الاتحاد الأوروبي يواجه صعوبة في الخروج بحلول للأزمة

عمليات بيع المهاجرين رقيقاً في ليبيا معروفة لدى الحكام والدول

مهاجرون في قاعدة بحرية في طرابلس بعد أن أنقذتهم البحرية الليبية. رويترز

إن كانت الانتهاكات التي يتعرض لها آلاف المهاجرين الأفارقة في ليبيا من اغتصاب وتعذيب وعبودية تثير اليوم تنديداً شديداً من القادة الغربيين والأفارقة على السواء، فهي كانت معروفة منذ وقت طويل، بحسب منظمات غير حكومية ومحللين حذروا من هذا الوضع منذ أشهر، بينما يجد الاتحاد الأوروبي، خلال محاولته لضبط حركة تدفق اللاجئين، صعوبة في الخروج بحلول لهؤلاء المهاجرين الذين يقعون تحت رحمة المهربين ويواجهون معاناة فضحها الكثيرون في وسائل الإعلام.

وأثارت مشاهد التقطت سراً لمزاد ليلي يباع فيه شباب أفارقة رقيقاً في محيط طرابلس، صدمة كبرى حين بثتها شبكة «سي إن إن» الأميركية في 14 نوفمبر، وانتشرت بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

الأمم المتحدة تنتقد (سياسة الاتحاد الأوروبي القاضية بمساعدة خفر السواحل الليبيين على اعتراض المهاجرين وإعادتهم)، وتصفها بأنها (لا إنسانية).

وإزاء حملة التنديد الشديد، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن صدمته، داعياً الى محاكمة المسؤولين عن العملية بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية. فيما أبدى رئيس الاتحاد الإفريقي، ألفا كوندي، «استنكاره» والاتحاد الأوروبي «اشمئزازه»، وطالبت فرنسا بعقد اجتماع «عاجل» لمجلس الأمن الدولي.

ويندد المحلل السنغالي في مركز «إفريقيا الأفكار» للدراسات، حميدو آن، بـ«الخبث»، قائلاً «باستثناء المواطن العادي، كان الجميع يعلمون، الحكام والمنظمات الدولية والقادة السياسيون».

ويقول مدير قسم غرب ووسط إفريقيا في منظمة العفو الدولية، عليون تين، الذي يتخذ من داكار مقراً، إن «احتجاز الرهائن والعنف والتعذيب والاغتصاب، كلها أعمال شائعة في ليبيا، ونتكلم عن الرقيق منذ وقت طويل».

وباتت ليبيا الغارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، مركز مرور للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الساعين للوصول إلى أوروبا.

وكان شاب غامبي يُدعى كارامو كيتا (27 عاماً) قال في سبتمبر لوكالة «فرنس برس» بعد إعادته الى بلاده من ليبيا، «في ليبيا، ليس للسود أي حق».

وكانت منظمات مساعدة المهاجرين تنبّه باستمرار إلى تدهور الوضع.

وأفادت منظمة الهجرة الدولية منذ ابريل عن وجود «أسواق للرقيق» في ليبيا. وقال المتحدث باسم المنظمة في جنيف، ليونارد دويل، في ذلك الحين «إنهم يتحولون فيها إلى بضائع معروضة للشراء والبيع والرمي حين لا تعود لها قيمة».

كما نددت رئيسة منظمة أطباء بلا حدود، جوان ليو، في رسالة مفتوحة إلى الحكومات الأوروبية في سبتمبر بـ«شبكة واسعة من الخطف والتعذيب والابتزاز» في ليبيا.

وكتبت «في جهودها من أجل احتواء تدفق (المهاجرين)، هل ستكون الحكومات الأوروبية مستعدة لتحمّل ثمن الاغتصاب والتعذيب والعبودية؟»، قبل أن تختم «لن يكون بوسعنا القول إننا لم نكن نعلم».

وفي منتصف نوفمبر، انتقد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، «سياسة الاتحاد الأوروبي القاضية بمساعدة خفر السواحل الليبيين على اعتراض المهاجرين وإعادتهم»، ووصفها بأنها «لا إنسانية».

ورفضت بروكسل هذه التهمة، مشيرة إلى جهودها من أجل «إنقاذ أرواح» في البحر و«تسهيل وصول منظمة الهجرة الدولية والمفوضية السامية للاجئين إلى مراكز الاحتجاز في ليبيا حتى تتمكنا من زيادة مستوى المساعدة وتنظيم عملية عودة طوعية».

ويرى عليون تين أن أوروبا، بطرح نفسها بمثابة «حصن مصمِّم، مهما كان الثمن، على وقف» تدفق المهاجرين، فإنها تتحمّل «مسؤولية أساسية» في الكارثة الحالية، مشيراً إلى أنها ليست الوحيدة المسؤولة.

ويتابع: «إن الدول الإفريقية لا تقوم بشيء لإبقاء الشبان في بلادهم وتأمين عمل لهم. ليست لديها سياسة هجرة».

ويقول حميدو آن «لا يمكن أن يستمر الوضع على حاله. نحن أمام جريمة بحق الإنسانية، لا نستنكر بل نتصرف»، منتقداً تقاعس القادة الأفارقة و«العنصرية المعممة في دول المغرب».

ويضيف: «ينبغي الذهاب لجلب هؤلاء الشبان الموجودين في مراكز الاحتجاز أو الذين يباعون رقيقاً»، في وقت عرضت رواندا، أول من أمس، استقبال 30 ألفاً من المهاجرين.

ويدعو عليون تين إلى إدراج مسألة استئصال العبودية على جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي في 29 و30 نوفمبر في أبيدجان عملاً باقتراح رئيس النيجر، محمدو يوسفو.

ويختم: «ينبغي تشكيل لجنة تحقيق محايدة لمعرفة كيف يتم تنظيم عمليات التهريب هذه ومن هم المسؤولون عنها، وليتحمل الكل مسؤولياته».

تويتر