كـل يــوم

تراجع الخصوبة تحدٍّ خطر يحتاج إلى وقفة

سامي الريامي

التحديات المستقبلية، التي تواجهنا كمدينة متطورة ودائمة النمو كثيرةٌ ومتعددةٌ، ومن أجل ذلك يعمل الجميع - من الآن - لوضع استراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى، لمواجهة تلك التحديات، وهذه الاستراتيجيات يجب أن تبدأ بتحليل الوضع الحالي، والبناء عليه وفقاً للأرقام والمؤشرات، لمعرفة مدى خطورة التحدي، والإمكانات والحلول التي يجب وضعها للتخفيف من حدّته، أو تجنب وقوعه.

وفي اعتقادي الشخصي أن أحد أكبر التحديات المستقبلية التي تواجهنا، في دبي تحديداً، هو انخفاض نسبة الخصوبة بين المواطنين، وتراجع أعداد أبناء الأسرة المواطنة، لتصبح عند البعض لا تتجاوز الطفلين أو الثلاثة في أفضل الأحوال، وهذا يعني تراجعاً كبيراً في نسبة المواطنين، مقابل نسبة مواليد غير المواطنين، ونسبة قدومهم واستقرارهم في المدينة، ما يعني أن قوة العنصر البشري المواطن القادر على ضمان استدامة الإدارة والتميز والنمو ستواجه ضعفاً شديداً على المدى البعيد، ما سيترك دون شكّ أثراً سلبياً بالغ الحدة.

أرقام الخصوبة تتراجع في دبي بشكل سنوي تقريباً، ووفقاً لهذه الأرقام فإنها بلغت 3.1، عام 2016، بعد أن كانت 3.4، عام 2014، بانخفاض واضح بلغ 0.3، ولو افترضنا وفق هذا المؤشر تراجعاً مشابهاً في هذا العام (2018)، فإن النسبة ستصل إلى 2.8، ما يؤكد فرضية اكتفاء الأسر المواطنة الحالية بطفلين، وهذه دون شكّ مشكلة مستقبلية ضخمة، حيث تعني تراجعاً حاداً في أعداد المواطنين في سوق العمل والإدارة على المدى البعيد!

الأهم الآن أن نُدرك خطورة الوضع الراهن، وبناء عليه لابد من قرارات وخطط واستراتيجيات، فورية ومتوسطة وبعيدة المدى، لمعالجة هذا الوضع، والعمل بشكل جدّي لرفع هذه النسبة بشكل ملاحظ خلال السنوات المقبلة، ولعل أولى الخطوات الواجب اتخاذها بشكل عاجل، هي مراجعة الكثير من القوانين التي لا تتناسب أبداً مع وضعنا الديموغرافي الحالي، ففي كثير منها نشعر بأنها تعاكس الوضع، وتساعد على منع الإنجاب، لا التشجيع عليه، منها على سبيل المثال إلغاء علاوة الأبناء بشكل مفاجئ ودون دراسة آثار القرار سلباً في المواطنين، وربما هذا القرار هو سبب مباشر في تراجع نسبة الخصوبة، هذا ليس استنتاجي، وإنما الأرقام تثبت ذلك!

ليس هذا فحسب، بل حصر الامتيازات الأخرى في ثلاثة أبناء فقط، ما يعني أن مثل هذه القوانين هي التي كرّست ذلك العدد من الأبناء لدى الأُسر الإماراتية، ولا ندري أبداً ما الهدف من ذلك، فنحن لسنا في الصين أو مصر، نحن بحاجة إلى أعداد أكبر من المواطنين لاستمرار مسيرة التطور والنمو والازدهار الاقتصادي والتجاري والاجتماعي.

لابد من التحرك الآن، وعدم تأجيل أو تأخير إقرار سياسات عامة، تعمل على تحفيز وتشجيع المواطنين على الإنجاب، فهذا ليس ترفاً، بل ضرورة قصوى يحتمها علينا الوضع الذي وصلنا إليه!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر