المنتجات السورية بديل للأوربية في لبنان في ظل الأزمة الاقتصادية

باتت المنتجات السورية تجذب الكثير من التجار والأشخاص العاديين في لبنان على حد سواء نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة مع مثيلاتها المستوردة من أوروبا.

ووجدت شريحة كبيرة من اللبنانيين في تلك المنتجات الأقل تكلفة، بديلا مناسبا خصوصا في ظل ما يعانيه بلدهم من أزمة مالية واقتصادية ألقت بظلالها على القوة الشرائية للمواطنين.

وقالت أحلام، وهي مندوبة مبيعات بمتجر للكمبيوتر في بيروت لوكالة أنباء "شينخوا"، "لقد استبدلت الكثير من مشترياتي بمنتجات سورية لأنني لا أستطيع شراء المنتجات المستوردة من أوروبا بعد الآن".

وتساءلت "كيف يمكنني تحمل تكلفة شراء المنتجات أوروبية المنشأ مع خفض راتبي إلى النصف وارتفاع الأسعار بأكثر من 40 في المائة في بعض الحالات".

وفي ظل الأزمة التي يعيشها لبنان، تراجعت وتيرة استيراد المنتجات الأوروبية بسبب شح العملة الأجنبية وارتفاع أسعار تلك المنتجات المقومة باليورو أو بالدولار وسط تراجع قيمة العملة الوطنية (الليرة).

ودفعت الأزمة الكثير من الشركات والمؤسسات الى الإقفال أو إلى تخفيض رواتب موظفيها وتقليص ساعات العمل أو تسريح عدد كبير من العمال.

وقال أمجد، الذي يعمل في مخبز في بيروت، "راتبي الذي أتقاضاه بالليرة اللبنانية انخفضت قيمته بشكل كبير بعدما ارتفع سعر الدولار في السوق اللبنانية".

وأوضح أمجد أنه يشتري المنتجات سورية الصنع بسعر أرخص بشكل ملحوظ من المنتجات المحلية أو الأوروبية.

ويركز المستهلكون اليوم على منتجات منخفضة السعر بغض النظر عن مصدرها، بحسب رئيس جمعية أصحاب المتاجر الكبرى نبيل فهد.

وقال فهد لـ "شينخوا"، إن "هناك ميزة كبرى للمنتجات السورية بواقع أسعارها المنخفضة مقارنة بغيرها".

وأوضح أنه لا يتم إضافة ضريبة القيمة المضافة على هذه المنتجات إذا دخلت البلاد بطريقة غير رسمية، لكن ما يتم إدخاله منها الى البلاد بشكل قانوني يتم تحميله بهذه الضريبة.

وتوجد المنتجات السورية في الغالب في محلات البقالة الصغيرة والطلب عليها في تزايد في الآونة الأخيرة بسبب تقلص القوة الشرائية لدى الناس، بحسب فهد.

وأوضح فهد أن انخفاض سعر الليرة السورية مقابل الدولار جعل المنتجات السورية تتمتع بجاذبية لدى التجار اللبنانيين مع انخفاض الليرة اللبنانية بدورها مقابل الدولار ونقص العملة الأجنبية في البلاد.

وتتنوع المنتجات السورية في لبنان ما بين مواد غذائية وأقمشة وملابس.

وقال التاجر السوري أحمد عرفات إنه يبيع منتجات سورية بالجملة لأصحاب المخازن اللبنانية التي يجول عليها بسيارة نصف نقل محملة بالأقمشة والقطنيات والملابس الداخلية والأدوات المنزلية.

وأكد عرفات لـ "شينخوا" أن الطلب كبير في السوق اللبنانية على هذه الأصناف إضافة الى المنتجات البلاستيكية والصناعات الغذائية ومواد التنظيف ومساحيق الغسيل.

وأوضح ان البضائع التي يبيعها تدخل لبنان بشكل شرعي ويتم تسديد الرسوم القانونية عليها.

لكن هناك منتجات سورية تدخل الى لبنان بطرق غير شرعية، بحسب التاجر السوري.

وعبر عرفات عن اعتقاده بأن التهريب الحاصل لا يهدف في حقيقته الى التهرب من الرسوم بقدر ما يستهدف كسب الوقت.

وأشار الى أن إجراءات دخول الشاحنات عبر المعابر الحدودية تأخذ وقتا ليس بقليل مما يؤخر وصول البضائع ويزيد من تكلفة النقل.

ولا يعد انخفاض قيمة الليرة اللبنانية السبب الوحيد وراء ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة، بحسب ممثل قطاع التجارة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال.

وأوضح رمال لـ "شينخوا" أن نقص السيولة بالعملة الأجنبية هو سبب إضافي لارتفاع أسعار المنتجات المستوردة.

وأشار الى ان الشح في العملة الأميركية في السوق المالي دفع المصارف إلى فرض قيود على عمليات سحب الدولار وعلى التحويلات الخارجية من قبل الأفراد والشركات.

وأضاف أن ذلك دفع المستوردين لسحب ودائعهم من البنوك بموجب شيكات مصرفية مصدقة تأكيدا للملاءة حيث يتم صرفها في شركات الصرافة مقابل عمولة تصل إلى 30% من قيمة الشيك.

وقال "يحتاج المستوردون إلى هذه العملية ليتمكنوا من الحصول على أموال نقدية لاستخدامها في استيراد منتجاتهم والحفاظ على عملياتهم التجارية".

وأضاف رمال "يمكن للمستوردين أيضا فتح خط ائتماني بالأموال النقدية السائلة وتحويلها إلى دول أجنبية لدفع ثمن وارداتهم لكن لا يمكنهم استخدام حسابات ودائعهم التي كانت متاحة في المصارف قبل الأزمة" في لبنان.

وبحسب رمال، فإن "على المستوردين زيادة أسعارهم لتعويض الخسارة في ودائعهم".

ويعتقد رمال أن تركيز الناس على المنتجات السورية له ما يبرره لافتا إلى أن بعض هذه المنتجات يدخل البلاد بطريقة غير قانونية مما يجعلها أقل سعرا من غيرها.

وتشتري محلات البقالة اللبنانية المنتجات السورية لأنها يمكن أن تدفع مقابلها شيكات للموردين الذين يمكنهم إيداع هذه الشيكات في حساباتهم المصرفية في لبنان.

وفي كثير من الحالات، يقبل الموردون السوريون الحصول على ثمن بضائعهم بالليرة اللبنانية.

وحث رئيس "جمعية حماية المستهلك" زهير برو وزارة الاقتصاد على السيطرة على الأسعار التي خرجت عن نطاق السيطرة.

وقال برو "لقد شهدنا زيادة في الأسعار بنسبة 40% في الأيام العشرة الماضية مقارنة بشهر سبتمبر 2019".

وأضاف أن محلات السوبر ماركت رفعت أسعارها على البضائع التي كانت في مستودعاتها وليس فقط على المنتجات المستوردة وسط غياب آليات السيطرة المناسبة من قبل الحكومة.

وتجلت الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان بأقسى معالمها بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في البلاد في 17 أكتوبر من العام الماضي.

وتتعهد الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب التي أطلقت على نفسها تسمية "حكومة مواجهة التحديات" بخطة إنقاذية للبنان تمتد حتى ثلاث سنوات.

ونالت حكومة دياب ثقة البرلمان في 11 من فبراير الجاري.

وتتضمن خطة حكومة دياب الإنقاذية سلة إصلاحات شاملة تتناول تصحيح المالية والإدارة العامة ومكافحة الفساد والهدر والعمل على خفض الدين العام مع إجراءات تحفز الانتقال من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج.

وخلفت حكومة دياب حكومة سعد الحريري التي استقالت في 29 أكتوبر الماضي تحت وطأة احتجاجات مستمرة كانت اندلعت في لبنان في 17 أكتوبر مطالبة بحكومة اختصاصيين مستقلة قادرة على معالجة الوضعين السياسي والاقتصادي في البلاد.

تويتر