كـل يــوم

تقييم للتطوير أم للإزالة!

سامي الريامي

لا أعتقد أبداً أن هناك مسؤولاً تنفيذياً كبيراً في الدولة لم يتعرف بَعْدُ إلى طريقة عمل الشركات الاستشارية التي تروج لقدرتها على تطوير العمل الإداري، أو إعداد الهياكل الإدارية، وفي الوقت نفسه لا أعتقد، أيضاً، أن هناك مديراً عاماً أو رئيس دائرة لم يكتشف إلى الآن ضعف هذه الشركات، وقلة فائدتها، فمعظم، إن لم أقل جميع، من طلبوا خدمات هذه الشركات دفعوا مبالغ طائلة، ولم يستفيدوا منها شيئاً، ثم أعادوا تطوير أعمالهم وهياكلهم الإدارية بفرق عمل داخلية!

الغريب أن من يطلب خدمات هذه الشركات، هذه المرة، مؤسسة تعليمية رائدة، يفترض أنها المزوّد الرئيس للخبرات والكفاءات والأكاديميين المواطنين، الذين باستطاعتهم، وفقاً لقدراتهم ومؤهلاتهم، أن يسهموا في تطوير عمل مختلف الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، لاسيما جامعتهم التي يعملون فيها، لكنهم للأسف وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها محط تقييم، بل ومعرضين للإزاحة من مناصبهم، حسب تقييم أفراد لا علاقة لهم بتقييم الجامعات!

إلزام القيادات الأكاديمية والعلمية والإدارية في جامعة الإمارات بأخذ اختبارات لقياس الشخصية، من قبل «شركة تجارية»، تفتقر إلى الخبرة في العمل الأكاديمي والعلمي، أمر مستغرب حقاً، خصوصاً أن هذه الاختبارات (الضعيفة) تشمل كل القيادات الأكاديمية والعلمية، من نواب مدير الجامعة، إلى عمداء الكليات، ووكلاء الكليات، ومديري المراكز البحثية والعلمية، ممن أمضوا سنين طويلة في العمل البحثي والتدريسي، ثم تأتي شركة غير متخصصة لقياس قدراتهم، فماذا عساها أن تقيس أو تعرف عنهم!

الجامعات العالمية تخضع لأساليب عملية وعلمية متعارف عليها في قياس القدرات، من ضمنها درجة تأثير الأبحاث، والقدرات التدريسية، وخدمة المجتمع، والإنجاز هو أهم قياس، وما يحدث الآن في الجامعة بعيد عن كل ذلك!

مرت الجامعة، خلال السنتين الماضيتين، بتجربة لم يسبق أن مرت بها خلال عمرها المديد، وهي الاعتماد المبالغ فيه على الشركات الاستشارية، التي تولد شركات استشارية أخرى، لإدارة شؤون الجامعة، الأمر الذي همّش الإدارات المعنية، وأبعدها عن ممارسة أدوارها الأساسية، مع ارتفاع فاتورة الصرف على الشركات الاستشارية التي ليست لها علاقة بالعمل الأكاديمي أو الجامعي، ومن المفارقة أن الذي يقود هذه العملية، يعمل حالياً مستشاراً، وسبق له العمل في الشركة ذاتها التي جُلبت للجامعة، فهل هذا من قبيل المصادفة!

من الواضح أن التقييم هو مدخل للإزالة وليس للتطوير، على ما يبدو، فقد تم تهميش مديرة إدارة الموارد البشرية، وتم منح الصلاحيات لامرأة «أجنبية» تعمل بوظيفة خبير، وتم منحها لقب المدير التنفيذي للموارد البشرية، وكذلك تم تعيين موظفين أجانب بالإدارة مكان مواطنين، في وظائف إشرافية وإدارية بعقود، ما يخالف قرار مجلس الوزراء بشأن التوطين، ويعتبر تضليلاً لنسبة التوطين في المؤسسة.

وكذلك تم تعيين أجنبي في وظيفة مدير تسويق، في تصنيف الجامعات، وتم تعيين مدير أجنبي لتوظيف الخريجين، كما تم الاستغناء عن رئيسة قسم الشؤون المالية المواطنة، واستبدالها بوافد، وتم إبعاد مدير إدارة تطوير الحرم الجامعي المواطن من وظيفته، ونقله إلى مكتب الأمين العام، وكذلك تم إبعاد مساعد العميد لشؤون القبول (مواطن)، ونقله إلى مكتب نائب المدير، وتم إبعاد النائب المشارك من وظيفته، ونقله مستشاراً في مكتب المدير، وتم استبعاد الأمين العام (مواطن)، ويعمل الآن أستاذاً عادياً في الكلية، مع عدم وجود بديل، كما تم استبعاد مدير الجامعة، وإلى الآن لا يوجد مدير، فهل لنا أن نعرف لماذا؟ وهل كان هؤلاء جميعهم ضعافاً، وغير أكفاء، ولا يستحقون مناصبهم التي عملوا فيها سنوات عدة، وكانت الجامعة تتطور وتتقدم بشكل لافت؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر