسبة الفرعونية، احتفالات أخرى، استنها «أهل الصعيد» عبر العصور الإسلامية المختلفة، توازياً وتضامناً وابتهاجاً بهذه الاحتفالات، حيث صنعوا يوماً موازياً لكل أيام الأسبوع الاحتفالي، وأصبح هناك «أحد الملوحة»، وهو نوع من السمك المملح في جرار الفخار، مختلف عن الفسيخ في طول مدة تخزينه وشدة ملوحته، وإثنين «الدقة والبصل» و«الدقة هي نوع من البهارات تضم الكمون والسمسم والشطة وأشياء أخرى» لا تؤكل غالباً منفردة، وثلاثاء «تكسير الفاقوس»، حيث يشترط أن تكسر على الركبة، و«أربعاء أيوب» حيث يتم الاستحمام بنبات الغبيرة، و«خميس العدس» حيث يتم طهي العدس غير المقشور وتلطيخ الجدران به، و«جمعة المفروكة» حيث يتم طهي شيء يشبه الشعيرية من العجين المخلوط بالسكر، وسبت «تلوين البيض» حيث يلون البيض بألوان طبيعية، بحسب ما ذكر مؤرخ الأقصر الراحل سيد مسعود الأقصري، في كتابه عن «الأقصر».

الطريف أن بعض هذه الاحتفالات نسجت حول روايات قد لا تكون دقيقة، مثل «أربعاء أيوب»، حيث يفترض أن الاستحمام بالغبيرة هو الذي خلصه من المرض بعد فترة من الابتلاء، كما أن هناك طقوساً لم يعرف مبرر لها في الذاكرة الشعبية، مثل «أكل الدقة والبصل» أو «تلطيخ الجدران بالعدس غير المقشور»، أو أكل «المفروكة» يوم الجمعة، وإن كانت الأخيرة يتردد شعبياً أنها عادة فاطمية.

الجدير بالذكر أن معظم هذه الاحتفالات، التي كان المصريون، خصوصاً «أهل الصعيد»، يقومون بها قد اختفت بحكم عوامل كثيرة، ولم يتبق - شعبياً - سوى «سبت البيض» و«شم النسيم»، علاوة على «أحد السعف» طبعاً، عيداً مشتركاً لكل المصريين، وجامعاً للحمتهم الوطنية.


• «شم النسيم» عيد فرعوني يحتفل به المصريون حتى اليوم

يصادف عيد شم النسيم هذا العام 2018 التاسع من أبريل، إذ يرتبط هذا العيد منذ أيام الفراعنة بموسم الحصاد. أما اسم العيد فقد تغير على مر العصور، وأضيفت إليه كلمة «النسيم»، لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بالعيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.

وكان قدماء المصريين، في هذا اليوم، يحتفلون بالرقص والموسيقى، ويتناولون أطباقهم المفضلة مثل «بط الصيد» والإوز، ويشربون النبيذ الطازج، كما يأكلون السمك المملح (الفسيخ) والبصل الأخضر والليمون، وهو ما يأكله المصريون حتى اليوم.

وكان عيد الربيع (شم النسيم) عند المصريين القدماء يرمز إلى بداية حياة جديدة، وفقاً للجداريات المكتشفة. وكان الرجل يبدأ صباح هذا اليوم، حسب ما جاء فى البرديات القديمة، بإهداء زوجته زهرة اللوتس. وكان القدماء يجتمعون أمام الأهرامات ليشهدوا غروب الشمس، إذ عرف باسم «عيد شموش» أي بعث الحياة.

كذلك يقوم الكبار والصغار في شم النسيم، الذي يعتبر عطلة رسمية، بتلوين البيض صباحاً، ورسم مختلف الأشكال والزهور بألوانها الرائعة المناسبة للربيع، وهي عادة قديمة أيضاً مستمرة حتى الآن، إذ كان البيض الملون قديماً رمزاً للخلق والحياة. ويخرج المصريون إلى الحدائق العامة حاملين معهم ما لذ وطاب من حلوى وكعك ومسليات، بالإضافة إلى العصائر الطازجة المنعشة.

أما في وجبة الغداء، فيظل «الفسيخ» جزءاً أساسياً من عادات احتفال المصريين بالعيد، ويتم إعداده بالتمليح الشديد للسمك، بطريقة خاصة.

عن «دويتش ويلي»

تويتر